أدب وفنون

“رشوة وجنس مقابل الدور”.. ممثلون يفضحون “فساد” الوسط الفني ومطالب بتدخل الوزارة

خرج عدد من الممثلين لمساندة زميلهم أنس الباز الذي انتقد بشكل لاذع “فساد” الوسط الفني، و”إصرار المتحكمين فيه على تكرار نفس الوجوه الفنية في كافة الإنتاجات وإقصاء الأسماء التي كرست سنوات طويلة في حياتها من أجل دراسة المجال والتمكن من أدواته عبر الممارسة فوق خشبات المسارح”.

وكشف الممثلون الذين قرروا كسر جدار الصمت الجانب المظلم الذي يتم إخفائه عن الوسط الفني الذي من المفترض أنه مجال للجمال والإبداع الذي يعكس أرقى مظاهر حضارة المجتمعات.

رشوة وجنس مقابل “الدور”

اشتكى الممثل أنس الباز في بث مباشر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “انستغرام”، من إقصائه وعدد من الممثلين الحاصلين على دبلومات من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي من المشاركة في الإنتاجات التلفزية المعروضة على القنوات الوطنية، في مقابل إسناد مجموعة من الأدوار لأسماء دخيلة على المجال ولم تتلقى تكوينا أكاديميا يخول لها احتراف مهنة التمثيل.

وقال أنس الباز، إن المخرجين والمنتجين باتوا يعتمدون بشكل كبير على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، وأسماء من مجالات أخرى لا تمتلك الموهبة على حساب الممثلين الحقيقين الذين تعرضوا للإقصاء لعدة أسباب، متسائلا عن سبب غياب سناء عكرود ومحمد الجم ونزهة الركراكي وآخرين عن التلفزيون.

وأضاف الباز، أنه يعلم كما عدد كبير من أبناء الوسط الفني بالتجاوزات التي تقع داخله، مستشهدا بأن إحدى المؤثرات منحت مخرجا مبلغ 20 مليون سنتيم مقابل أن يضمها إلى إحدى أعماله، فيما تلجأ أخريات إلى إقامة علاقات جنسية مع المنتجين والمخرجين للمحافظة على ظهورهن على شاشة التلفاز، وفق تعبيره.

وأشار ذات المتحدث، إلى أن البعض يلجأ إلى “السمسرة” في الأدوار، حيث يتم الاتفاق مع الممثل على ضمه إلى أحد الأعمال بمبلغ مالي قدره 20 مليون سنتيم مثلا على أن يمنح من أتى به 5 أو 6 ملايين كرشوة، داعيا وزارة الثقافة إلى ضرورة التدخل ووضع حد لهذه الأزمة المستشرية وإنقاذ المجال.

وتابع الباز، أن ظهوره للعلن وكشفه لكواليس الوسط الفني المظلمة نابع من غيرته على المجال وأبنائه الحقيقين الذين تعرضوا إلى التهميش، وليس من أجل تصفية حسابات شخصية جراء استبعاده، مشيرا إلى أنه يملك استثمارات تمكنه من العيش في وضع مادي مرضي بالنسبة إليه.

وعبر الباز الذي أكمل دراسته العليا في مجال التجارة وبعدها التمثيل في فرنسا، عن غضبه الشديد من احتكار وجوه قليلة لكافة الأعمال التلفزية على مدار العام، متسائلا عن سبب ظهور عبد الله فركوس مثلا في حوالي 3 أو 4 أعمال خلال شهر رمضان فقط.

منظومة فنية “فاسدة”

من جانبه، شكر عبد الإله رشيد زميله أنس الباز على “جرأته في طرح موضوع لم يستطع الكثيرون الحديث عنه رغم رؤيتهم له”، مشيرا إلى أنه قرر مساندة زميله رغم عدم معاناته من الإقصاء، إذ يتم عرض إحدى أعماله على القناة الثانية حاليا، ويرتقب أن يبث آخر عبر شاشة القناة الأولى قريبا، لكنه شعر بأن “صمته خيانة لأمانته الفنية ولبلاده”.

واعتبر عبد الإله رشيد، أنه من المعيب أن يخرج ممثل من الدرجة الأولى مثل أنس الباز الحاصل على جوائز دولية ليتحدث عن معاناته من الإقصاء وأمام الرأي العام الوطني والدولي، في الوقت الذي كان يجب أن تحل فيه هذه المشاكل داخل المكاتب المغلقة.

وقال بطل “رضاة الوالدة”، إن أنس الباز لم يتحدث من فراغ ولا عن أشخاص معينة وإنما عن “فساد واضح وملموس في المنظومة الفنية” يعاني منه الممثلون والمخرجون والمنتجون وكتاب السيناريو من الشباب الذين لم يتمكنوا من إيجاد فرصة، وذلك على غرار مجموعة من المجالات في هذا البلد، في الوقت الذين يتم صناعة نجوم ذوي محتويات تافهة عبر “تيك توك ويوتيوب”.

وأضاف رشيد، أن الممثلين أصحاب الكرامة الذين يؤمنون بأن الفن رسالة ولا يعرفون النفاق يتم الدوس على كرامتهم بمجموعة من الطرق، ويتم تغيبهم عن المشاريع التي أُخذ الدعم باسمهم عنها بسبب خلافات بسيطة بعضها متعلق بمطالبتهم بحقوقهم المادية أو من أجل تعويضهم بشخصيات من المعارف والأصحاب.

وتابع ذات المتحدث، أن الوسط الفني يعاني من عدم تكافؤ الفرص، حيث استشرت فيه ظاهرة “باك صاحبي”، وأوضاعه تتفاقم إلى الأسوء، مشيرا إلى أن الجمهور ينتقد الممثل بسبب رداءة بعض الأعمال لكنه لا يعلم عن الظروف الخفية التي يعاني منها.

وأشار عبد الإله رشيد إلى أن وضع الإصبع على المشكل لا ينفي بأن هناك شرفاء في هذا المجال لكنهم يظلون قلة أمام الفاسدين، لافتا إلى أنه يعلم بأن كلامه يمكن أن يؤثر على مسيرته المهنية، لكنه لا يهتم لأنه يؤمن بأن الرزق من الله ويجب الضرب بيد من حديد من أجل القطع مع الحسوبية والزبونية، حسب قوله.

لوبيات معدودة تستفيد من “كعكة” الأعمال التلفزية

من جهتها، انضمت الممثلة التطوانية عالية الركاب لقائمة الممثلين الذين قرروا تعرية الوجه الخفي للوسط الفني المسكوت عنه، مبرزة في مقطع فيديو نشرته عبر قناته على موقع يوتيوب أنها قررت بعد غيابها الطويل عن الساحة كسر جدار الصمت وفضح خبايا المجال.

واستنكرت الركاب بدورها، ما وصفته باحتكار حوالي 10 أسماء لكل الأعمال الفنية التلفزية على مدار العام، في الوقت الذي يعاني فيه مئات الممثلين من البطالة وينتظر فيه عشرات الخرجيين إعطائهم فرصة، وفق تعبيرها.

وأشارت عالية الركاب، إلى أن الأعمال التلفزية لا يتم إنتاجها بأموال خاصة، وأن الشركات المتواجدة في المغرب هي مكلفة بالتنفيذ فقط، أي أن الأموال المستخدمة هي من جيوب دافعي الضرائب وملك للشعب، ولا يجب على المخرجين والمنتجين أن يتصرفوا فيها وفق أهوائهم الخاصةن حسب تعبيرها.

وقالت الممثلة التطوانية، إن الوضع الذي يشتكي منه بعض الممثلين ليس خاصا بهم وحدهم، وإنما تعاني منه قطاعات أخرى في المجال منها شركات الإنتاج الصغرى، مشددة على أن “كعكة الأعمال التلفزية الدسمة تستفيد منها لوبيات معدودة تفضل هي الأخرى العمل ضمن شلليتها كل عام”.

وأبرزت ذات المتحدثة، خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، أن دفعة سنة 2000 التي كانت ضمنها لم تشتغل بكاملها في التلفزيون وهو الشيء الذي حز في نفسها ودفعها للتنديد بـ”الأوضاع الكارثية للمجال”.

انعدام الشفافية في طلبات العروض

وفي هذا الصدد، قال الناقد عبد الكريم واكريم، إن حديث عدد من الممثلين بصوت عال عن الاختلالات التي يعاني منها الوسط الفني صحية ويتفق معها، مشيرا إلى أن الإقصاء الذي اشتكو منه أصبح حالة عامة، في ظل تكرار نفس الوجوه ونفس شركات الإنتاج كل موسم.

واعتبر واكريم في تصريح لـ”العمق” أنه لا توجد هناك منافسة حقيقية وشفافة في طلبات عروض الأعمال التلفزية، وهو الأمر الذي ينعكس على الإنتاجات التي باتت تتميز بظهور نفس الأسماء بسبب اعتماد شركات الإنتاج على مبدأ الشللية أثناء اختيارها للممثلين.

وأبرز الناقد الفني، أن الإنتاجات التلفزية تمول بأموال عمومية من جيوب دافعي الضرائب، وعلى من يرغب في الظهور بشكل مستمر أن ينتج من ماله الخاص، لافتا إلى أنه بات يُعتمد على المؤثرين وعديمي الموهبة في الوقت الذي وضع فيه عدد من الممثلين الحقيقين أبناء المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي في غياهب النسيان.

ولفت عبد الكريم واكريم، إلى أنه يتفق مع أنس الباز في النقطة التي أشار فيها إلى الممثل عبد الله فركوس الذي ظهر في عدد من الأعمال خلال شهر رمضان، مبديا استغرابه من جمعه بين التمثيل والإخراج الذي لم يدرسه ولم يتمكن منه، وكذا استفادة أحد مشاريعه السينمائية من التسبيق على المداخل برسم الموسم الحالي، معتبرا أن الوسط الفني يعيش اليوم وسط “فساد عطات ريحتو في التلفاز والسينما”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • العمراني ادريس
    منذ 5 أيام

    كلام معقول .. اعرف أكثر من واحد منهم من غادر مبكرا .. اصبح يعمل في فرن واخرى مثلت بعض الأدوار و غيبت عن الفن ..مو يسم ن ب ))فنانين(( يعملون تحت سلط ما وعليهم الانصياع للشروط .. لا نجد الممثل/ة المناسب/ة في الدور المناسب .. للأسف.. ((باك صاحبي)) في كل شيء ..

  • مواطن
    منذ 6 أيام

    نا استغرب له هو هذا فردوس الذي أصبح نجم بلا نجومي في الدراسة و المعرفة و الثقافة و لم يسبق له الالتحاق بمدرسة ما كل ما نعرف عليه انه كان مستخدم بسوق الجملة بمراكش و ... اذا كان سبق له ولج التعليم سابقا فلينشر سيرته الذاتية و الشهادات التي حصل عليها و سنرفع له القبعة

  • فنان
    منذ 6 أيام

    والله العظيم انا من رواد فن ممثل عاطل نعمل مرة في عام او لاشي سببهم هو اصحاب كاستينغ ينادون عن غرباء مقابل ثمن بخص ورغم دلك ضملن اجتماعي يطالبون منا تسديد اشتراك اخدم او لاتخدم خلص بزز ولا احد يدافع عنا سوى الله سبحان وتعالى ربي كبير

  • عمر
    منذ 7 أيام

    هذه حقيقة الغبار عليها ظهرت العيان نفس الوجوه في جميع القنوات الغريب كيف عملوا لتصوير كل هذه المشاهد لكل القنوات المغربية رغم أن جل ما يقدم وبالخصوص في شهر رمضان لايرقى للمستوى رحم الله محمد حسن الجندي ومسلسله سيف دو يزن في الإداعة كانت تبقى الشوارع فارغة الا لمن معه مدياع

  • البياض عبدالله
    منذ أسبوع واحد

    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته في الحقيقة اتمتيل ليس سهلا على المبتدئين لكن يجب ان يكون فرص اكتر للممتيلين الكبار ويجب تقنين هاده المهنة منا السماسرة ويجب اعطاء فرص لشباب وشكرا

  • محمد
    منذ أسبوع واحد

    الحمد للعقل على نعمة الوعي ، فقد قاطعت التلفزة المغربية لما يزيد عن 15 سنة .