أدب وفنون

“أزمة السيناريو والاقتباس”.. مختصون يناقشون خلافات السينمائيين والأدباء بمهرجان طنجة

نظم المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، مائدة مستديرة حول “الاقتباس السينمائي للأعمال الأدبية” جمعت عددا من المختصين في المجال السينمائي بينهم مخرجون وكتاب سيناريو ونقاد، وقفوا خلالها على الخلافات القديمة الجديدة بين الروائيين والسينمائيين وتأثير ذلك على جودة منتوج الفن السابع، مع تقديم مقترحات لتقريب وجهتي نظر الطرفين من أجل خدمة الإبداع الفني في النهاية.

وفي هذا الصدد، قال الناقد والباحث السينمائي حمادي كيروم، إنه لا ينبغي أن يفكر المخرج في الاقتباس كإجراء سهل دون استعمال مخيلته، معتبرا أنه لا يجب إعادة طرح سؤال الاقتباس في الأعمال الأدبية لأنه “ساذج”، وجعل ما صنعه الروائيون والمسرحيون والتشكيليون والموسيقيين أداة لتفكير السينما.

وأضاف كيروم في مداخلته، أن السينما المغربية تعيش أزمة في الكتابة، وتحتاج إلى تكوين الطلاب الذين يرغبون بمزاولة الإخراج بشكل جيد في المدارس المختصة، مشيرا إلى  أن الاقتباس عمل يحرك الوعي واللاوعي للقبض على ما هو نائم في النص والرواية، وما لم يقله الروائي.

من جهته، اعتبر حميد عيدوني مسؤول مختبر الدراسات السينمائية والسمعية البصرية بجامعة عبد المالك السعدي، أن التشنج الحاصل في العلاقة بين السينمائي والأديب بسبب ما يمكن تسميته بـ”الخيانة أو عدم الخيانة لنص”، مشددا على أن خيانة النص موجودة في جميع الحالات، لأنه يتم المرور من طريقة في التعبير إلى أخرى، إضافة إلى نوع من الاختيار لأنه لا يمكن تجسيد النص الأدبي بكامله.

ورأى عيدوني في تصريح لـ”العمق” أنه على الكُتاب أن يقبلوا بهذه الخيانة، وأن يعتبروا أن الفيلم هو لحظة من لحظات النص وليس اللحظة التي تعبر عن النص بأكمله، على غرار النص المسرحي الذي يتم التعبير عنه بطرق متعددة ولا يتم اعتبار ذلك خيانة للنص.

وأشار ذات المتحدث، إلى أن ما يجب البحث عنه هو كيفية خلق فضاء موحد يلتقي فيه السينمائيون والأدباء، دون فرض، ويرغبا في الاشتغال معا، على غرار مجموعة من النماذج “الديو” الناجحة في أوروبا التي تعمل مع بعضها دون تشنج.

ولفت الباحث السينمائي، إلى أن السينما المغربية انتبهت للرواية بشكل متأخر عكس نظيرتها العالمية، مشيرا إلى أن هناك مجموعة من المحاولات المغربية في هذا الصدد منها فيلم الجيلالي فرحاتي “سرير الأسرار” المقتبس عن رواية بنفس العنوان للروائي المغربي البشير الدامون، و”بولنوار” للمخرج حميد الزوغي الذي اشتغل على رواية لعثمان أشقرا وهي أعمال غير ممأسسة ولا يجب أن تمأسس، على حد تعبيره.

وتابع عيدوني، أن “الاقتباس من الأعمال الغربية مسألة إيجابية ولا يجب أن يكون مشكلا، فالعلاقة مع الآخر في عالم اليوم يجب أن يحكمها الإبداع بالدرجة الأولى، وهناك أعمال يابانية اعتمدت على شكسبير لأنه عبر عن الإنسان بشموليته بغض النظر عن عن جنسيته وعرقه، كما أن هناك نصوص جميلة يمكن الاشتغال عليها”.

وعن تأثير الاقتباس من الغرب على الهوية المغربية، أوضح عيدوني، أن الهوية الخالصة اليوم غير موجودة لأن المجتمع انفتح على الآخر في جميع المجالات ولا يمكن منع السينما من ذلك، مؤكدا على أنه مع الاشتغال على الهوية الوطنية من أجل تقويتها.

عبد الكريم أوبلا الباحث السينمائي، أكد بدوره في تصريح لـ”العمق” على أهمية الاقتباس في تطوير السينما، مشيرا إلى أن الأخير الذي بدءه وبدع فيه جورج ميلييس وطوره سينمائييون آخرين أدى لوصول السينما الغربية لما هي عليه اليوم، وبدونه كان من الممكن أن تكون في وضع آخر.

واعتبر عبد الكريم أوبلا، أن غضب بعض الروائيين على السينمائيين الذين يقتبسون بحرية لا تناسبهم لا يجب أن يكون، وعلى الأديب بعد أن يمنح حقوق الاقتباس للمخرج أن يتحلى بالشاعة الأدبية ولا ينزعج من التغيرات التي تطرأ في الفيلم لأنه ليس ملكه، والجمهور سيحكم عليه من خلال قراءته لروايته وليس مشاهدته للفيلم، داعيا الطلبة في المجال السينمائي إلى القراءة من أجل الخروج من أزمة الكتابة وتحقيق الإبداع.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *