وجهة نظر

ديمقراطية “العسس” وأبناء الشهداء

انه لمن الاصوب القول بأن ما يحدث في بلداننا العالم ثالثية لدليل على النهج السياسي المعاق منذ خروج اخر جندي محتل .ولمن الواضح كذلك القول بأن غياب الاستقرار سببه النهج المعوج لهذه البلدان .

ولمن الافضل التذكير دائما بفضل الديمقراطية والحرية باحداث تغيرات كبرى الا في بلداننا التي تتسم ديمقراطيتها بتعريف غريب ورؤية لا تحقق الهدف السامي من الديمقراطية .

استبشر الناس خيرا في جزائر الشرف ،بلاد عبد القادر الامير بعد الانتقاضات الشعبية الأولى والتي تمخض عنها مسار ديمقراطي سليم في بدايته .عمر المسار فترة قبل وأده. نجحت الأحزاب في تقزيم صورة ووجود جبهة التحرير الوطني .

تسارعت الأحزاب والقوى لانتهاز فرصة المسار الديمقراطي ، ففازت الجبهة الإسلامية للانقاذ ،فوزا مستحقا وباعتراف الاخر الغربي لكن الجيش كان بالمرصاد لموقف الشعب الجزائري وقواه الحية .لم يكن الجيش وحيدا في تصديه للحالة الديمقراطية بل اللوبي الفرنسي الاقتصادي والسياسي حضرا بعنف بعد ترقب خوفا من الانتقال الديمقراطي .

اصاب التدخل العسكري الشعب الجزائري في مقتل ،حروب أهلية طاحنة وتوتر على حدود الشرق والغرب .وترهيب في الجنوب .

انعكس الترهيب على الشعب الجزائري وانهارت كل ما بني منذ الاستقلال ومع التوالي الازمات .خرجت البلاد من هذا المستنقع بفضل جهود وطنية هدفت الى القطيعة مع الماضي المأساوي .

سياسة الوئام المدني جلبت للشارع الجزائري نوعا من الارتياح ، اذ عادت الامور الى مستوى مقبول كاشراك الشعب وتوسيع دائرة المشاركة الحزبية .وهذا ما لم تقبله المؤسسة العسكرية .

انتهاء الحرب الاهلية أو ما اصطلح على تسميتها ” بالعشرية السوداء ” أفقدت الجيش الكثي من عناصر قوته لصالح القوى المدنية والتي ستعمل على اختراق جدار الصمت والخوف لتعلن الخروج الشعبي العارم في مسيرات منتظمة ليلا ونهارا .

اكتشف الجيش الشعبي وكأن البساط يسحب من تحته ، فراهن اولا على التحالفات الحزبية المؤيدة له .لكنها تحالفات هشة ومرفوضة شعبيا لكونها في نظر المواطن الجزائري متورطة في تأبييد منظومة الفساد وترفض السماح بوجود ديمقراطية حقيقية .الجيش لن يتخلى عن السلطة وتدخلاته ستزداد مما فتح المجال لانطلاقة حراك شعبي عارم .

الحراك الشعبي مازال في طريقه للوصول الى احداث تغييرات جذرية تمس بنية النظام الجزائري ليتحول لنظام ديمقراطي .وهذا لن يتأتى الا بوعي المواطن بأهمية عدم الانزلاق للعنف وكذلك القطيعة مع الجيش أو مع الرؤية التقديسية للبذلة العسكرية .

طبعا ليس من السهل التخلي أو اسقاط مؤسسة عريقة في سطوتها وتجذرها ، لكن يمكن للشعب الجزائري وقواه الحية اضعاف المؤسسة .هذه المؤسسة التي يفرض عليها المساهمة في تطوير الجزائر ونقلها من حالة التسيب الى دولة قوية اقتصاديا وسياسيا .

الى جانب المؤسسة العسكرية ، على المواطن الجزائري رفض تدخل ابناء الشهداء ومقاومة تواجدهم في السلطة .فابناء الشهداء يشكلون قوة اضعفت البلاد واضرت بمصالح الشعب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *