سياسة، مجتمع

الحماية الاجتماعية.. المغرب يعول على “إحصاء 2024” لتحسين أوضاع السكان

أكد الملك محمد السادس على الدور المحوري للإحصاء العام للسكان والسكنى المقرر تنظيمه في شتنبر 2024، في بلورة سياسات عمومية فعالة تُحسّن من منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب، مسجلة  الأهمية البالغة التي يوليها الإحصاء العام للسكان والسكنى، باعتباره أداةً أساسية لفهم التطور الديموغرافي والسوسيو-اقتصادي للمملكة، واستشراف احتياجات المواطنين، وتصميم سياسات عمومية ملائمة.

و أعطى الملك محمد السادس، تعليماته لرئيس الحكومة من أجل التعجيل بمعالجة وتحليل نتائج الإحصاء العام المقبل للسكان والسكنى حتى تكون أداة مهيكلة للسياسات العمومية على المستويين الوطني والمحلي. وتشكل هذه العملية، التي ستنظم نهاية صيف السنة الجارية، ” مساهمة قيمة في تجسيد مشروعنا المجتمعي وفي تحقيق نموذجنا التنموي “.

وأبرز وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، أهمية الرسالة الملكية التي تضمنت توجيهات واضحة حول تنظيم الإحصاء العام السابع للسكان والسكنى 2024، مشيرا أن نتائج هذا الإحصاء ستكون أساسًا لصناع القرار والفاعلين في صياغة سياسات عمومية فعالة في مختلف القطاعات، وخاصة في مجال تعميم الحماية الاجتماعية، لاسيما  أن هذه المبادرة تجسد الاهتمام الكبير الذي يوليه الملك لتحسين ظروف عيش المواطنين.

وتسعى هذه العملية الجديدة للإحصاء العام للسكان والسكنى ، وهي السابعة منذ عام 1960، إلى أن تكون خلاقة وطموحة، وفق ما جاء رسالة الملك محمد السادس إلى رئيس الحكومة، مشددا على أن عملية الإحصاء العام للسكان برسم 2024، يجب أن يتم تنظيمه على نطاق واسع يشمل موضوعات جديدة، خاصة الحماية الاجتماعية.

“نرجوها خلاقة من حيث المقاربة والوسائل التكنولوجية التي ستتم تعبئتها من أجل جمع المعلومات ومعالجتها ، ونريدها طموحة من خلال توسيع مجالات البحث لتشمل موضوعات جديدة تحظى بسامي عنايتنا، ومنها المشروع المجتمعي المهيكل لتعميم الحماية الاجتماعية” يقول الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن المعطيات التي ستوفرها عملية الإحصاء ستمكن من تحيين المعطيات السوسيو – اقتصادية للأسر، من أجل بلورة سياسات عمومية ناجعة في هذا المجال.

في هذا السياق، يرى الباحث في القانون الإداري والسياسات العمومية، والباحث الرئيسي بالمعهد المغربي لتحليل السياسات، عبد الرفيع زعنون، أن المحطة الجديدة للإحصاء هي جد استثنائية في السياق الراهن في ظل أوراش إصلاحية مهيكلة يجرى تنفيذه تحت الرعاية الملكية وفي مقدمتها ورش تعميم الحماية الاجتماعية.

ولفت زعنون ضمن تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن الحصيلة الأولية لورش الحماية الاجتماعية، تؤكد عن “الحاجة الملحة إلى مركزة “الداتا” الديموغرافية والاجتماعية، حيث ينتظر أن تمكن نتائج الإحصاء من تعزيز مصداقية وواقعية البيانات المرتبطة بالأوضاع السكانية والسوسيواقتصادية للمغاربة، وهو ما سيشكل قاعدة موثوقة سيتم الاستناد عليها في تكريس مبادئ الإنصاف والاستحقاق وعدم التمييز التي نص عليها القانون الإطار رقم 09.21″.

وأضاف الأستاذ الزائر بكلية الحقوق بتطوان، أن الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة بخصوص الإحصاء العام السابع للسكان والسكنى خريطة طريق لتوجيه الوسائل التكنولوجية نحو خدمة الرهانات الاستراتيجية لورش تعميم الحماية الاجتماعية، مع التأكيد على تعبئة كافة الموارد البشرية والتقنية اللازمة”، مشيرا إلى  أن “الملك محمد السادس دعا إلى توحيد المجهود العمومي لربح هذا التحدي، كما أكد على الطابع التشاركي والشفاف لهذا الاستحقاق الوطني بتوجيه المندوبية السامية للتخطيط إلى التسريع بمعالجة المعطيات المجمعة وتقاسمها مع جميع الفاعلين”.

ولفت الباحث ذاته، “إلى أن البعد الإنتاجي للمعطيات الديموغرافية التي لا يجب أن تظل خامة، بل يلزم أن تكون مهيأة وقابلة للاستخدام في مختلف مراحل إعداد السياسات والبرامج العمومية، في ضوء التجارب السابقة التي أشرت على الدور الحاسم للمعلومات المُحيَّنة والمنتجة في إعطاء صورة واضحة عن المشاكل العامة ذات الأولوية وعن الأثر الفعلي للسياسات المنجزة وعن المستفيدين الفعليين منها، وعلى رأسها التدخلات الرامية إلى تعضيد شبكات الأمان الاجتماعي”.

وعن جديد هذا الإحصاء، كان المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، قد أوضح أن “خيار رقمنة الإحصاء مكنَّنا من خلق هوامش للإنتاجية، مما سمح بإغناء الاستمارة بمواضيع جديدة وإعطائها كثافة مهمة من المعلومات حول ظروف معيشة السكان، ما سيُمكن من توفير حزمة واسعة من المؤشرات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية على مختلف المستويات، الوطنية والجهوية والمحلية، المفيدة للوقوف على مستوى الإنجازات وتنوير السياسات العمومية بخصوص تحديد الأهداف المستقبلية للمملكة في هذه المجالات”.

وكشف الحليمي في كلمة له خلال لقاء صحفي عقدته المندوبية لأجل تقديم مراحل التهيئ للإحصاء أنه سيتم دمج دمج كافة عمليات تجميع المعطيات ضمن نظام معلوماتي يشمل ثلاثة مكونات رئيسية، وهي نظام المعلومات الجغرافية المتنقلة والتطبيق المثبت (CAPI) على اللوحة الإلكترونية لجمع البيانات الإحصائية ومنصة (web) لمراقبة وتتبع الأعمال الميدانية.

في غضون ذلك، أكد الملك محمد السادس، أن هذا الاستحقاق الوطني الكبير يتطلب ، إلى جانب التعبئة الشاملة لموارد بشرية ولوجيستية مهمة، انخراطا وتنسيقا وثيقا وفعالا من لدن جميع الإدارات والمؤسسات العمومية والمصالح اللاممركزة، بالإضافة إلى السلطات والجماعات الترابية والجهوية والإقليمية والمحلية.

ودعا الملك، وزير الداخلية والمندوب السامي للتخطيط وكافة الولاة والعمال، إلى السهر على التنظيم العملي الأمثل لهذا الإحصاء، في ظل احترام الآجال المحددة، وبتنسيق محكم مع باقي المتدخلين في الميدان. كما أهاب جلالة الملك، بهذه المناسبة، بالمواطنين إلى المبادرة على المعهود فيهم بالتعاون التام والمشاركة الفعلية في هذه العملية ذات النفع العام بما سيقدمونه من معلومات موثوقة ودقيقة.

كما حث العاهل المغربي، المندوبية السامية للتخطيط على أن تبادر، بمجرد نهاية جمع المعطيات والبيانات، إلى معالجتها وتحليلها، مع الحرص على تمكين أصحاب القرار والفاعلين المعنيين من الوصول إلى نتائجها واستخدامها في أقرب الآجال، معتبرا أن “من شأن هذا التعجيل باستغلال المعطيات أن يمكن من التحديد السريع للاتجاهات الناشئة من أجل بلورة السياسات العامة المناسبة وتكييف مختلف البرامج بما يتوافق مع مصلحة بلادنا ورفاه شعبنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *