وجهة نظر

الاتحاد الاشتراكي و حتمية .. التغيير !

1 – نشر الصحفي المغربي لحسن العبسي في جريدة الاتحاد الاشتراكي مقالا ” يرد ” فيه على عالم الاجتماع المقتدر السيد محمد الناجي ، الذي عبر عن وجهة نظره إزاء راهن المشهد السياسي الوطني في صحيفة أخبار اليوم ، معتبرا أن الحزب الإسلامي المعتدل ” العدالة و التنمية ” أنهى ولايته في الحكومة نظيف اليد ، عكس باقي الهيئات الحزبية التي تورطت في مسلكيات سياسوية غير لائقة ، و من ضمنها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، مما حدا بالشعب المغربي إلى تجديد الثقة في فريق السيد عبد الإله بنكيران ، و التصويت عليه بكثافة ، جعلته يتصدر نتائج استحقاقات السابع من أكتوبر الماضي ، و يُحدث رجة في البركة السياسية المغربية الآسنة . و بقد ما كان حوار الأكاديمي السيد محمد الناجي هادئا و دقيقا و متوازنا ، بعيدا عن أي نزعة عدائية أو ادعاء غير شريف ، انسجاما و المقاربة العلمية الراجحة التي عودنا عليه صاحبُ ( الجنود ، الخدم و الجواري ) ، بقدر ما كانت ” مقالة ” السيد العبسي بعيدة كل البعد ، عن المطلب الحصيف في الرؤية الموضوعية و العقلانية إلى ” الإشكال ” المُعاين !و يكفي الإشارة إلى طبيعة المعجم اللغوي بالغ العنف الذي توسل به ، للتهجم على كاتب يحظي بقدر وافر من التقدير و الاحترام في الساحة الفكرية ة السياسية على حد سواء .

2 – ندرك الحالة النفسية الصعبة التي آل إليها جل الاتحاديين جراء الحصاد المر ، الذي كان من نصيبهم في الانتخابات الأخيرة ، و العدد الهزيل من المقاعد البرلمانية التي حصلوا عليها ، بيد أن كل ذلك لا يبرر هكذا ردود غاية في السطحية و الانفعال غير المجدي ، فلا أحد يجهل المكانة المرموقة التي ميزت حزب عبد الرحيم بوعبيد طيلة عقود من الزمن ، لا بل إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان معادلة مفصلية ، و رقما صعبا في المسيرة السياسية لتاريخ مغرب ، ما بعد مؤتمر الخيار الديمقراطي الاستثنائي سنة 1975 ، لقد كان زعماء هذه الهيئة السياسية الوطنية ، و على رأسهم المرحوم عبد الرحيم بوعبيد رموزا في التضحية و النضال ، و الدفاع عن المصالح العليا للوطن خارج الحكومة قبل أن يكونوا جزءا منها !

3 – و كان يفترض من السيد لحسن العبسي و ” رفاقه ” العودة إلى جادة الصواب ، و استقراء راهن
و مآلات حزب طالما تغنينا ببطولاته و قراراته الوطنية الجريئة ، و انتهاج مسلك النقد الذاتي لمعرفة مكامن القصور و مواطن العلل ، لإعادة إحياء المبادئ الاشتراكية النبيلة ، فالمغرب اليوم أكثر من أي وقت مضى ، في أمس الحاجة إلى يسار متضامن موحد ، لنشر قيم العدل و المساواة و الكرامة الاجتماعية ، و تقوية الجبهة الداخلية ، خاصة و المغرب يواجه تحديات اقتصاد و جيواستراتيجية حاسمة . و لعل أعظم خدمة يسديها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للوطن ، هنا و الآن ، هي التراجع الفوري عن أي رغبة في المشاركة في الحكومة ” المقبلة ” ، لرفع الحرج عن الأحزاب المعنية أصلا بتشكيل الحكومة الجديدة ، و لكي لا يبدو في صورة من يستجدي حقائب وزارية غير مستحقة ، والانكباب الجاد
و المسؤول على لم شمل مكونات الأسرة اليسارية ، و رص صفوفها للاستعداد المنهجي و المحكم للاستحقاقات الوطنية المقبلة ، بهدف الدخول إلى عالم التدبير الحكومي من بابه الواسع ، من أجل مغرب الغد ، مغرب الأمن و الاستقرار و الإقلاع التنموي الشامل ، الأمر الذي يستدعي سياقا ديمقراطيا سليما يضمن التنافس الحضاري على السلطة ، و الدفاع المستميت عن دولة الحق و القانون ، و في المقدمة دستور الأمة ، و حماية الإرادة الشعبية و الشرعية الدستورية و كرامة المواطنين .