سياسة

هل ينسف التقارب المغربي المالي مصالح النظام الجزائري في غرب إفريقيا؟

المغرب الجزائر

شهدت العلاقات المغربية مع دول الساحل خلال الأسابيع القليلة الماضية ديناميكية متسارعة، نتيجة لرغبة المملكة في تحقيق مزيد من الانفتاح على عمقها الإفريقي، عن طريق مبادرة لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي.

إلا أن التقارب بين المغرب ومختلف دول الساحل، وعلى رأسها دولة مالي، أضحى يشكل قلقا بالنسبة للجارة الشرقية، بل تعتبره تهديدا لأمنها واستقرارها، حسب ما كشف عنه تقرير مخابراتي جزائري.

وحسب تقرير للجهاز المخابراتي الجزائري نشرته صحيفة “مغرب إنتلجنس”، فإن قصر المرادية يحذر من التقارب المغربي المالي، مشيرا إلى أن مبادرة الأطلسي تغذي المخاوف أكثر لدى الأجهزة الجزائرية.

معطيات تطرح معها العديد من التساؤلات المتعلقة أساسا بالأسباب الكامنة وراء هذا التخوف؟ وكيف يؤثر انفتاح المغرب على عمقه الإفريقي على المصالح الجزائرية بدول الساحل؟.

إجابة عن هذه التساؤلات، أوضح خبير العلاقات الدولية، محمد شقير، أن مالي تربطها حدود مشتركة مع الجزائر، وهي حدود تعاني من مشاكل نتيجة لبعض الانتفاضات.

وأضاف أن التحرك الجزائري الأخير ومحاولة التدخل وهي تعاني من مشاكل وأزمات إنتفاضة، والتحرك الأخير للجزائر في محاولة التدخل في المسألة تخص الأزواد ومالي، ما كان له تأثير سلبي على العلاقات بين الجانبين وهو ما عبرت عنه مالي معتبرا أنه تدخل سافر في شؤونها الداخلية.

وفي حديثه مع “العمق”، شدد المتحدث على أن الصراع المغربي الجزائري يجعل الأخيرة ترى أن أي تقارب مغربي مالي، يمثل خطوة لمحاصرتها وتطويقها من الجنوب، كما يساهم في تقوية التواجد المغربي بدول الساحل خاصة بعد تراجع النفوذ الفرنسي داخل المنطقة.

واعتبر أن ذلك مكن المغرب من حضور قوي داخل المنطقة سواء من خلال الدبلوماسية المغربية المتسمة بعدم التدخل والمساعدة على حل المشاكل دون المساس بسيادة أو التدخل في شؤون أي طرف، وهو أمر في غاية الأهمية بالنسبة لدول الساحل.

وأشار شقير إلى أن المبادرة الأخيرة للأطلسي أضحت تعتبره الجزائر خطرا على مصالحها، وتهديدا يطرح معه مخاوف تشكيل تحالف وتكتل يضم كل دول الساحل، وهو ما يشكل بالنسبة للجزائر تهديدا وتقوية للنفوذ المغربية على حساب الجزائر، التي تجمعها حدود مشتركة مع مختلف دول الساحل.

من جانبه، اعتبر خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، أن العلاقات المغربية المالية ليست وليدة اليوم ولا تتأثر  بالديناميكية التي تضبط التوجهات السيادية في السياسة الخارجية للسلطات المالية، وبالتالي فالخلاف الدبلوماسي لباماكو مع الجزائر لا يمكن اعتباره فرصة للمغرب كما تتخوف منه الجزائر وتروج لها مؤسساتها.

وأضاف المتحدث أن المملكة تربطها علاقات تاريخية وموروث روحي يجمع بينه وبين دولة مالي، مضيفا أن التضليل الذي تسعى المؤسسات الجزائرية للتسويق له، كون أن الرباط تسعى للركوب على الخلافات السياسية بين القيادة في باماكو ونظيرتها في الجزائر من أجل تحقيق أهداف جيوسياسية لا يعكس الواقع السياسي للسياسة المغربية في علاقاتها الإقليمية والإفريقية التي ترتكز على مبادئ واضحة وقيم مسؤولة تدار من خلال مؤسسات ملتزمة بأخلاقيات العمل السياسي والدبلوماسي.

العلاقات المغربية المالية، حسب معتضد، لها مسارها السياسي ومبنية على أسس مترابطة كما أن المغرب يعتمد عليها في إطار رؤيته الإستراتيجية للتكامل الإفريقي والتواصل مع عمقه الإفريقي من أجل تحصين مصالح المغرب الإفريقي وبناء الطموح الإفريقي الذي يستجيب لتطلعات الشعبين المغربي والمالي.

وأشار المتحدث في تصريح لـ”العمق” أنه لا يمكن الحديث عن تقارب مالي مغربي في ظل الأزمة الحاصلة بين الجزائر ومالي، موضحا أن العلاقات المغربية المالية لم تكن أبدًا تتغدى من النزاعات الإقليمية لتقويتها أو تنتظر الخلافات الدبلوماسية من أجل الدفع بها إلى الأمام، لأنها بكل بساطة قائمة على تاريخ كبير وأسست مسار سياسي و ثقافي متين.

وفي معرض تصريحه، شدد خبير الشؤون الاستراتيجية، على أن العلاقات المغربية المالية لم تؤثر يومًا على العلاقات الثنائية لدولة مالي مع محيطها الإقليمي، وبالتالي لا يمكننا الحديث عن أي تأثير سلبي للرباط على المصالح الجزائرية فيما يخص علاقاتها المتوترة مع باماكو، معتبرا أن الادعاءات الصادرة عن المؤسسة الجزائية هدفها تضليل الشعب الجزائري، وزرع الفتنة الإفريقية والمساس بالمصالح المغربية.

وأكد، خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، أن الدبلوماسية المغربية لم تكن يومًا تعتمد على الإصطياد في الماء العكر كمقاربة سياسية لتدبير سياستها الخارجية أو تنزيل خريطة طريقها الدبلوماسية، انطلقا من كون الدبلوماسية المغربية تقوم على موروث تاريخي عريق يحترم مستقبل الشعوب و يؤمن بالمؤسساتية كمنهجية في العمل الدبلوماسي، والقانون والحقوق والأعراف الدولية كمعيار لتدبير العلاقات الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *