خارج الحدود

خبراء مغاربة: إعدام النمر رد على تجاوز إيران لخطوط السعودية

أجمع خبراء مغاربة، أن اشتداد التوتر بين السعودية وإيران، يعكس قوة الصراع بين القوتين الإقليميتين حول الريادة في المنطقة، باعتباره يشكل استمرارا للصراع السياسي القائم بينهما، والذي يتجلى بشكل واضح في لبنان وسوريا واليمن والعراق.

وقال خبراء في تصريحات استقتها جريدة “العمق” الإلكترونية، إن إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي نمر النمر، وما أعقبه من ردود فعل مختلفة، أبرزها إحراق السفارة السعودية بطهران، يشكل تجليا واضحا لطبيعة الصراع بينهما، فالسعودية تعتبر المنطقة العربية مجال نفوذها، وتضع خطوطا حمراء أمام إيران، والأخيرة تحاول خلخلة  ميزان القوى الإقليمي وتحقيق تقدم في اختراقاتها للمنطقة.

خلخلة ميزان القوى

تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي بجامعة الرباط، أشار إلى أن الصراع بين السعودية وإيران ليس جديدا، فـ”السعودية تعتبر أن إيران تحاول خلخلة ميزان القوى الإقليمي عبر بسط نفوذها في المنطقة، خاصة في لبنان وسوريا والعراق” وفق تعبيره.

وفي هذا السياق، يضيف الحسيني في اتصال مع “العمق”، جاء إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي نمر النمر، ردا على ما تعتبره المملكة تجاوز إيران للخطوط الحمراء في المنطقة.

الخبير المغربي أشار إلى أن ازدياد حدة التوتر بين إيران والسعودية، إضافة إلى الاضطرابات التي تعيشها المملكة العربية جراء المظاهرات المستمرة للشيعة في المنطقة الشرقية للبلد، “يؤشر على وجود مخاض تعيشه المنطقة”، حسب قوله.

الحسيني ربط الأحداث الجارية بما اعتبره مخططا غربيا لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات، حيث تشير خريطة المخطط، التي كانت صحيفة نيويورك تايمز قد نشرتها، إلى تقسييم السعودية لخمس مناطق، من بينهما دويلة للشيعة في الشرق، وذلك بعدما بدأ التقسيم يتحقق في بعض الدول كالعراق وليبيا في الأفق.

صراع الريادة في المنطقة

من جهته، خالد الشكراوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن التوتر الذي تعرفه العلاقات بين السعودية وإيران بعد إعدام “نمر النمر”، ليس إلا تتمة للصراع القائم بينهما في المنطقة، ويأتي ضمن سياق إثبات الذات ومحاولة كسب الريادة الإقليمية، وفق تعبيره.

وأضاف الخبير المغربي في اتصال مع “العمق”، أن الصراع يبدو في ظاهره دينيا بين نظام سني وآخر شيعي، إلا أنه في جوهره “صراع سياسي استراتيجي حول النفوذ في المنطقة من أجل السيطرة ومراقبة المجال الخليجي”، معتبرا أن ما يقع هو شكل من أشكال الصراع الممتد بين البلدين في لبنان وسوريا واليمن.

أستاذ العلاقات الدولية، نبه إلى أن “قمع” الدول الخليجية للشيعة ومنعهم من حقوقهم السياسية، زاد من حدة التوتر السياسي “خاصة في ظل بعض الإحصائيات التي تكشف أن الشيعة يشكلون 40 في المائة من المجتمع السعودي”.

وأشار إلى أن الصراع له بعد اقتصادي أيضا، فـ”السعودية تسعى لإضعاف إيران اقتصاديا من خلال التحكم في الإنتاج النفطي، لتظل إيران ضعيفة بعد توقيعها الاتفاق مع القوى الدولية حول برنامجها النووي” يقول الشكراوي.

إعادة صياغة جديدة لخريطة المنطقة، في إطار مفهوم الفوضى الخلاقة” يقول المتحدث.

الإعدام رد سعودي على إيران

خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، اعتبر أن أحكام الإعدام التي تم تنفيذها في حق 47 شخصا تعد ممارسة خاطئة، و”السعودية لا تحتاج لمثل هذه الأشياء لتعالج مشاكلها، بل تحتاج لعقلانية أكثر بغض النظر عما إذا كان جميع المتهمين فعلا يستحقون الإعدام”.

وأضاف المتحدث في تصريح لـ”العمق”، أن هذه الأحكام ستساهم في تأجيج الأوضاع بالمنطقة، وهو ما بدأ يظهر من خلال ردود الفعل المختلفة خاصة من طرف إيران.

الشيات أشار إلى أن السعودية أرادت من خلال إعدام نمر النمر، إيصال رسائل داخلية وخارجية، داخلية للطائفة الشيعية في السعودية مفادها أن النظام الملكي في البلد خط أحمر، فضلا عن تأكيدها “للإصلاحات السياسية” التي تباشرها المملكة في عهد الملك الجديد، ورسائل خارجية تنبه إلى الانتهاكات التي تطال السنة في إيران، وفق تعبيره.

وأوضح الشيات، أن طهران “تزيد من بلقنة المنطقة وتسعى لزعزعة استقرار السعودية والتحكم في مكة المكرمة، وهذا مخططها منذ زمن بعيد”، حسب قوله، مضيفا أن إيران لا شأن لها بعمليات الإعدام التي نفذتها السعودية لـ”أنها شأن داخلي”.