سياسة

خبير: قرار مجلس الأمن يعزز موقف المغرب في نزاع الصحراء ويكرس مقترح الحكم الذاتي

أصدر مجلس الأمن الدولي مؤخرًا قراره بتمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام آخر، في خطوة يراها متتبعون أنها تكرس دعم المجتمع الدولي للمقترح المغربي القائم على الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء.

وبحسب مختصين في الشأن الصحراوي، فإن القرار يعكس استقراراً في الموقف الدولي تجاه النزاع المفتعل، ويعزز شرعية مقترح المغرب، الذي يظل الخيار الأكثر واقعية لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.

وياتي هذا القرار بعد أيام من الخطاب الأخير الذي ألقاه لملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان المغربي، حيث أعلن عن الانتقال إلى “مرحلة التغيير” في ملف الصحراء.

وهي المرحلة التي من خلالها سيتم الانتقال إلى خطوات دبلوماسية أكثر فاعلية، حيث سيواصل المغرب تعزيز مقترحه المتعلق بالحكم الذاتي، وحشد المزيد من الدعم الدولي لتسوية النزاع بشكل نهائي وعادل.

ويرى محللون أن قرار مجلس الأمن يظهر كعامل داعم للمغرب في تعزيز موقفه بشأن القضية الوطنية. فالتزام الأمم المتحدة بمواصلة بعثة المينورسو هو مؤشر على أن المجتمع الدولي يدرك أن الحل الدائم لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار سيادة المغرب على كامل أراضيه.

وحول هذا الموضوع، قال المحلل السياسي، إبراهيم بلالي اسويح، إن قرار مجلس الأمن الحالي 2756 حول قضية الصحراء المغربية تكريس لاستمرارية لغة قرارات هذا المجلس منذ 2007 وذلك نتاج تراكم توافقات سياسية كانت أو قانونية لدى أعضائه منذ سنة 2004 عندما أقبر المجلس خطة التسوية أو خطة السلام أو اتفاق الإطار كإطارات مرجعية لحل هذا النزاع المفتعل وقد قبلت جميع الأطراف هذه العناصر وأقرها كل من المجلس والجمعية العامة للأمم المتحدة.

وأوضح عضو بالمجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن القرار من حيث الجوهر يدفعنا لربط جهود الدبلوماسية الملكية والتوجه الذي أعلن عنه مؤخراً عاهل البلاد أمام ممثلي الأمة فيما يتعلق بمرحلة التغيير التي يعرفها تدبير هذا الملف، إذ يبدو معززا لهذا المسار الانتقالي الذي تحدث عنه جلالة الملك سواء من حيث الشكل والذي حافظ على معظم ثوابت الحل السياسي بل وأدخل في الوقت نفسه بعض التعديلات تهدف إلى الضغط على الأطراف الأخرى لحثها على الالتزام بشكل أكبر بمتطلبات المسلسل وتسهيل عملية بعثة المينورسو، أو من حيث الجوهر الذي يتناسب مع الرؤية الملكية لمرحلة الأخذ بزمام المبادرة في ظل التجاذبات والسياقات الإقليمية والدولية التي تتحكم في كواليس صدور هذه القرارات من أعلى هيئة سياسية بالأمم المتحدة.

وأشار اسويح إلى أن قرار مجلس الأمن الجديد أعاد في ديباجته ومنطوقه التأكيد على الثوابت السيادية وكرس المكاسب الدبلوماسية للمملكة من خلال الطبيعة السياسية للحل المنشود وهو مايعني ضمنيا جنوح غالبية المجتمع الدولي نحو رفض أي تغيير لطبيعة هذا النزاع الإقليمي بتبني الواقعية والبراغماتية والتوافق بين الأطراف الفعلية في هذا الملف والتي مع مرور هذه السنين أصبحت عناصر حاسمة وثابتة ولا رجعة فيها.

وقال أيضا إن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس و قرار مجلس الأمن هذا الشهر تضمنا العديد من مواطن القوة للطرح المغربي نحو هذه الواقعية من مستوى التنمية لهذه الأقاليم الجنوبية الذي بلغ مراحل استراتيجية جعلت من هذه الأقطاب منصات للاستثمار والابتكار الوظيفي نحو العمق الأفريقي تستفيد منه القارة الأوروبية وواحات للأمن والاستقرار وسط محيط من الاضطراب والإرهاب في الساحل والصحراء وما لذلك من تهديد للسلم والأمن الدوليين.

واستطرد بالقول: “إن الدينامية المتواصلة للتفوق العسكري والأمني للمملكة في السنوات الأخيرة ساهمت في تمشيط المنطقة وفتح معبر الكركرات سنة 2020 الأمر الذي دفع الجبهة الانفصالية للدخول في دوامة من الارتباك منذ ذلك الحين وأصبحت في مرمى القواعد الآمرة لقرارات مجلس الأمن بالشجب في البداية إلى تعبير صريح عن الانزعاج والقلق العميق من هذه الجماعة الانفصالية المسلحة وتكرار مطالبتها بالوقف الفوري عن الأعمال العدائية والإرهابية لأن مضمون هذا القرار الصريح والضمني هو تذكير لهذه الأطراف بأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تراقبه المينورسو هو مع الأمم المتحدة وليس مع المغرب، كما أن هذا الارتباك بلغ حد التناقض لدى الأطراف الأخرى حيث المطالبات اليائسة بهذه العودة لوظيفة المينورسو الأولى أو توسيع صلاحياتها وتعرقل مهامها في ذات الوقت”.

وأوضح المتحدث أن “ترحيب المغرب وفق الرؤية الملكية الجديدة بهذا القرار يفهم منه انسجام الدبلوماسية المغربية مع المبادئ الأساسية في ربط هذا التمديد لمهام المينورسو ضمن المعايير الجديدة والتي ستحكم جهودها وذلك في خلق بيئة تتناسب واستمرار المسلسل التفاوضي وإعطاء الأولوية والسمو لمقترح الحكم الذاتي والذي تقدمت به المملكة سنة 2007 كقاعدة لهذا التفاوض، وهو موقف بحد ذاته يدين اللذين عملوا ويعملون على عرقلة مهامها”.

وأشار إلى أن “تركيز الدبلوماسية الملكية في الحشد الدولي لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو مادفع بمجلس الأمن إلى مواءمة التركيز الاستراتيجي للبعثة الأممية وتوجيه موارد الأمم المتحدة لتحقيق هذه الغاية على الرغم من المناورات اليائسة للوفد الجزائري لإدخال تعديلات بإزالة الإشارة إلى الحل الواقعي العملي والتوافقي وإدراج عنصر مراقبة وقف إطلاق النار في ولاية “المينورسو” أو حتى المطالبة بفسح المجال لمراقبة حصرية لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان قصد الزج بالمنطقة في مرمى القانون الدولي الإنساني لتوجيه الأنظار عن الإصلاحات الهيكلية التي باشرها المغرب في مجال القانون المتعلق بحقوق الإنسان من خلال آلية المجلس الوطني لحقوق الإنسان والذي أشاد قرار مجلس الأمن الأخير مرة أخرى بالدور الذي تلعبه لجنه الجهوية في كل من مدينتني العيون والداخلة في هذا الصدد”.

وخلص اسويح إلى أن “نص القرار الجديد لمجلس الأمن تعبير صريح وضمني بنهاية أسطورة الاستفتاء وتراجعه على الساحة الدولية، وحتى لكل محاولة بالعودة إلى مقترحات التسوية البائدة وهو مافنذ أطروحة حيادية الجزائر التي تكرر ذكرها خمس مرات إما كطرف أساسي في النزاع ينبغي أن يتحمل مسؤوليته في البحث عن حل نهائي للنزاع المفتعل أو كعضو أساسي في الموائد المستديرة التي أصر عليها قرار مجلس الأمن كمنهجية فريدة من أجل التوصل إلى حل سياسي وهو ما يعاكس إرادة النظام الجزائري الذي يعتبر نفسه غير معني بحضور هذه الموائد ولا المشاركة فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *