سياسة

عائدون (ح11) .. الأسير سامر يوجه رسائل للمحتجزين في تندوف ويذكرهم بـ”إن الوطن غفور رحيم”

لا تختلف قصة الضابط المتقاعد في القوات المسلحة الملكية، عبد الله سامر، ابن مدينة وجدة، كثيرا عن تجربة الأسير عدي عليلوش، إذ أن قاسمهما المشترك هو العذاب والمعاناة، فقد قضى سامر هو الآخر ربع قرن في معتقلات البوليساريو وسجون الجزائر، وذاق مختلف أنواع التعذيب والمعاناة، لا لشيء إلا لكونه حمل السلاح للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وعن مغربية الصحراء.

ويحكي الأسير عبد الله سامر ضمن برنامج “عائدون” على جريدة “العمق”، تجربته المريرة مع الأسر لمدة 25 سنة في معتقلات وسجون البوليساريو والجزائر، و ظروفَ اعتقاله وتعذيبه بشتى أنواع الأذى النفسي والجسدي بمخيمات “تندوف”، كما كشف حقائق لأول مرة عن استنطاقه من قبل مسؤولين جزائريين، ومحاولته الهروب في مرات عديدة بعدما كان يمني النفس بحلم العودة الذي لم يتأت له إلا بعد مرور ربع قرن من الزمن.

الحلقة 11: إن الوطن غفور رحيم

تعود الذاكرة بالأسير المغربي عبد الله سامر، إلى أسماء شخصيات في النظام الجزائري يصفهم بـ”القتلة”، الذين كانوا يقودون عمليات جبهة البوليساريو ضد المغرب، منهم السعيد شنقريحة، وعبد الله بلهوشات، والشريف مساعدية، ورابح بوطاط، وتوفيق مدين، الذين ظنوا بحسب سامر أنهم بدعمهم للبوليساريو يضعون حجرة في حداء المغرب، في حين أن الواقع كان عكس ذلك، خصوصاً وأن الصحراء المغربية أصبحت اليوم جنة خضراء بفضل السياسة الرائدة للملكين الحسن الثاني و وارث سره محمد السادس.

ووجه سامر نداء إلى الصحراويين المحتجزين في مخيمات “تندوف”، الذين تدفعهم الجزائر للحرب ضد المغرب، قائلا: “عشت معكم في المخيمات، وأكلت معكم، رغم أنكم كنتم تظنون أننا أعداؤكم، إلا أننا كنا نعتبركم إخوتنا لأننا نعرف أن الجزائر غررت بكم، وتدفعكم للموت”، مشيراً إلى أن المغرب يتوفر على أقمار صناعية تمكنه من مراقبة أية تحركات يقوم بها الانفصاليون ضد الوحدة الترابية، وأن أي دخول للمنطقة العازلة أو التي يسمونها بـ”المناطق المحررة” يعني هلاكهم.

ويتذكر سامر في هذا الإطار، مقتل ولد البندير وهو قائد الدرك في البوليساريو حيث قال: “حزنت كثيراً وكدت أذرف الدموع عندما سمعت بوفاته، كنت أعرفه جيداً، كان شابا صحراوياً، لكنه غرر به بعدما حاول اختراق المنطقة العازلة، والآن من سيبكي لفقدانه، هل هي الجزائر؟ بالطبع لا، بل عائلته هي التي فقدته”، قبل أن يضيف: “المواطن الجزائري أيضا يدفع ثمن هذه الحرب، لأن بأمواله يتم دعم البوليساريو بالصواريخ ومنح طائرات خاصة لتأمين تنقلات بنبطوش”.

يستمر سامر في توجيه الرسائل إلى المحتجزين في مخيمات “تندوف” وتذكيرهم بمقولة الحسن الثاني “إن الوطن غفور رحيم”، وهي التي مكنت عددا من عناصر الجبهة الانفصالية من العودة إلى حضن الوطن، بعدما فطنوا أنهم رهائن لدى الجزائر، منهم “علي سالم” من قبيلة “الركيبات البيهات”، والذي يتواجد حاليا في العيون، “التقيته مؤخرا، كان جنديا بسيطا في البوليساريو، يعذبني في الأسر، ويبصق في فمي ويمسكني من شعري ويمرغ وجهي في التراب، هاهو الآن في العيون يتوفر على راتب شهري وسيارة ومنزل”.

يستمر سامر في إيصال رسائله إلى المحتجزين في مخيمات “تندوف”، وتذكيرهم بمقولة الحسن الثاني “إن الوطن غفور رحيم”، والتي ساعدت عددا من أفراد الجبهة الانفصالية على العودة إلى حضن الوطن، بعدما أدركوا أنهم كانوا رهائن بيد الجزائر، من بينهم أيضا عمر حضرمي، الملقب بـ “مخ مديرية أمن البوليساريو”، حيث عاد إلى أرض الوطن وتقلد مناصب مهمة في وزارة الداخلية، يضيف سامر، بالإضافة إلى إبراهيم حكيم، الذي هرب من الجبهة الانفصالية، ليصبح سفيرا متجولا للمملكة.

وبالمثل، عادت كجمولة بنت أبي من قبيلة “الركيبات” إلى حضن الوطن، وانخرطت الحياة السياسية في المغرب من خلال حزب التقدم والاشتراكية، حيث تم انتخابها كعضو في البرلمان، وكانت قريبة من تولي منصب وزاري. ومن العائدين إلى حضن الوطن، يتذكر سامر أيضا أيوب ولد الحبيب، قائد ما يسمى بـ”الناحية السابعة” بالبوليساريو، والذي لبى نداء الوطن سنة 1999، وتم استقباله ومنحه درجة جنرال.

ويعود بنا الأسير سامر إلى اللحظات التي سبقت عودة عمر حضرمي إلى المغرب، حيث كانت تنظم مقابلات في كرة القدم بالمخيمات. وفي إحدى الأيام، طلب منهم المشاركة في مباراة في مدرسة 9 يونيو. فتوجهوا إلى المباراة مكونين فريقا من 11 أسيرا، غير أن الحضرمي طلب اللعب في صفوف فريق الأسرى المغاربة، ووزع عليهم ملابس رياضية بألوان العلم المغربي، الأحمر والأخضر، قائلا: “هذه ألوان بلدكم، ويجب أن تلعبوا بها”. وبعد سنوات قليلة، هرب من المخيمات وعاد إلى المغرب، يضيف سامر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *