وجهة نظر

المحطة المهمة ما قبل الأخيرة، تركيا..

إن الكلام عن فرضية انطلاق حرب شاملة بين روسيا وتركيا بشكل مباشر لم يعد يقتصر النضر فيه تحليلا و ترترةً من قبل مهندسي نظرية المؤامرة أو محللي الآرائك الناعمة و الكراسي المزخرفة أو الخبراء الموثوق بهم في عالم السياسة الدولية.

لأنه إذا ما أردنا النظر في واقع “صعب التصديق” و ما يجري من عمليات النفخ تحت التبن لتنطلق شرارة “حرب ساخنة”، و كيف ستبدو حينئذ الحرب؟ وما نتائجها وكيف سيتم إدارتها؟

أمر نتركه إلى غرفة الهندسة الحربية المشتركة التي تم إنشائها بين المملكة السعودية و الدولة التركية بإجماع أطياف سياسية مختلفة و خبراء عسكريين بارزين “يؤمن” كل منهم بنهج موحد بخصوص هذه الحرب الدولية المستهدفة.

لماذا تركيا ؟

سؤال راود المتـتبع البسيط قبل أن يحرك فضول السياسي المغربي المُحنك.

لماذا تركيا و ليس مصر أو الأردن أو إيران، إجابة أبعثها عبر الرقمي إلى لذلك القارئ البسيط الذي يتوق شوقا لفهم الباب الأول من أحجية ” الشرق الأوسط الجديد ” ، حيث تطلب الأمر أولا مسرحة بعض الصراعات تلاها بعد ذلك إسقاط بعض ” البيادق الساكنة ” ثم تلى ذلك إعادة خلط الأوراق و تصدير النص المسرحي تحت عنوان ” حقوق الأقليات العرقيات ” و تقرير المصير ثم تقسيم المُقسم أصلا، لكن كل هذه الأحداث لا يكن من السهل تحقيقها إلا بكسر الأشواك العربية و المسلمة بالرغم من أنها كانت ذات انتماء علماني الفكر و المعتقد لأن تاجر النزاع لا يهمه في الأمر سوى أن مآذن العلماني مادامت أنها لازالت ترفع أصوات التكبير، إذن فهناك شعلة أمل في المُعتقد.

و كي لا أحول النص إلى رد ديني أو عقائدي ، أدعوا القارئ للعودة إلى ما قبل أحجية ” لماذا تركيا ” و ما بعدها من سيناريوهات ، حيث أود التذكير في عجالة إلى استحضار صراعات العرب في العقود الماضية، حينما كان حضور البهلوان الحربي ” الروسي ” حضورا فاعلا بكل المقاييس ، كحرب مصر مع إسرائيل سنة 1973، حرب إبادة البوسنة 1992-1995، الشيشان 1994-1996، أفغانستان 1980، حرب العراق و إيران 1980-1988 ، و أخيرا و لن يكون آخرا حرب سوريا الذي ضل الجهاز الحربي الروسي حاضرا كحضور الفزع الأكبر قبل موعده ، و يرفرف تساؤل في العمق مرة أخرى : ما المراد من حضور روسيا بين الفينة و الأخرى في جل نزاعات العرب و المسلمين، حيت نجدها مرة مشاركة و أخرى مُجرمة و في أحيان مُؤججة لأسباب وقوع الجريمة الحربية أو داعمة لمرتكبيها ؟؟؟

تعتبر تركيا بمثابة الشوكة المسلمة بعلمانيتها، و التي تعتبر محورا مهما يربط الشرق بالغرب من جهة، و دولة مسلمة مهمة تشارك حلف النيتو مهامه الدولية بقيادة أمريكية، كما أن زعزعة استقرار تركيا هو ضرب لآخر معاقل حضارة الإسلام القوية استراتيجيا حيث باتت تركيا في نضر من يريد التعجيل بحرب الصراع الذهني ” هارماجيدون المُقدسة ” كشوكة في أعناقهم يتوجب إزاحتها أو تركيعها على أبسط تقدير، حيث تزايد دعم الإنسانية المنبوذة هربا إليها و نقصد هنا تركيا، كما لا ننسى أن أغلب قيادات الإخوان المسلمين الفارين من بطش الدولة المصرية و الأردن و السلطة الفلسطينية يتم احتضانهم و توفير حماية خاصة لهم في تركيا و ملفات أخرى تشكل فزعا أكبر لمحور الشر ” إيران و حزب الله ” لا يسع ذكرها.

ثم يلوح في الأفق تساؤل آخر ، ما علاقة المملكة السعودية بالحرب في سوريا و ما هي الأسباب و الدواعي التي دفعتها لإتخاد قرار المشاركة بقيادة تركية مشتركة !

إن القضية التي تريد أن تتبناها المملكة السعودية بتنسيق تركي خليجي شبيه بما سبق و قامت به في اليمن و المتمثـل في حصر الأذى و محاربة محور الشر خارج محيطها الجغرافي و الديموغرافي، حيث ستتحول الأرض السورية إلى أرض ستـُلعب فيها نهائيات اللعبة الأخيرة و التي سيشارك فيها العديد من اللاعبين الدوليين، و أما ما يجري حاليا أراه من وجهة نضري مجرد إحماء للشوط المثير و هو قادم ربما في أيام و ربما خلال أشهر أو سنوات علما أن المشاهد الكبرى لا يمكن لأي كان أن يتكهن بها و الذليل، قراءة في تاريخ الحرب العالمية الثانية و تأكيد الدول التي دخلتها أنها لم تكن تتكهن بحدوثها أو حتى توقيت انتهائها، كذلك هذه الحرب المُذللة لا أحد يملك التحكم في دوران عقارب ساعتها لكن الكل و بإجماع العموم يؤكد أنها قادمة و بحزم أكبر بعد كسر الأشواك المتبقية أولا و أهمها تركيا و بعض دول الجوار انطلاقا من مصر حفظ الله أهلها.

و من أسوأ ما قرأت من أحد المؤسسات الحكومية الروسية :

عن ميخائيل ألكسندروف، وهو خبير بارز في مركز الدراسات العسكرية والسياسية، أن روسيا في أشد حالتها ستكون مضطرة لاستخدام الأسلحة النووية فورا لأنه “سيكون المصير الوجودي للأمة الروسية على المحك”.

وقال “من وجهة نظري، إذا ما اشتعلت الحرب مع تركيا فيجب أن تكون قوية وواسعة وسريعة، يجب علينا حينئذ البدء فورا بضربات نووية تُوجه إلى البنية التحتية الأساسية للمواقع العسكرية في تركيا، ليس في المدن حيث يعيش السكان بل على المقرات والمراكز الرئيسية للاتصالات ومستودعات الذخيرة والمطارات والموانئ وذلك خلال الساعات القليلة الأولى من الحرب، يجب علينا تدمير البنية التحتية العسكرية بأكملها في تركيا”.

هذا النص ليس مقال رأي و إنما لمحة مبسطة أتشرف بتقديمها إلى أخي القارئ البسيط الذي اختلط عليه الأمر ، حيث حاولت تبسيط التحليل و استعمال السهل الممتنع لتعم الفائدة ، هذا التحليل ليس رأيي الشخصي و لكنه قراءة لأحداث و بشهادة صناعها..