وجهة نظر

ازدواجية المعايير في الدفاع عن حقوق الإنسان

كشفت وقائع مجتمعية عن ازدواجية معايير الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في المغرب. وكانت النتيجة اختلال موازين التعامل واختلاف معايير المؤازرة والمساندة الحقوقيتين.

إن مسألة الدفاع عن حقوق الإنسان يجب أن تتسم بالنسقية والبعد عن الانتقائية. فمنظومة حقوق الإنسان ما وجدت إلا للدفاع عن مركزية الإنسان الكونية وحمايته من كل امتهان.

وأعتقد أن عملية تمحيص وقائع استهداف الحقوق الأساسية والحريات الفردية التي شهدها المجتمع المغربي تكشف عن جملة من التناقضات واختلال المعايير، سأعمل على لإيراد على الشكل التالي:

أولا: التغطية الإعلامية

شهد المجتمع المغربي اعتداءات خطيرة على الحقوق الأساسية لمجموعة من الأفراد، وقد حظيت تلك القضايا بتغطية وسائل إعلام رسمية وغير رسمية، لكن لم نجد تفاعلا مع قضايا أخرى مماثلة.

وهنا لابد من طرح السؤال التالي “ما هي منظومة الأفكار التي على الإنسان المغربي تبنيها حتى يجد مساندة من إعلامه الرسمي في حال استهداف حقوقه الأساسية؟”

ثانيا: المنظمات الحقوقية

تفاعلت هيئات حقوق الإنسان بشكل سريع مع أحداث خطيرة شكلت اعتداء صارخا على حقوق الأفراد الأساسية، وهي في ذلك التفاعل مشكورة، لكنها في المقابل أعرضت، أو أبطأت في أخرى، تحت مبرر جمع المعلومات وانتظار تجلي الملابسات.

ويطرح سؤال جوهري في هذا الجانب وهو “ما هي منظومة حقوق الإنسان التي على المغربي تبنيها حتى يجد تلك المنظمات إلى جنبه في حالة الاعتداء على حقوقه؟”

ثالثا: المجتمع المدني

نظمت هيئات المجتمع المدني عدة تظاهرت على خلفية أحداث خطيرة معزولة استهدفت فيها حقوق وحريات مجموعة من المغاربة، وهي مشكورة على واجب الدفاع عن حقوق الإنسان، لكنها في المقابل تحاشت الدفاع عن قضايا مماثلة.

وهنا وجب طرح سؤال “ما هي معايير الدفاع عن قضية دون أخرى، وهل جريمة حلق شعر “شيماء” وصفعها في محاكمة طلابية عقدها فصيل النهج الديمقراطي القاعدي، أقل خطورة من وقائع إنزكان وطنجة وآسفي التي خرج المجتمع المدني للتنديد بها؟”

رابعا: المؤسسات الدستورية

لم يغفل المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن تضمين تقريره حول “وضعية المساواة والمناصفة بالمغرب” حوادث الاعتداءات التي وقعت في إنزكان وطنجة وآسفي، وعد ذلك خرقا سافرا لحقوق الإنسان، لكنه في المقابل أغفل وقائع خطيرة عن استبعاد نساء من وظائفهن أو من الترشح لوظائف معينة بسبب اختياراتهن في اللباس.

وعلينا أن نرقب صدور تقارير المجلس الوطني لحقوق الإنسان لنرى مدى التزامه بنقل الوقائع المختلفة ومنها جريمة حلق شعر “شيماء” وصفعها، وإلى ذلك الحين علينا أن نتساءل “هل الانتساب لتيار معين هو معيار دخول الشخص أو استبعاده من تقارير هذه المؤسسة الدستورية الوطنية المعنية بحقوق الإنسان؟

خامسا: المنظومة الدينية

خصصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خطب جمعة موحدة بناء على حوادث خطيرة شهدها المجتمع المغربي، همت أساسا التحذير من إحراق الذات، وأحقية السلطات في إنزال العقاب، في حين تغاضت عن مواضيع مهمة ومماثلة من وحي اللحظة، ومنها واقعة “شيماء” و”النهج الديمقراطي” التي توحي بعدة دروس عبر، لنرى أن هذا المجال بدوره يظهر طابع الانتقائية واختلال الموازين.

في ختام هذا الموضوع يجب التذكير أن شرف الدفاع عن حقوق الإنسان يكون باحترام الإنسان مهما كان رأيه وأسلوبه في الحياة، وليس بإقصائه بناء على منظومة قيمه وأفكاره وممارساته، وإلى حين الترقي إلى ذلك المستوى وجب التنبيه إلى أن تلك الممارسات تشين قضية الدفاع عن حقوق الإنسان وتفقد الثقة في المدافعين عنها.