منتدى العمق

ال SVT أو الزفت !؟

مرارا حاولت الكتابة في الموضوع وترددت، ثم أحجمت.. لكنه ظل ملحا .. فاليوم عندما سألت تلاميذ عن امتحان الرياضيات قالت واحدة منهم: “أنا لم أجب بشكل جيد” ومبررها “حنا svt كايعطوينا أساتذة اللي ما كايشرحوش مزيان“. طبعا لست متفقا مع رأيها وحاولت تصويبه، لكن بلا شك عندها حظ ما من الصواب، وقبلها في السنة الماضية كان عندي قسم من هذه الشعبة وقالوا لي “حنا گاع ما كايحملونا الأساتذة اللي دخلنا عندو كايتشكى” وبعد ذلك وقبله فبعض زملاء المهنة يسميها شعبة ZFT.. ثم إن نسبة النجاح في هذه الشعبة بالمقارنة مع الشعب الأخرى فعلا زفت.. وكثير منا ينفر من تدريسها لأنها عادة تضم كثيرا من التلاميذ المتعثرين وغير المنضبطين، وبالتالي لكم أن تتخيلوا جو القسم إذا ما قورن مثلا بشعبة الرياضيات أو الفيزياء…

يختار المتفوقون أو يُوجهون إلى الرياضيات أو الفيزياء ويختار الآخرون شعب الآداب.. وما تبقى من الحائرين وما أكثرهم أو ممن أرغمتهم أسرهم على أن يكونوا علميين على “عين الناس” أو لست أدري يختارون علوم الحياة والأرض.. طبعا صحة ما قلته الآن يظل نسبيا لكنه يحوي حظا وافرا من الحقيقة حسب تجربتي الميدانية.. وهذا لا يعني غياب تلاميذ اختاروا هذه الشعبة عن حب وتفوقوا فيها وأعرف نماذج من هؤلاء وهم أيضا يشتكون من جو القسم ونوع من “الحگرة” تجاه شعبتهم المفضلة.

مادة علوم الحياة والأرض من أجمل المواد التي ينبغي أن يُقبل عليها المتعلمون، وكثيرا ما يحبونها فهي علم يرتبط بالحياة والأرض بالناس والصحة والبيئة… علم تجريبي حي وليس مجرد كلام في الهواء كما يمكن أن يحدث في بعض المواد.. شخصيا ما زلت أذكر كثيرا من تفاصيل دروس المناعة والخبر الوراثي والتوالد.. وهل يمكن لنا أن ننسى درس التوالد حيث يجتمع الفضول والحشمة المصطنعة في كثير من الأحيان… فلماذا إذن يتحول مثل هذا العلم النافع إلى شعبة منبوذة؟

كثير من زملائي وفي نقاشات متعددة يجمعون أن وجود هذه الشعبة ليس ضروريا.. فقد كانت شعبة العلوم التجريبية أحسن لأنها تجمع تلاميذ العلوم المختلفة بدل هذا التخصيص الضيق المريض الذي يغربل التلاميذ.. ويعيد غربلتهم ويقتل المنافسة ويكرس الطبقية حتى داخل المدرسة.. فيتسابق الأساتذة إلى أقسام شعب الرياضيات والفيزياء وتعطى أقسامهم أحيانا بالمحاباة والتزلف فهم في الغالب تلاميذ منضبطون وفيهم ربح “السوايع” عند البعض، وأيضا يصنعون سمعة للأستاذ فحظوظ نجاحهم كبيرة وبالتالي يظن البعض أنهم نجحوا لأن الأساتذة الذين درسوهم أفضل من الأساتذة الذين درسوا شعبة “الزفت” تلك.. وهذا فيه ظلم كبير لكثير من الأساتذة الذين يطلب منهم تعليم الفيل مهارة تسلق الأشجار ثم يقال لهم انظر إلى زميلكم كيف جعل من القرد ماهرا في القفز -أرجو التركيز على مقصدية التشبيه هنا وليس التشبيه في ذاته- ثم أين المختبرات والتجارب أين الفئران والضفادع والنباتات والأحجار.. لماذا اختفت التجارب وبقيت المختبرات غير صالحة إلا لشاي الاستراحة؟ وهل التجربة هي أن يعرض المدرس فيديوهات من اليوتوب من حاسوبه الخاص على التلاميذ داخل القسم أو يبعث لهم رابطا في الواتساب!؟

لهذا ولغيره أسائلكم سيدي الوزير المحترم؟

أليس الأجدر بنا أن نعود إلى شعبة العلوم التجريبية ونترك أمر الفيزياء والكمياء والجيولوجيا والبيولوجيا إلى الجامعة؟

جوابي: بلى. يجدر بنا ذلك وبسرعة.

التعليل: إن منظومتنا التربوية المزفتة هي التي جعلت من sciences de la vie et de la terre زفتا، وليس تشابه النطق بين الاختصار svt والزفت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *