مجتمع

“تسريبات” مدونة الأسرة.. أبلال يحذر من “إفراغ” المرأة من بعدها الإنساني

قال الأنثروبولولجي المغربي عياد أبلال، إن بعض التسريبات المتعلقة بمدونة الأسرة الجديدة، التي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، تكشف أن “هناك مخططا خطيرا يريد النيل من الأسرة المغربية”، محذرا مما أسماه “إفراغ المرأة من بُعدها الإنساني”.

ويمر هذا المخطط، وفق ما أبلال، “عبر تحويل المرأة من كائن ثقافي واجتماعي وإنساني إلى مجرد مستهلك مفرغ من كل الأبعاد الإنسانية، مع تضخيم مستويات اللذة والمتعة لديها دونا عن باقي الأبعاد الروحية والدينية والاجتماعية”.

وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي انتشارا واسعا لما يطلق عليه البعض “تسريبات” تتعلق بالتعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، فيما لم تعلق الهيئة المكلفة بتعديل المدونة على تلك “التسريبات”، رغم ما تثيره من جدل واسع ونقاش حاد.

وبالنظر إلى بعض التسريبات المتداولة، يوضح أبلال في تصريح لجريدة “العمق”، أن “المرأة ليست مجرد نوع أو جندر بقدر ما هي إنسان كامل الإنسانية، وصفة وجودية متكاملة ومتشاكلة مع الرجولة كصفة قيمة”.

وأشار المتحدث إلى أن “الانتقال من الذكورة إلى الرجولة ومن الأنوثة إلى المرأة ليس انتقالا جندريا، بل هو انتقال رحمي وقيمي وتربوي يعكس في العمق ثقافة قيمية ورؤية حضارية ووجودية”.

ويؤكد المتحدث على أنه “لا يمكن بتاتا النظر الى الأسرة من منظور الشراكة والتمكين والمساواة، لأن صفتي الرجولة والنسائية تكاملية واندماجية”.

وتابع: “يجب الحديث عن الإنصاف بدل التمكين، والتكامل بدل المساواة، والإحسان والمعروف بدل الشراكة، مما يعكس  القوامة كصفة قيمية تتجاوز بعد الإنفاق” حسب قوله.

التمكين الاقتصادي

ويرى أبلال أنه “يجب التأطير لمدونة الأسرة من منظور التمكين الاقتصادي للأسرة بدل التمكين الاقتصادي للمرأة. لأن العنف الاقتصادي الذي تمارسه الدولة على الأسرة في المنظور النيوليبرالي هو الذي يقود حتما إلى تفكك الأسر وارتفاع العنف الأسري وتفكك الرابط الاجتماعي”.

وحذر من أن “اعتماد المرجعية الغربية في الإصلاح الأسري معناه أننا سنكون قريبا في المغرب أمام عزوف شبه مطلق عن الزواج، وارتفاع نسبة الإعالة وتضخمها، وتفكك التضامن الأسري والعائلي، وارتفاع نسب العنف والانحراف والجريمة، وارتفاع نسبة الأمهات العازبات، وانخفاض نسبة النمو الديمغرافي”.

هذه  الظواهر، وفق الأنثروبولوجي المغربي، “ستأتي على ما تبقى من المجتمع المغربي. ولعلنا نجد في الأرقام الحالية للطلاق والأمهات العازبات والعزوف عن الزواج دليل على أن القادم اسوأ”.

واستحضر في هذا الصدد “وضع الأسرة بالغرب من خلال وضعية الطفل والمرأة والعنف الأسري والإدمان والدعارة والإباحية وغيرها، فالأرقام والمعطيات مخيفة جدا”.

دور الباحثين والإعلام

يرى المتحدث أن على النخب والباحثين والمفكرين المساهمة بجدية ومسؤولية في النقاش المجتمعي الجاري باحتشام في المجتمع.

وشد على أنه “لابد من الإعلام أن يخرج من التفاهة والميوعة، والمساهمة في نشر الوعي الحقيقي بأهمية الأسرة وفق خصوصيتنا الثقافية والدينية والحضارية”.

وأضاف: “هذا لا يعني معاداة الحداثة بقدر ما يعني تبني حداثة خاصة بنا من خلال الإبداع والابتكار وتجاوز كل العراقيل والظواهر وأشكال القصور التي كانت في المدونة القديمة انتصارا للأسرة، وليس انتصارا للمرأة على حساب الرجل والأبناء، أو انتصارا للرجل على حساب المرأة والأبناء”.

وشدد في هذا السياق على أن “الأمومة والأبوة مقامات روحية لا يمكن تحويلها إلى مجرد وضعيات اجتماعية مادية صرفة يمكن أن يقوم بها أي كان، كما لو كنا نعد المجتمع لاستئجار الأمومة والأبوة، مثلما نستأجر الأرحام، وكما لو كنا نعد المجتمع لتحويل مقام الألوة والأمومة إلى دور العجزة، ومؤسسات الرعاية الاجتماعية”.

وخلص المتحدث إلى أن “النظر إلى الأسرة من منظور التمكين الجندري للمرأة عبر بوابة المساواة بدل الإنصاف والتمكين الاقتصادي للأسرة، معناه تحويل الأمومة والأبوة إلى وظيفة تقنية وتفكيك للأسرة، بحجة الحداثة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Abdelkader Ezzerrouti
    منذ أسبوعين

    كلام في الصميم. نتمنى من الله ان يفهمه كل المغاربة.