منوعات

احترموا المعلم يرحمكم الله

“نية ” رئيس الحكومة، تحولت إلى ما يشبه كرة القدم، التي ضربت في “البوطو” وغادرت رقعة الميدان، بدل أن تزور الشباك، وفق “النية الركراكية” التي حضرت بكامل طقوسها في مونديال قطر، والنتيجة المؤلمة، اشتداد درجة حرار الاحتقان  والسخط في أوساط الشغيلة التعليمية، بناء على ما صدر في لقاء الأغلبية، من تصريحات فاقدة للبوصلة من زعيم الجرار، الذي وبدل الابتعاد عن قطاع لا يعنيه، أجج جمر الاحتقان بطريقة استفزازية، في لحظة تعليمية استثنائية، تقتضي الحكمة والتعقل  والتبصر، وتملك روح المواطنة، واستحضار الصالح العام؛

بعد أسابيع من الاحتجاج والشلل، البعض اقترح أن يدخل بعض الحكماء والعقلاء على خط الأزمة، لإنقاذ المدرسة العمومية من شبح السنة البيضاء، والبعض الآخر اقترح دخول بعض المؤسسات الدستورية على خط التماس، من باب الوساطة، لعلهم يفلحون في فك  عقدة نظام المآسي، ونرى حسب تقديرنا، أن الأمر لا يتطلب لا حكيم ولا رشيد ولا وسيط، بل فقط، حكومة جادة ومسؤولة ومتبصرة، تستحضر “البعد الاستراتيجي” لقطاع التعليم، في بلوغ مرمى التنمية الشاملة، وبناء القيم الوطنية والدينية”، و”تقدر ما للاحتقان الجاري منذ أسابيع، من  آثار على السلم الاجتماعي والنظام العام، في سياق اجتماعي  واقتصادي صعب”،  ومن “تأثيرات مباشرة على صورة الدولة، المقبلة على تنظيم عدد من الاستحقاقات الدولية”…

الحكومة لابد أن تكون حكيمة وجادة وعاقلة، وأن تبتعد عن خطاب “اللاجدية”  و”اللامسؤولية”، وتنخــرط بشكل استعجالي، في تقديم حلول عملية، دافعة في اتجاه العودة إلى الحجرات الدراسية، إنقاذا للموسم الدراسي، غير ذلك، سنفشل جميعا، في معركة نضالية، لا يمكن البتة، التعامل معها بمنطق “الغالب” و”المغلوب”، لأن الخاسر الأكبر هو “الوطن” الذي لن يسمو ولن يرتقي، إلا بتعليم منصف وعادل وناجع وفعال، يحظى فيه المعلم، بما يستحق من احترام وتقدير واعتبار وتحفيز؛

أهداف نساء ورجال التعليم واضحة ومشروعة، لا تخرج عن نطاق المطالبة بالكرامة والتحفيز والاحترام والتقدير، ولا تتجاوز دائرة الانتصار لمدرسة  وطنية عمومية، لم  يعـد يبتها يسر الناظرين والعابرين والمتأملين، لما وصلت إليه من بؤس ورتابـة وتواضع، على مستوى المناهج والبرامج  والوسائل والطرائق وبنيات الاستقبال،  ولا يمكن البتة، الاستقواء عليهم باسم الدولة، أو السطو على حقوقهم المشروعة باسم الوطن، أو التعامل مع مظلوميتهم، باستعمال أدوات  التحقير والترهيب والوعيد،  أو حتى الركوب على قضيتهم، لأهـداف سياسوية بئيسة، فماهم إلا دعاة سلم وحماة  نظام وحراس وطن وبناة  عقول وقيم…

لعبة “طوم وجيري” وما يرتبط بها من  مناورات وترقب وانتظار  وكر وفر، لم يعد تنفع،  وصكوك المؤامرة والاتهام، لم تعد تجدي، والحكومة عليها، استحضار الحكمة والعقل، وتبتعد عن سياسة صب الزيت على النار وتبعد الأصبع عن الزناد، والتعبير عن حسن نيتها، باتخاذ تدابير استعجالية واضحة، تدفع في اتجاه إعادة صياغة نظام أساسي جديد، تتحكم فيه “فلسفة الكرامة والاحترام والاعتبار”، عوض “فلسفة القهر والتحكم والزجر والعقاب”، وإي تمادي في سياسة المناورة والتمويه والهروب إلى الأمام، لن يكون إلا مغامرة متهورة، مهددة للسلم الاجتماعي، وماسة بتماسك الجبهة الداخلية، في ظرفية داخلية وخارجية، تقتضي الوحدة والتعبئة والتمسك الذي لامحيد عنه،  بحبال ثوابت الأمة، وبالشعار الخالد “الله”..”الوطن” ..”الملك”..

فاحترموا المعلم يرحمكم الله،  فقد بات ينطبق عليه القول: كاد المعلم أن يكون مقهورا ما لم نقل بات مقهورا، ولم يعد كما قال فيه الشاعر: كاد المعلم أن يكون رسولا…، وفي المجمل، فمن يهين المعلم ويحط من شأنه، فهو يهيـن الوطن ويحرمه من فرص النهوض والشموخ والبهــاء…، ومن يرافع عن  “المصلحة الفضلى للتلميذ”، نذكره أن “مصلحة التلميذ” هي جزء لا يتجزأ من “مصلحة المعلم” الذي ينمي عقله ويصقل مواهبه ويسلحه بالقيم الوطنية والدينية، ويمكنه من محبة الوطن والأمل وإرادة الحياة، في “بيئات تعليمية” فاقدة لأدنى شروط الجاذبية والتحفيز، ومعركة الكرامة التي يقودها المعلمون،  ماهي إلا معركة مفتوحة الجبهات، من أجل أجيال الغد، ومن أجل مدرسة عمومية، لابد أن تبقى الحضن الدافئ، لأبناء الشعب من البسطاء والفقراء والمعوزين، ومن أجل تلاميذ صغار ويافعين، قد يتحولون غدا، إلى معلمين، حاملين لمشعل رسالة النور والنبل والتميز والأمل والحياة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *