أدب وفنون

أزمة “تكرار نفس الوجوه” في الأعمال الفنية.. شللية ومحسوبية أم عجز في تخريج مواهب جديدة؟

أعاد اعتماد صناع الإنتاجات الفنية الرمضانية هذا الموسم على نفس الوجوه المتكررة منذ سنوات الحديث عن هذه “الظاهرة”، إذ انقسمت الآراء بين مؤيد يرى أن ذلك “ظاهرة عالمية” لأن السوق يعتمد على تسويق أعماله من خلال النجوم الأكثر شهرة في الساحة الفنية، وبين منتقد يرى بأن الجمهور مل من رؤية نفس الأشخاص ويجب منح فرصة للوجوه الجديدة من أجل إثبات الذات.

وفي هذا الصدد قال الناقد الفني، مصطفى طالب، إن السبب وراء هذه الظاهرة يعود إلى كون التلفزيون يعتمد على النجومية حيث تتم المناداة على الممثلين أصحاب الشعبية لدى المشاهدين سواء سينمائيا أو دراميا، وهو ما نراه كثيرا على الشاشات العربية، إضافة إلى مسألة الاحترافية التي تفرض نفسها على الأعمال الكبرى. وكذا العلاقات الشخصية ومدى قدرة الممثل أو الممثلة على أداء جميع الأدوار بما فيها الجريئة أو الضعيفة فنيا، والمهم أداء ما يطلب منهم في أي عمل درامي وحتى كوميدي.

وأضاف مصطفى طالب في تصريح لـ”العمق”، أن تكرار نفس الوجوه يؤثر على الساحة الفنية ويؤدي إلى السقوط في التكرار والنمطية وتفويت الفرصة على طاقات أخرى صاعدة، كما يؤثر على المسار الفني للممثل حيث يستهلك في ظرف وجيز وتحرق أوراقه، طبعا إلا إذا حافظ على مستوى فني عال، وفق تعبيره.

وردا على سؤال حول عجز معاهد التكوين عن تخريج أفواه جديدة للساحة الفنية، أوضح مصطفى طالب، أنه ليست لدينا معاهد كثيرة كي نقول أنها عجزت عن تخريج أفواج جديدة، لدينا فقط معهد وطني واحد ووحيد وهو المعهد العالي للمسرح، وربما ملحقة تابعة لوزارة الثقافة تقدم ورشات مسرحية، دون الحديث عن محترفات تعد على رؤوس الأصابع، وبرامج تلفزية للمواهب لكنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب، لكن المعهد، وإن وجب تطويره حتى يساير متطلبات الساحة الفنية، فإنه يتوفر على طاقات واعدة يجب استغلالها وإعطاءها الفرصة اللازمة للظهور، كما لابد من إنشاء معاهد أخرى يمكنها أن تغني الساحة الفنية كما وكيفا، على حد تعبيره.

واعتبر المتحدث ذاته، أن المسرح يعد الرافد الأول لإغناء الساحة الدرامية والسينمائية بالممثلين والممثلات كما نراه عالميا، وأن تراجع أدواره الطلائعية في المجتمع لحساب التلفزيون والسينما واليوتوب الذي أصحب منافسا هو الآخر يعد واحد من أسباب أزمة تكرار نفس الوجوه، إذ إن غالبية الأعمال المسرحية ذات مستوى فني جد متوسط كتابة وأداء، والأعمال الجيدة قليلة وغالبا ما تنادي على نفس الوجوه، وهي التي تزود التلفزيون اليوم.

وأشار الناقد الفني، إلى أن حل هذه الأزمة يكمن في إعطاء الفرصة للجميع بشكل ديموقراطي وبدون محسوبية وزبونية، وفتح باب “الكاستينغ” للجميع لاكتشاف طاقات شابة وواعدة، خاصة تلك التي تدرس بالمعهد العالي للمسرح، فهناك العديد من الشباب الذين يرغبون في التمثيل ولديهم الموهبة التي يرغبون في صقلها، لكنهم يصطدمون بواقع التهميش والإقصاء والمحسوبية والعلاقات الخاصة، كما لابد من تكثيف المحترفات التي كانت سائدة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

وحول رأيه في الإنتاجات الفنية الرمضانية هذا الموسم، اعتبر الناقد مصطفى طالب، أن بينها الغث والسمين إلا أن الأخير قليل، وما يغلب عليها هو نفس القصص  والأحداث والنمطية وغياب العمق ونفس الكوميدية التي تعاني من ضعف الكتابة وضعف الأداء.

وتابع، هناك تذمر من غالبية الأعمال ومن طغيان نفس الوجوه، أما بخصوص الوجوه الجديدة فهي نادرة ربما نكتشفها في سلسلة “حرير الصابرة” التي أشرف على إخراجها يزيد القادري، ويجب أن تأخذ أدوار البطولة وليس فقط الأدوار الثانوية للتعرف عليها وإن كان التدرج هو سيد الموقف، وبالتالي المشوار طويل للوصول إلى هذا المبتغى، وفق تعبيره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *