خارج الحدود

دفن فلسطينيين أحياء وجثث متفحمة.. أثار مجازر مروعة بعد انسحاب الاحتلال من مجمع الشفاء بغزة

انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الإثنين، من مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، مخلفا مئات الشهداء، وآثار مجازر مروعة بحق المرضى والأطقم الطبية والنازحين، مع دمار واسع بعد 14 من اقتحام المجمع ومحاصرته.

وأعلن الناطق باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، عن انتهاء العملية العسكرية في المستشفى، زاعما أنها “تمت من دون إلحاق أضرار بالمدنيين والمرضى والفرق الطبية”، حسب ادعائه.

غير أن إدارة الدفاع المدني في غزة، كشفت أنها عثرت على مئات الجثث عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي، مشيرة إلى أن عمليات انتشال جثث الشهداء لا تزال متواصلة.

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، الرائد محمود بصل، إن هناك نحو 300 شهيد في مجمع الشفاء ومحيطه بعد انسحاب قوات الاحتلال، مضيفا أن الاحتلال أحرق أقسام المستشفى ودمر كل الأجهزة والمستلزمات الطبية.

وكانت إذاعة جيش الاحتلال قد كشفت أن قواتها قتلت 200 فلسطيني واعتقلت 500 آخرين، مع احتجاز نحو 900 للتحقيق، مشيرة إلى إجلاء 6 آلاف شخص خلال العملية.

إعدامات ودفن للأحياء

وفي هذا الصدد، قالت حركة “حماس” إنه بعد انسحاب جيش الاحتلال من مجمع الشفاء الطبي تم “اكتشاف آثار عمليات إعدام مروعة وجثامين لشهداء مقيدي الأيدي مدفونين أحياء”.

وأشارت إلى أن الاحتلال قام بـ”تدمير للمباني وحرق وتجريف الأقسام، ونسف الأحياء المحيطة بالمجمع على رؤوس ساكنيها”، إلى جانب شهداء تحللت أجسادهم وتعفنت، وآخرين داستهم جنازير الدبابات، وغيرها من الفظائع، وفق تعبيرها.

واعتبرت الحركة أن “هذه الجريمة المروّعة، تؤكّد على طبيعة هذا الكيان الفاشي المارق عن قِيَم الحضارة والإنسانية، والتي فاقت جرائمه وانتهاكاته كل حدود، والمستمر في مهمّته الواضحة”، وفق بلاغ لها، تتوفر “العمق” على نسخة منه.

وأشارت إلى أن الاحتلال “ينفيذ أبشع حروب الإبادة الجماعية بحق المدنيين والبنية المدنية في قطاع غزة، دون أن يحرّك العالم ساكناً، وبدعم كامل وبلا حدود من إدارة الرئيس الأمريكي بايدن”.

وحملت “حماس” الإدارة الأمريكية، والرئيس بايدن شخصياً، “المسؤولية الكاملة عمّا جرى ويجري من جرائم ومجازر وتدمير ممنهج للحياة المدنية في قطاع غزة، وعلى رأسها القطاع الصحي والمستشفيات، والذي يتم بالسلاح الأمريكي وكل صور الدعم والإسناد العسكري والسياسي”.

وقالت إن “حجم التدمير والقتل الذي يبرع فيه العدو؛ لا يعني تحقيقه أي انتصار على إرادة شعبنا، المتشبّث بأرضه وهويته، وأن هذه الهجمة الهمجية على قطاع غزة، تؤكّد من جديد حقيقة ما يسعى له العدو بدفع أبناء شعبنا للهجرة عن أرضه تنفيذاً لمخططاته بتصفية القضية الفلسطينية”.

وطالبت “حماس” المجتمع الدولي والأمم المتحدة بـ”إدانة هذه الجريمة الفظيعة التي ارتكبها العدو الصهيوني المجرم بحق مجمع الشفاء ومحيطه والمواطنين فيه”، وطالبتهم بالتحرك الفوري للدخول إلى مدينة غزة والاطلاع على حجم الجريمة التي تعرض لها.

