اسليمي: المحكمة الدستورية أنقذت قانون الإضراب.. والكرة في ملعب الأمانة العامة للحكومة

اعتبر عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن المحكمة الدستورية أنقذت القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مشيرا إلى أن الكرة الآن في ملعب الأمانة العامة للحكومة.
وقال اسليمي في تصريح لجريدة “العمق”، إن قضاة المحكمة الدستورية بدلوا جهدا كبيرا لتبييض مشروع القانون التنظيمي وإنقاذه من عيب عدم الدستورية، معتبرا أنهم كانوا أمام خيارين، إما استعمال مناهج التأويل التحفظي التي قد تكشف عن عيوب عدم الدستورية في بعض مقتضيات مشروع القانون التنظيمي، وإما قيام القاضي الدستوري بدور المفسر والشارح لمشروع القانون التنظيمي والقيام بدور التبييض القانوني للمشروع لإنقاذه من عيب عدم الدستورية.
فبخصوص الخيار الثاني المتمثل في تبييض مشروع القانون التنظيمي وإنقاذه، يرى اسليمي أن المحكمة الدستورية ذهبت فيه لعوامل متعددة، منها الأهمية الإستراتيجية لهذا القانون التنظيمي، وطول انتظاره لمدة 63 سنة منذ دستور 1962، وهاجس الحفاظ على سمو الكتلة الدستورية المغربية بعيدا عن فتحها أمام الإتفاقيات الدولية.
وبحسب المحلل السياسي، فإن قضاة المحكمة الدستورية اختاروا مقاربة المنهجية الأقل تكلفة المعتمدة على تفسير مضامين هذا القانون التنظيمي، حيث تحول القاضي الدستوري في قراره إلى شارح ومفسر لمضامين مشروع القانون الحاملة لاختيارات المشرع، مشيرا إلى أنه أحيانا يبدو القرار وكأنه مرافعة حول مشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب، وذلك لإنقاذه من عيب عدم الدستورية.
ويشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إلى أن القاضي الدستوري لم يقل في قراره إن مواد مشروع القانون التنظيمي مطابقة للدستور، وإنما صرح بأنها غير مخالفة للدستور، وبذلك يكون قضاة المحكمة الدستورية قد قدموا في القرار تفسير لما يريده المشرع، واعطوا معنى لما جاء به المشرع.
ويضيف اسليمي أنه بناء على المنهجية المعتمدة في قرار المحكمة الدستورية، يلاحظ أن القاضي الدستوري ابتعد عن مناهج التأويل التحفظي بكل أنواعها، وذلك لكي لا يلزم المشرع بإعادة صياغة النص وعرضه مجددا على المجلسين، وما قد ينتج عن ذلك من صراعات سياسية جديدة، فقد كان من الممكن للقاضي الدستوري أن يعمد إلى التأويل التحفظي التوجيهي المدعم، ولكنه اختار أسلوب تفسير ما جاء به المشرع.
وتابع قوله: “رغم أن القاضي الدستوري صرح بأن بعض مقتضيات المادة الأولى المسماة بأحكام عامة لاعلاقة لها بالقانون التنظيمي، فإنه لم يطلب حذفها، ولم يطلب تحويلها إلى ديباجة للقانون التنظيمي”.
ويرى المتحدث أن هذا التوجه المنهجي الذي اختارته المحكمة الدستورية له تفسير مرتبط بوظيفتها في الضبط وإدارة التوازنات والتفكير بالمصلحة العليا، مردفا: “لكن السؤال الآن مرتبط بالملاحظات التي قدمتها المحكمة في قرارها واشترطت ضمنيا الأخذ بها لما أوردت عبارة -مع مراعاة الملاحظات-، هل سيقوم المشرع بتدوين هذه الملاحظات في ملحق مشروع القانون التنظيمي قبل نشره؟”.
واعتبر هنا أن دور الأمانة العامة للحكومة سيكون في مراقبة نص مشروع القانون التنظيمي التي سيصلها للنشر، مشددا على أن الأمانة العامة للحكومة ملزمة بمراقبة هل ملاحظات المحكمة الدستورية على ثلاث مواد من مشروع القانون التنظيمي موجودة في النص أم لا.
وبلغة دستورية، يسترسل اسلميي، لا يمكن للأمانة العامة نشر مشروع القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب دون وجود ملاحظات المحكمة الدستورية في ملحق مع مشروع القانون التنظيمي.
وخلص المحلل السياسي إلى أن وجود ملاحظات المحكمة الدستورية شرط جوهري لنشره في الجريدة الرسمية، مضيفا: “فلننتظر كيف سيتم نشر مشروع القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب”.
اترك تعليقاً