وجهة نظر

دروس من غزة

لك الله يا غزة فلسنا لك ، لك الله يا غزة فلست لنا
مليار نحن من البشر ، في وحدتنا صعقة القدر
في زمن أشلاء الشهداء ، ننعي وحدتنا المزعزمة
في زمن أشلاء الشهداء ، ننعي الأصل العربي والشرف العربي والدم العربي
في زمن الحرب على غزة ، يرثي العربي زمن العزة
ويبكي قيمته، وضعفه ، وتخاذله…
ألا رحم الله مثواك يا صلاح الدين، ألا رحم الله مثواكم يا ابن العزة!
فأين انتم نسل العزة؟ نقتفي أثر نخوتكم ولاخبر، نترقب غضبتكم ولا أثر….
الأطفال كما النساء في غزة يقتلون ويحرقون … محاصرون، جائعون، عطاشى، عراة ، معطوبون…
فأين أنت يا عربي ؟!
الأمة تغرق في دمائها، والأرض تنوء بقتلاها، فأين أنت يا عربي ؟
أمشغول _ كما هو دأبك _ بيومياتك الرتيبة ( أكل وشرب ونوم …)، و بمواعيدك العجيبة (مشاهدة التلفاز ، الجلوس بالمقهى ومتابعة نوادي كرة القدم، والطائرة، والسلة، واليد … المفضلة لديك في كل من اوربا وامريكا لللاتينية وآسيا وافريقيا…)
على نخب أشلاء الشهداء تحتسي كأسك ، وعلى محرقة غزة تتفرج ، وبالحجج الواهية تحلل وتتحجج …
يا إلهي !كم هو مخز موقفك يا عربي ! وكم هي مذلة توصيات من يتكلمون بصوتك ، وينافحون عن قضيتك ، ويعزفون من منابر الدفء والترف ، وعلى إيقاع أنشودتهم البالية (نشجب ، نندد، نستنكر….ندعو لوقف إطلاق النار..)
يعزفون وهم المتخاذلون الظالمون:
ولله در الشاعر حين قال:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة # على النفس من وقع الحسام المهند
فهل تتصورون يا أبناء جلدتي حجم المأساة ؟ !
رقعة أرض تكالب على أهلها لأكثر من شهر ونصف الشهر بنو صهيون والأمريكان وحاصروها برا وبحرا وجوا ….فسفكوا الدماء وأحرقوا الإنسان كما البنيان ودكوا المستشفيات وزلزلوا الديار ….
رقعة أرض تنوء بقتلاها ، فيسأل الناجون المكلومون فيها ، عن شربة ماء ورغيف خبز و جرعة دواء …
يسألون الجيران وأهل العروبة والإسلام ، يسألون وقد بحث عقائرهم … ولا جواب كاف ولا غوث شاف ..وما أقساه الشعور بالخذلان !

هل تتصورون أبناء جلدتي الذي يجري على أرض تلك الرقعة ، أم أنكم ألفتم صور المأساة …وطبعتم مع الأيادي المبتورة، والاشلاء المنشورة ، فما عادت تهزكم القبور الجماعية ، ولا الصرخات والصيحات العالية التي تتوسلكم موقفا ، ولا موقف !
هل تتصورون وتتخيلون ، أم أنكم أو لنقل بعضكم خارج التغطية وخارج الأحداث!
أجيبوا وراعوا العقل المنهك في إجاباتكم يرعاكم الله .
هل تنتهي المأساة بهدنة مؤقتة؟
بإدخال علبة حليب وقنينة دواء؟!هل التنديدات الغاضبة اشهر أدوارنا ؟
هل المسيرات والوقفات تهدئ جرح ضمائرنا ؟!
هل حملة تبرع بالدم تكفي!
هل المقاطعة الموسمية والمشروطة لبضائع إسرائيل وحلفائها …أروع ادوارنا ؟!
لا والله …
المواقف النبيلة على أهميتها لا تؤتي أكلها ما لم تكن عامة وممتدة في الزمن والمكان …ما لم تنتقل عدواها الى الكبير كما الصغير …الأمي كما المثقف ، الإسلامي كما اليساري …
وبالجملة ، إنها معركة من أجل الإنسانية ، لا تتعدد حولها وجهات النظر …

وإلى أن نستفيق جميعا من أخذة التخاذل نحن العرب تحديدا ، حيال أهلنا في غزة ، أولئك الذين يرابطون دفاعا عن شرف الأمة وحلم الأمة وأمل الامة ..
ممن رضعوا حليب الثورة ، واسترخصوا الغالي والنفيس دودا عن الأرض ، أولى القبلتين وثالث الحرمين..
ممن اكتووا بحرقة العدو السافر ، فلم ينبطحوا ولم يركعوا ولم يبيعوا ولابدلوا تبديلا…

قلت ، إلى أن نستفيق من أخذة الخذلان ونستفيق معها من أخذة العجب بأسطوانة مشروخة عنوانها “عدالة الغرب” و”ديمقراطية الغرب” …
سنسجل بحبر الثقة في الله وحده ،وفي عقيدة أهلنا في غزة أيا كانت نتيجة المعركة النهائية ، وإنا لنراها نصرا مؤزرا بإذن الله ، ان الذي جرى ويجري في غزة العزة درس من دروس أهل الثبات على الحق ، وايمانهم بقضيتهم العادلة …
وسنسجل بالمقابل ، أن معركة غزة امتحان حقيقي لمنظومة حقوق غربية رسخوا فينا انها راقية ومنصفة .. و وصفها لنا أساتذتنا والكتب التي طالعناها بأنها ” ولا أعدل !

وسنسجل بلا ملل من خلال وقائع المعركة التي تصلنا رغم الهدم والردم ورغم التقتيل والتنكيل ، أن النصر ليس جهازا وأبنية ، لا ولا صواريخ وذبابات فقط ، بل النصر عقيدة وفكر ، إيمان ووحدة، مقاومة ورجولة….
المقاومة التي تولد معهم هناك ، وتكبر فينهم وقد رضعوها من أثداء أمهاتهم حليبا ممزوجا بطعم الصلابة لا الذلال .
فهل استوعبنا نحن الدروس جيدا ؟! أم اننا عاهدنا الله أن لا نشهر سيفا ولا نحمي عرضا ، ولا ننصر جارا ، ولا نرد معتديا ولا ولا ولا ..
وحسبي الله ونعم الوكيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *