منتدى العمق

خطوط المدينة الحمراء، حافلات أم أفران شمسية ؟

الله أعلم إن كان يزعج الموتى ساكني القبور ضجيجُ الحافلات التي تحوّلت محطّة بعض خطوطها إلى الطريق المحادي لباب المقبرة ، و هل يُحرج ذلك ذويهم حين حملهم عزيزا عليهم إلى هذه المدافن ؟

ربّما لا ! ولكنّ الأكيد أنّ ذلك أزعجي و سبّب لي بالغ الحرج بصفتي أحد مستعملي الخط الثالث و الأربعين و لو لِماما ، ليس بسبب مجاورة أهل القبور ، فهؤلاء السابقون و نحن اللّاحقون ، و لكن لأنّي كنت مضطرّا للسعي بين أوّل الحافلات ، المتوقّفة في صفّ طويل و الملتصق بعضها ببعض ، و آخرها لأشواط عدّة بحثا عن الخطّ المطلوبلأنّ اللّوحات لا تحتوي كلّ الأرقامو لا أستطيع تحديد مكان توقّف الحافلة، ولأنّ قارعة الطّريق تضيقبالمنتظرين فقد كنت مضطرّا كذلك للمخاطرة بالسّير بين السيّارات و الدرّاجات و الحافلات على الطريق العمومي.

بعد الشوط الأوّل من المعاناة الذي دام أكثر من ساعة في رحاب حرارة صيف مرّاكش ابتدأ الشوط الثاني الذي سيستمرّ لساعة و نصف السّاعة على طول خمسة و سبعين كيلومتراداخل حافلة حامية كلّ أركانها ، لا تتوفّر على تكييف و لا على تهوية صناعية و لا طبيعيّة إلا بعض النويفذات الصغيرة المفتوحة على رُبُعٍ سعتها فقط، ولا تتوفّر حتى على ستائر تقي الركّاب لهيب الشمس الحارقة التي تطلّ من كلّ جانب لتحوّل الحافلة إلى نوع معدّل من الأفران الشمسيّة.

و للإنسان أن يستفتي خبراء الميدان إن كانت هذه الحافلات بهذا الشكل تصلح للاستعمال خلال كلّ فصول السنة في المدينة الحمراء ، أو ربّما هي خاصّة فقط بحواضر شبيهة بمدينة الضباب . 

ربّما هناك معطيات يُبرّر بها هذا الواقع و لكنّ هذا الأخير يفرض بدوره هذه الصّورة التي قد تغيب عن من لا يتحرّك إلّا بسيّارة مكيّفة خاصّة به أو بالمصلحة، هذه الصورةأنقلهاإلى من يهمّه أمر المدينة ويهتمّ لمعاناة ساكنتها بعدسة جوارح أزعم أنّه اصادقة.