منوعات

مشاركة المغرب في “رعد الشمال” هل هي بداية لتشكيل قوات عربية إسلامية للتدخل السريع؟

استمرارا للتطورات السريعة التي شهدتها العلاقات المغربية الخليجية منذ سنة 2012، والتي تأتي استجابة لما تطرحه الإستراتيجية الأمريكية الجديدة بالشرق الأوسط، يستعد المغرب للعب دور أكبر في صراع المحاور الدائر بين إيران والمملكة العربية السعودية، هذه الأخيرة لم تكتفي منذ أشهر بإعلان قيادتها لتحالف إسلامي ضد الإرهاب؛ بل اتخذت خطوات سريعة مع أبرز حلفائها لخلق قوة عربية إسلامية منسجمة قادرة على التدخل السريع في بؤر التوتر.

وفي إطار هذه الخطوات نجحت السعودية في جمع جيش حوالي عشرين دولة عربية وإسلامية، لإجراء منورات تدريبية على أراضيها، تبدأ بداية هذا الأسبوع، في أكبر تدريب عسكري بعد إعلان الرياض الخاص بالتحالف الإسلامي ضد الإرهاب.

وتمثل “رعد الشمال” خطوة جديدة في إطار الحرب الباردة بين المحور السعودي والمحور الإيراني بالخليج العربي، وهذا النوع من التحرك العسكري هو استمرار للأدوات السياسية والحربية الدائرة بين المعسكرين سواء في أروقة الأمم المتحدة، أو على أرض المعاركة الدموية في كل من العراق وسوريا واليمن.

ويفهم من مشاركة المغرب أن العلاقات مع الخليج ارتقت من درجة الشريك الاستراتيجي السياسي إلى الشريك الاستراتيجي العسكري؛ خاصة وأن الوحدات العسكرية المغربية البرية والبحرية والجوية، تقاتل إلى جانب قوات ” عاصفة الحزم- عاصفة الأمل”. كما أن القوات المغربية قبل ذلك كانت تلعب دورا تقنيا وتدريبيا في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرية. يأتي هذا كذلك بعد الاتفاق العسكري المغربي السعودي الأخير، وكذلك عزم المملكة العربية السعودية تمويل الصناعة العسكرية بالمغرب ب 20 مليار دولار .

أما على المستوى الدبلوماسي فإن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية السعودي للرباط الأسبوع الماضي، وتعمد إعلان ضيف المغرب استعداد القوات السعودية والعربية التدخل البري في سوريا من المغرب، يعتبر رسالة دبلوماسية من العاصمة الرباط للمحور الإيراني؛ في وقت شككت فيه تقارير أمريكية وإيرانية في قدرة المحور السعودية على التوغل في “الوحل السوري”، خاصة وأن تركيا لتزال تتجنب التورط المباشر في النزاع المتعدد الأطراف في سوريا.

كما أنه يمكننا فهم مشاركة المغرب في هذا التدريب المتعدد الجنسيات، في سياق تحويل المملكة العربية السعدية لوجهة رهانها العسكري العربي. فقد كانت تعتمد أساسا منذ حرب الخليج الأولى على الجيش المصري، إلا أن التحولات التي شهدتها النخبة العسكرية المصرية بعد الانقلاب الذي لم تكن السعودية بعيدة عنه؛ عجلت في خلق طبقة سميكة من عدم الثقة بين المملكة وجيش الجنرال السيسي، خاصة بعد رفض المجلس العسكري منتصف سنة 2015، إرسال قوات برية مصرية للقتال ضمن تحالف ” عاصفة الحزم”؛ واكتفى المجلس العسكري المصري بإرسال وحدات بحرية تحرص باب المندب، الشيء الذي اعتبرته السعودية، تلكأ في مناصرتها في وقت كانت حدودها مع اليمن مهددة بالاجتياح من طرف “مليشيا الحوثي” وعلي صالح.

أكثر من ذلك، عمدت القيادة العسكرية المصرية على التواصل المباشر مع طهران وجماعة الحوثي وأيدت علنا التدخل الروسي في سوريا دفاعا على بقاء الأسد في السلطة، ورغم أن مصر مشاركة في المنورات المشار إليها أعلاه، مع المغرب وباكستان وغيرهما، فإن السعودية من خلال مجموع من القرارات التي اتخذت في عهد الملك سلمان؛ تتجه فعليا إلى الاعتماد بشكل كبير على الجيش المغربي مستغلة بذلك عاملين رئسيين، الأول أن الملك بالمغرب هو رئيس أركان القوات المسلحة، وبالتالي فإنه يخضع لسلطة الملك الدستورية والرمزية؛ وأن الجيش بالمغرب لا يتدخل في تكوين السلطة السياسية، أو يحكم بشكل مباشر. وهذه العوامل غائبة فيما يخص الجيش المصري الذي يتحكم في الاقتصاد والسياسة، ويكون طرفا مباشرا في المحاور الدولية، للحفاظ على مصالحه الداخلية.

بكلمة، إن مشاركة المغرب ب”رعد الشمال”، يأتي في إطار تفاعلات دولية حساسة، وفي مرحلية انتقالية دولية، تحتم على المغرب الدفاع عن مصالحه العليا، ومصالح حلفائه، باستعمال الوسائل الدبلوماسية، والحربية إذا اقتضت الضرورة.