وجهة نظر

أنصتوا لـ “بيجيدا” يرحمكم الله. !!

قيل من الحكمة الإنصات للعدو قبل الصديق، ومن يدري فقد تستفيد من توجيهاته الغير مباشرة المغلفة بالسب والشتم وحتى الكراهية. فهو طبعا لا يقصد من ذلك كله أن يقدم خدمة مجانية للأعداء. و كم من صديق جاهل يضرك من حيث أراد أن ينفعك، و كم من عدو نفعك من حيث أراد أن يضرك.!

إن ظهور حركة “بيجيدا” الأوروبية في هذا الظرف الحرج الذي تمر منه الأمة الإسلامية، يعد أمرا جديرا بالدراسة والتحليل العلمي الرصين . فما هي مطالبها وماذا تريد؟. باختصار فكلمات اسم الحركة يلخص أهدافها ” وطنيون أوربيون ضد أسلمة البلاد “. ويقول زعيم “بيجيدا” “لوتز باخمان” ألمانيا ليست أرضا للهجرة. الاندماج لا يعني أن نعيش بجانب بعضنا البعض.إنما العيش معا على أساس كون ألمانيا يهودية مسيحية كما يحدده الدستور. وثقافتنا لألمانية تستمد جذورها من المبادئ اليهودية المسيحية. التي تحددها الديانة المسيحية الإنسانية والوضوح”، درس ممتاز في التسامح.

إنه أمر جيد أن يختم السيد”باخمان” كلامه بعبارة الوضوح. وهذا بالضبط ما نبحث عن كشفه في هذا المقال، فعندما يظهر السبب يبطل العجب كما يقال. فقد يكون هدا “الباخمان” يهودي الديانة. لانه ببساطه أقحم المسيحيين واليهود وعزل المسلمين. فلماذا لا يقول كذلك لا لتهويد أوروبا ؟.

أعتقد أن أوروبا لن تكون في المستقبل بلاد تسامح. فالمسلمون خاصة لن يكون مرحبا بهم في الأمد المتوسط والبعيد. فما تتبناه هذه الحركة الموغلة في العنصرية يدعمه متطرفي أقصى اليمين. و سبب تشاؤمي يرجع إلى بداية سطوع نجم أقصى اليمين المتطرف. وكذلك هناك أسباب موضوعية كمشكل البطالة المتفاقم. بالإضافة إلى مشكل اللاجئين السوريين وتباطؤ نمو اقتصاد أوروبا. وقد تندلع في المستقبل حرب في شرق إفريقيا بسبب مشكل مياه النيل. وقد تندفع موجات جديدة من اللاجئين في اتجاه أوروبا. كل هذا سيكون في صالح حركة”بيجيدا” مع الأسف. ولن يعدم اليمين المتطرف الوسيلة لاستثمار ذلك بكل خبيث والوصول لمراكز القرار الأوروبي.

طبعا بطرق ديمقراطية تحددها صناديق الاقتراع. وهذا أمر طبيعي فالسياسة هي حسن استغلال الفرص. فالإنسان الأوروبي يخشى البطالة والإرهاب. واليمين المتطرف واضح في كرهه للمسلمين. فباقي الأحزاب الأوروبية والتيارات تتقاطع مع اليمين في التحذير من الخطر الإسلامي. لكن الفرق هو في وضوح أقصى اليمين حيث يعلنها دون مراوغة دبلوماسية. إن الأمر يتعلق عند حركة “بيجيدا” بمشكل الأسلمة. فلو استطلعنا آراء الملايين من العمال المسلمين في أوروبا وطرحنا عليهم سوأل هل تريد أسلمة أوروبا؟ في نظري أن أغلبهم سيجيب أريد فقط ضمان مستقبل عيش كريم لي ولأسرتي. وقد تجد بعضهم يتاجر في الممنوعات وقد تجد آخرين منحرفين.. لكنهم يحملون أسماء وملامح شرق أوسطية. وهذا هو سبب كرههم ومعاداتهم لأن الحركة العنصرية تنظر فقط للأعداد القادمة إلى بلادها.

إن اليمين المتطرف يستغل مخاوف الأوروبيين ويوظفها في حملاته الانتخابية. وقد يصل إلى هدفه الأسمى في حكم أوروبا وتطبيق برنامجه العنصري. عندها قد تنصب محاكم تفتيش من جديد للمسلمين ،كما حصل في الأندلس بعد انتصار المسيحيين بقيادة الملكة”إيزابيلا” و”فرديناند”، حيث تم القضاء علي المسلمين بعد تخيرهم بين اعتناق المسيحية أو الرحيل ومن رفض كان مصيره الإعدام. الفرق بين الأمس واليوم هو أن اليهود كذلك تم طردهم من الأندلس كما فعل بالمسلمين.أما اليوم فالمسلمين هم وحدهم من سيدفع فاتورة عنصرية اليمين المتطرف وحركته الميمونة” بيجيدا”، أعتقد أن أهداف هذه الحركات العنصرية باتت قريبة المنال، فهم يعزفون على الوتر الحساس عند الأوروبي ـ “الإرهاب”ـ حيث يتم ربطه بالإسلام، وفي نظري أن وصولهم إلى مركز القرار يعد أمر جيد فكما يقال: “رب ضارة نافعة”، فوضوح أقصى اليمين المتطرف سيفضح ديمقراطية الغرب وتسامحه المزعوم ويعريه أمام العالم.