كما طالبت الهيئات القضائية الدولية، وخصوصاً محكمة الجنايات الدولية، بـ”البدء في إجراءات فعلية للتحقيق في الجرائم والفظائع التي حدثت في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه، وفي مُجمَل الجرائم التي تحدث منذ ستة أشهر”.

وشددت “حماس” على ضرورة “نفض الغبار عن عشرات البلاغات وطلبات التحقيق في الجرائم الصهيونية بحق شعبنا الأعزل، وتنفيذ مهمّتها المنوطة بها لمحاسبة قادة هذا الكيان وتقديمهم للعدالة”.

جثث متفحمة

وفي نفس السياق، نقلت قناة “الجزيرة” عن مراسلها بعين المكان، انتشار جثث متفحمة لشهداء في الشوارع والطرق المحيطة بمجمع الشفاء الطبي.

وبحسب القناة، فإن إحراق قوات الاحتلال لمباني المجمع الطبي، تسبب في خروجه بالكامل من الخدمة، مؤكدة أن حجم الدمار في المجمع والمباني المحيطة كبير جدا.

وخلال مدة الاقتحام والحصار، كان النازحون والمرضى والأطقم الطبية المحاصرون داخل المشفى ومحيطه، يطلقون نداءات استغاثة من أجل إنقاذهم، كما كانوا يكشفون عن عمليات إعدام بدم بارد واغتصاب للنساء وقتلهن أمام أزواجهن.

وتمكنت سلطات القطاع من انتشال بعض الجثامين خلال أيام الحصار، لكن إطلاق النار وتواجد القناصة فوق الأسطح واستهداف قوات الاحتلال لفرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف، حال دون انتشال باقي الجثث التي ظلت ملقاة في الشوارع وداخل المباني السكنية.

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قد طالب إسرائيل بفتح ممر إنساني إلى مجمع الشفاء وتسهيل الوصول إليه بشكل عاجل حتى تتمكن المنظمة وشركاؤها من إجلاء المرضى وإنقاذهم.

وأشار غيبريسوس إلى أن 21 مريضا لقوا حتفهم منذ بدء حصار مجمع الشفاء في 18 مارس الماضي، لافتا إلى وجود 107 مرضى في مبنى غير ملائم داخل المجمع يفتقرون إلى الرعاية الطبية والإمدادات اللازمة.

وأضاف مدير منظمة الصحة العالمية، أنه منذ السبت لم تتبق سوى زجاجة مياه واحدة لكل 15 شخصا، كما انتشرت الأمراض المعدية بسبب الظروف غير الصحية ونقص المياه.

لن يعود للعمل

وأفادت مصادر مسؤولة في غزة وفي إسرائيل، بأن الدمار الواسع الذي خلفته قوات الاحتلال في مجمع الشفاء، لا يسمح بإعادة تشغيل أي من أقسامه.

وكشف مسؤول بوزارة الصحة بغزة، الدكتور معتصم صلاحـ من داخل مجمع الشفاء الطبي، أن قوات الاحتلال قصفت وحرقت كل مباني المجمع بلا استثناء.

وأضاف عضو لجنة الطوارئ بوزارة الصحة في غزة في تصريح لقناة “الجزيرة”، أن جميع مرافق مجمع الشفاء الطبي لم تعد صالحة للعمل، وخرجت عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي.

من جانبها، قال رالمتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر بغزة، إن مستشفى الشفاء خرج بشكل كلي عن الخدمة، مشيرا إلى أن أكثر من 30 مستشفى في القطاع توقف عن العمل.

وأشار المتحدث إلى أن المستشفيات المتبقية تعاني من نقص الموارد وتكدس المرضى، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الكوادر الطبية بشكل ممنهج.

وفي نفس السياق، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري إسرائيلي، قوله إن مجمع الشفاء الطبي لن يعود للعمل مجددا، نظرا لتضرره بشكل كبير بعد أن تحول لساحة قتال.

المصدر: الجزيرة + وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *