رسوم ترامب تخلق “ذعرا” بالأسواق التجارية وتتسبب في خسائر بـ 5.4 تريليون دولار

شهدت الأسواق العالمية اليوم الاثنين اضطرابات حادة وعمليات بيع مكثفة، مدفوعة بتصاعد التوترات في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مما تسبب في تراجعات حادة في أسواق الأسهم العالمية. وأثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 34% على السلع الصينية، ورد الصين بالمثل، موجة من الذعر في الأسواق، وأدى إلى تقلبات واسعة النطاق وتصفية مراكز استثمارية.
في أوروبا، انخفض مؤشر “داكس” الألماني بنسبة 9% مع افتتاح التداولات، بينما تراجع مؤشر “فوتسي” البريطاني بنحو 5%. وعلى الرغم من هذه الخسائر، فإن الأسواق الأوروبية كانت أقل تضرراً من نظيرتها الآسيوية، التي سجلت تراجعات أكبر بفعل قربها الاقتصادي من الصين وتأثرها الكبير بسلاسل التوريد. في اليابان، أغلق مؤشر “نيكاي 225” على تراجع بنسبة 7.9%، بينما خسر مؤشر “توبكس” 7.7%. كما هوت أسهم شركة “سوني” بأكثر من 10%.
أما في الصين، فقد شهدت السوق واحدة من أسوأ جلساتها منذ سنوات. وأغلق مؤشر “شنغهاي المركب” على انخفاض بأكثر من 7%، في حين فقد مؤشر “CSI300” للأسهم القيادية حوالي 7%. وفي هونغ كونغ، هبط مؤشر “هانغ سنغ” بنسبة 12% تقريبا، وتراجعت أسهم “علي بابا” و”تينسنت” بنسبة 14% و10% على التوالي. وأشارت المحللة ديلين وو من شركة Pepperstone إلى أن هذه التراجعات تعكس “حالة من الذعر” في السوق، بعد ما وصفته بالقرار الأمريكي “الصادم” الذي طال قطاعات حيوية مثل أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية.
وتزامن هذا الانهيار مع تراجع حاد في الأسهم الأمريكية، حيث خسرت الأسواق أكثر من 5.4 تريليون دولار خلال يومين من التداولات، وانخفضت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية في تعاملات الأحد الليلية، ما ينبئ بافتتاح سلبي جديد. وقد دفعت هذه التوترات صحيفة “الشعب” الصينية، لسان حال الحزب الشيوعي الصيني، للتأكيد على “الاستعداد الكامل لمواجهة الضغوط الأمريكية”، مشيرة إلى أن الصين لديها “إجراءات مضادة كثيرة وخبرة مكتسبة” من سنوات الحرب التجارية السابقة.
في باقي آسيا، تأثرت الأسواق بشدة أيضاً، حيث أغلق مؤشر “تايكس” التايواني على انخفاض بنسبة 9.7%، وسط توقف شبه كامل للتداول بعد هبوط أسهم شركتي TSMC وFoxconn بنحو 10%. وفي كوريا الجنوبية، انخفض مؤشر “كوسبي” بنسبة 5.6%، وتراجعت أسهم “سامسونغ” بأكثر من 5%. أما في أستراليا ونيوزيلندا، فتراجعت مؤشرات الأسهم الرئيسية بنسبة 4.2% و3.7% على التوالي.
وامتد تأثير الأزمة إلى أسواق الطاقة والمعادن، حيث هبطت أسعار النفط بنسبة تفوق 2% لكل من خام برنت وغرب تكساس الوسيط، فيما تراجع الذهب – رغم اعتباره ملاذاً آمناً تقليدياً – بنسبة 4% منذ يوم الخميس الماضي، ليصل إلى نحو 3030 دولاراً للأونصة.
وفي الولايات المتحدة، حذر المستثمر الملياردير بيل أكمان من أن ترامب “يخسر ثقة قادة الأعمال”، ودعاه إلى إعلان “مهلة توقف” لتفادي ما وصفه بـ”حرب اقتصادية نووية”، متهماً إياه بتقويض الثقة الدولية في الولايات المتحدة كمكان آمن للاستثمار والتجارة. من جهته، رفض ترامب هذه الانتقادات، وأكد أن الولايات المتحدة “أصبحت أقوى”، ورفض التنبؤ بمسار الأسواق، لكنه أعرب عن استعداده للحوار مع الصين والاتحاد الأوروبي، شريطة معالجة الفائض والعجز التجاري الكبيرين.
ويبدو أن الأزمة مرشحة للتصعيد ما لم تتخذ خطوات عاجلة لنزع فتيل التوتر بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، وسط ترقب شديد من المستثمرين لما ستسفر عنه الأيام القادمة.
اترك تعليقاً