منتدى العمق

النظام الملكي والجمهوري في دول العالم الثالث

يقصد بدول العالم الثالث من حيث المدلول : مجموع الكيانات الجغرافية التي لا تنتمي للعالم الاول والثاني_’اي بصريح العبارة_ الدول التي تعاني من التخلف الاقتصادي٬ بحيث انها لا تستطيع هده الدول تحقيق اكتفاء ذاتي في المواد الاستهلاكية مما سيرغمها على الدخول في مساومات اقتصادية٬أي تصدير المواد الاولية واستغلال عائدتها في توفير حاجيات الدولة الاستهلاكية مما سيحكم على الدولة بالمديونية والتبعية السياسية للدول الرائدة .

وضع اقتصادي جد معقد بسبب انتشار معاملات دولية غير متكافئة ستضعف حتما ولا بد من مكانتها على مستوى الاسرة الدولية٬ كما سيجعل اوضاعها الداخلية على “كف عفريت” وبركان قابل للانفجار في اي وقت وحين٬ لا ريب ان هذا الوضع المعقد والصعب سيتطلب نظاما سياسيا معقدا وغاية في الغرابة كدلك كيف لا ! وان النظام الجمهوري اضحى نظاما ملكيا ايضا والنظام الملكي اضحى نظاما “اوليكارشيا” وهكذا دواليك.

في العودة لمجريات الاشكالية من جذورها٬ سنجد ان النظام الجمهوري حديث النشاة اي مند القرن 19 حتى يومنا هذا٬ هو نظام جاء لانهاء حكم الفرد وابتداء عصر المؤسسات وبناء الدولة الحديثة الموازية للتطورات التي كانت تعرفها المرحلة كالثورة الصناعية والاكتشافات العلمية ……كما ان النظام الملكي عرف تغيير على مستوى الاسس ببروز النظام الحديث للملكية منها النظام الدستوري او البرلماني٬ ايمانا بضرورة تحديث الانظمة من اجل صياغة اقوم لواقع البلدان وثقافاتها والانظمة التي تتماشى مع ذهنياتها فما هي يا ترى خصائص النظام الجمهوري بدول العالم الثالث ؟

شكلت مرحلة السبعينيات من القرن الماضي بداية الاستقلال الفعلي للدول المستعمرة٬ والتي ما فتئت ان تحولت الى دول “العالم النامي” حيث انتشرت انظمة ملكية في البداية٬سرعان ما اطاح بها قادة عسكريون معلنين بداية وضع اللبنات الاساسية للنظام الجمهوري الذي تحول الى نظام ملكي في المستقبل عبر ما بات يعرف” بتوريث الحكم” الذي سنتاول نماذج له مبينة على الشكل التالي :

1 حسني وجمال مبارك

مند سنة 1981 تسلم مبارك مقاليد الامور وحكم مصر لمدة 30 سنة ٬عاشت من خلالها على وقع تنازلات سياسية وازمات اقتصادية ستلقي بظلالها ابان الربيع العربي ويرى الخبراء السياسيون انه بعد وفاة حفيد مبارك “محمد علاء”٬ تسلم ابنه جمال ادارة البلاد على المستوى التنفيدي بتزكية من امه “سوزان مبارك” التي كانت ترعى ” التوريث”٬ صدمة نفسية جعلت مبارك ينهار شيئا فشيئا ويفقد السيطرة الى ان قرر عدم الترشح وعدل عن قراره من اجل تحضير ابنه” جمال” للفترة القادمة٬ والتي اصطدم من خلالها النظام المصري بالربيع العربي لتضيع احلام العائلة.

2 عمر وعلي بونغو

تقع دولة الغابون في غرب وسط افريقيا ويقدر عدد سكانها حوالي مليون ونصف المليون نسمة٬ اد حصلت الدولة على استقلالها سنة 1960 ’ ومند 1967 استطاع “عمر بونغو” حصد مقعد الرئاسة خلفا للرئيس” ليون امبا” وحكم البلاد لازيد من 43 سنة٬ استطاع خلال هده المدة القضاء على العرقية رغم الاتهامات الخطيرة التي كانت تطاله بفضائح فساد خطيرة٬ وطيلة هذه المدة كان الرئيس بونغو يقوم بتحضير نجله” علي بونغو” من خلال تعيينه في مناصب كوزارة الخارجية والدفاع ليجد الطريق مفروشا بالورود بعد وفاة بونغو الاب سنة 2009 ليصبح رئيس البلاد حتى الان٬غير ان فوزه بالرئاسة لولاية ثانية احدث علامة قاصمة من خلال اندلاع انتفاضة ببلاده لازال معها بونغو لا يعرف الطريق لحل الازمة .

3 كيم جونغ ال وكيم جونغ اون

يعتبر 9 سبتمبر 1948 نقطة تحولفي تاريخ كوريا لتتحول بموجبه الى الجمهورية” كوريا الديمقراطية الشعبية”٬ التي انقسمت فيما بعد الى كوريا الجنوبية والشمالية التي تبنت النظام الديمقراطي الشعبية ذو المرجعية الاشتراكية٬ ويعتبر كيم ال سونغ اول حكام البلاد ومؤسس الدولة٬ اذ حكم البلاد مند استقلالها الى ان قضى نحبه سنة 1994 وطيلة مدة حكمه حاول الرقص على انغام الزعامة وجعل الشعب الكوري يتغنى بزعامته وبنظامه الحر بعد ان اقام معسكرات للاعتقال السياسي وقضى تماما على مختلف اوجه الخيار الديمقراطي٬ وكنتيجة منطقية لنظام التوريث تسلم ابنه كيم جونغ ال مقاليد السلطة الدي سار على الدرب واتبع نهج والده مما جعل البلاد تدخل في انعزال اقتصادي٬ كما وصف الرئيس الامريكي” جورج بوش” كوريا الشمالية بانها من دول محور الشر والاستبداد لتستمر عملية التوريث مع كيم جونغ اون الدي وصف “بالوريث العظيم” الدي سار كدلك على نفس النهج وحكم البلاد الى يومنا هدا بالحديد والنار. ليبقى السؤال المطروح هل كوريا الشمالية جمهورية ام مملكة ؟

انطلاقا من النموذج الاسيوي (كوريا الشمالية) والافريقي (الغابون) والافرو-اسيوي (مصر) ٬ يتضح ان النظام الجمهوري وتطبيق الياته مجرد حبر على ورق خاصة ان الديمقراطيات الكبرى التي تتبنى هدا النظام تنص في دساتيرها على ان مدة الرئاسة محدودة في ولايتين٬ كما تنص كدلك على توسيع صلاحيات المجالس الحكومية والتشريعية٬ في المقابل نجد ان دول العالم الثالث لا تكترث لنظام الحكم وطرق تداول السلطة بقدر ما يكترث قادة دولها الى اطالة عروشهم من اجل خدمة مصالح الخارج واحتواء الداخل ٬ اد لاتهم مدة الحكم بقدر ما يهم استمرار الاوضاع على ما هي عليه الى غاية امتلاك قرار سياسي٬ هو واقع مركب سياسيا٬ اجتماعيا٬ اقتصاديا… مما يجعل تكريس السلوك الديمقراطي كممارسة لدى الافراد والجماعات ضرورة ملحة لصياغة انظمة سياسية واقتصادية تستجيب للتحولات الراهنة .