“تقنين الإضراب”..العقوبات تثير مخاوف النقابات والحكومة تتمسك بالتوافق
انطلقت عملية التصديق على قانون الإضراب بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) خلال يوليوز 2024، وسط مطالب الأحزاب والنقابات بإشراكهم في عملية الإعداد لهذا القانون، قبل إحالته على البرلمان.
ورغم أن الحكومة السابقة أحالت المشروع إلى البرلمان منذ أكتوبر 2016، إلا أنه ظل يراوح مكانه بسبب الخلاف بين الحكومة من جهة، وبين النقابات وأحزاب المعارضة من جهة ثانية.
وفيما ترى النقابات أن هذا القانون “يقيد” الحق في الإضراب، المنصوص عليه دستوريا، تعهدت الحكومة بإجراء مشاورات لتجويد هذا القانون و”تقريب وجهات النظر من أجل إخراج قانون يحمي حق الإضراب والمضربين”.وبعد مصادقة البرلمان بغرفتيه على هذا القانون، سيتم نشره في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ.
جدل كبير للقانون
أثار مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب جدلا كبيرا منذ انطلاق مناقشته بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب يوم 18 يوليوز.وعبرت النقابات عن “رفضها لهذه النسخة، لكون بنودها تقيد الحق في الإضراب؛ مطالبة بسحبها وإشراكها في الإعداد”.ويعتبر القانون آخر قانون تنظيمي لم تتم المصادقة عليه منذ دستور 2011.
وقال وزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل المغربي، يونس السكوري، إن الحكومة تسعى إلى التوافق ما أمكن من أجل اعتماد هذا القانون.
وأوضح السكوري في كلمة له بمجلس النواب، في 18 يوليوز، أن الحكومة تعتزم العمل مع البرلمانيين عبر تقريب وجهات النظر، والوصول إلى بناء مشترك يمكن من إخراج قانون يحمي حق الإضراب والمضربين.
وزاد: “الحكومة حريصة على منح هذا القانون كل الضمانات الميدانية والقانونية، وحماية الحق في العمل وقدرة الشركات على الإنتاج، مع مراعاة المصالح العليا للوطن”.
من جهتها، تطالب النقابات مثل الاتحاد المغربي للشغل (أكبر نقابة في البلاد) والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين، بضرورة التوافق على القانون قبل إحالته على البرلمان.
وفي بيانات منفصلة صادرة عنها، تؤكد النقابات رفضها للقانون وتعتبره تكبيلا للحق في الإضراب، المنصوص عليه دستوريا.
وبحسب الفصل 29 من الدستور المغربي، فإن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي، مضمونة”.
تحفظ نقابي
وقال رئيس نقابة المنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي، إن نقابته ترفض هذا القانون الذي يستهدف مصادرة الحريات والتضييق على الإضراب.
وأضاف في تصريح للأناضول، أن بعض بنود هذا القانون تناقض الدستور، وهو القانون الذي يمنع غير الأجراء (عمال القطاع الخاص) من الدعوة إلى الإضراب، مثل الجمعيات المهنية من تجار وحرفيين ومهنيين.
وأوضح أن الإضراب حق إنساني ودستوري يتيح للأفراد والمجموعات التعبير عن مواقفهم، ومطالبهم والدفاع عن مصالحهم، رافضا تقييد الحق في الإضراب.
وبحسب لطفي، فإن “الهدف من تمرير المشروع، إسكات صوت العمال والمهنيين والمواطنين وحقهم في الاحتجاج المشروع”.
هيمنة العقوبات
وانتقد هيمنة العقوبات الزجرية في هذا القانون، حيث تم تخصيص 12 مادة للعقوبات من أصل 49 مادة، كما تم التهديد بمنع الإضراب السياسي، وهو ما يفيد منع احتجاجات السكان على ارتفاعات أسعار ماء الشرب على سبيل المثال، أو غلاء المعيشة أو المس بالكرامة.
وحسب نص مشروع القانون المحال على البرلمان، يعاقب بغرامة من 20 ألف درهم إلى 50 ألف درهم كل مشغل أو منظمة مهنية للمشغلين أو منظمة نقابية عرقلت ممارسة الأجراء حقهم في الإضراب، خلافا لما هو منصوص عليه في المادة 9 من هذا القانون التنظيمي، ويعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم كل أجير ارتكب نفس الفعل خلافا لأحكام المادة 9 المذكورة.
ويعاقب المشروع الذي شرع البرلمان بمناقشته وسط تحذيرات نيابية من الزج بالمضربين في السجون، بغرامة من 20 ألف درهم إلى 50 ألف درهم كل مشغل أحل أجراء آخرين محل الأجراء المضربين خلافا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 10 من هذا القانون التنظيمي، مع مرعاة أحكام الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة المذكورة.
ويعاقب بغرامة من 15 ألف إلى 30 ألف كل مشغل اتخذ خلافا لأحكام المادة 11 من القانون إجراء تمييزيا ضد أجرائه بسبب ممارستهم حق الإضراب، ويعاقب بغرامة من 20 ألف إلى 50 ألف درهم كل من خالف أحكام المادة 12 من هذا القانون التنظيمي دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.كما يعاقب بغرامة من 5000 إلى 10 ألاف درهم كل من عرقل حرية العمل خلافا لما هو منصوص عليه في المادتين 13 و27 من هذا القانون التنظمي، دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد.
وأبدت النقابات اعتراضات وملاحظات على عدد من بنود مشروع قانون الإضراب.وتنص المادة 5 على أن “كل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة، كما يعتبر كل إضراب لأهداف سياسية ممنوعا”.
ويتوجب -وفقا للمادة 7- إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمّال قبل خوض الإضراب، للبحث عن حلول.وينص على أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها، يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين.أما في حالة الإضراب، فيُمنع على المضربين، حسب المادة 13، عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب أو احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها.
تبديد المخاوف
تعهد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، بمراجعة العقوبات الوادرة ضمن مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مسجلا أن بعض مواد المشروع “لا زالت بحاجة إلى تدقيق، والتشاور بشأنها مستمر ومنها العقوبات الواردة في المشروع والفئات الممنوعة من الإضراب”
وأكد الوزير في سياق تفاعله مع مداخلات الفرق النيابية خلال المناقشة العامة لمشروع القانون المذكور بلجنة القطاعات الاجتماعية، سعي الحكومة للتوافق مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والسياسيين حول مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مسجلا أن هذا التوافق نابع من قناعة الحكومة الراسخة بأهمية اعتماد المقاربة التشاركية وانسجاما مع مخرجات الحوار الاجتماعي.
ويعتبر مشروع القانون -وفق المادة 14- أن العمال المشاركين في الإضراب، وفي حال حدوث توقف مؤقت عن العمل خلال إضرابهم، “لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن مدة إضرابهم”.
وبعد إنهاء الإضراب أو إلغائه باتفاق بين الأطراف المعنية، يُمنع حسب المادة 23، اتخاذ قرار إضراب جديد دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد مرور سنة على الأقل.
وفي حال ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون، يمكن لصاحب العمل، حسب المادة 26، أن يطالب بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة (الشركة).
وأوضح السكوري أن بعض المواد بهذا القانون بحاجة إلى تدقيق، والتشاور بشأنها مستمر ومنها العقوبات الواردة في المشروع والفئات الممنوعة من الإضراب .
اترك تعليقاً