منتدى العمق

زوبعة في فنجان حركة التوحيد والاصلاح

صيف هذا العام 2016 لم يكن عاديا، زادته الأحداث سخونة وقيظا، فلا تكاد أن تهدأ عاصفة ها هنا حتى تفاجئنا أخرى هنالك. العواصف كما الأحداث لا تتشابه.. فالتي تأتي من البحر ليست كتلك التي تحملها رياح الصحراء.. ورياح الشمال ليست هي رياح الجنوب أو الشرق أو الغرب. وثمة عواصف تلوح في الأفق؛ تنذر ببداية فصل خريف أعنف وأقوى.

جرت العادة أن تسبق الكوارث نشرات إنذارية؛ لأخذ الحيطة والحذر وتفادي ما يمكن تفاديه من الخسائر البشرية والمادية. غير أن بعض عواصف هذا الصيف أراد لها القائمون على النشرات الإنذارية أن تخلف من ورائها أكبر عدد من الضحايا والخسائر؛ أرادوا لها أن تسحق البشر والشجر والحجر.. والأخلاق أيضا.

وماذا لو كانت العاصفة مجرد زوبعة في قعر فنجان؟ وماذا لو كتب لها أن تكون عكس ما توقعه أهل الاختصاص في الكوارث؟
عندما تختلف الآراء حول الإنسان الواحد والشيء الواحد والقضية الواحدة… تضيع الحقيقة!

وحركة التوحيد والإصلاح؛ وإن أراد البعض أن يختلق الاختلاف حولها، فالآراء وإن اختلفت فكلها تتفق على صدقيتها في المناهج والأهداف… حركة التوحيد والإصلاح ماركة مسجلة صنعت بالمغرب، جمعية تربوية دعوية على منهاج أهل السنة والجماعة، منفتحة على كل أطياف المجتمع، مواكبة لمستجدات العصر، ملتزمة بمقتضيات الإسلام المعتدل والوسطي وتعاليمه، والعمل على تطبيق أركانه وأحكامه على مستوى الأفراد والأسرة والمجتمع والأمة. حركة التوحيد والإصلاح مؤسسة مهيكلة؛ تضبطها القوانين، وتنظمها المساطر؛ يتساوى فيها المسؤول والعضو والمنخرط.

الإنسان يفنى، والمنصب يزول، والزمان في حركية أبدية. والناس ليسوا ملائكة ولا أنبياء؛ فهم معرضون للخطأ وإن قل شأنه أو عظم، لكن المؤسسات مستمرة وقارة. وحركة التوحيد والإصلاح باقية وصامدة.

الحركة هي ذلك الجبل الذي لا تحركه العواصف العاتية، ولا المياه الجارفة.. لا يعبأ لنوبات الحر والقر، ولا يهز كيانه رعد أو قصف.. العواصف تزيد الجبال عنفوانا، والمياه تزيدها جمالا وبهاء، وفصول السنة تكسيها حللا وحليا، والمرتاد إليها من النسل يضفي عليها سخاء وعطاء.

الحركة إنتاج مغربي محلي، جمعية لا شرقية ولا غربية، سراج التائهين في غياهب الضلال في زمان التفسخ الأخلاقي، نبراس التائهين في شراك الضياع الروحي والنفسي، ملجأ من لا ملجأ له.. تربية وفسحة ودعوة.

حركة التوحيد والإصلاح ساهمت في ترسيخ الإسلام المعتدل وتثبيت المذهب المالكي، اهتمامها بتربية النشء كان كفيلا بإنقاذ أجيال من الشباب من الانحراف والانحلال الأخلاقي، كما ساهمت في صنع رجال متفوقين أخلاقيا على غيرهم في تدبير الشأن العام بالبلد. ويكفي أن نستدل على ذلك بوزراء العدالة والتنمية ومنتخبيها في الجماعات والبلديات والجهات؛ وهم الذين تربوا في كنف الحركة.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، وإذا كان يحلو لبعض الحاقدين على ميزة التفوق الأخلاقي أن يسقطوا الطائرة في البستان لوصفه؛ فإن هؤلاء البارعين في الوصف والإنشاء لم يترددوا، كعادتهم، في تحويل حديث الزوبعة ورميه في حجر حزب العدالة والتنمية؛ في عملية تسييس مفضوحة ومكشوفة، جندوا لها أبواقهم وزبانيتهم في المنابر الإعلامية والثقافية، فتفننوا في الكذب والتلفيق والقذف، وراهنوا على بيع أكبر عدد من جرائدهم الصفراء؛ التي لا تعدو أن تكون نسخها المطبوعة من حظ تلفيف المقتنيات والبضائع في ظل صدور قانون حظر الأكياس البلاستيكية “زيرو ميكا”، فالقارئ المغربي يعرف جيدا كيف يختار مصادره من الأخبار، ويعي جيدا الصحيح منها والزائف، الصادق منها والرديء.
فليطمئن الجميع، فالضربات التي لا تميت وإن أوجعت، تقوي. كلا هي مجرد وخزة، والوخز علاج وبلسم.