وجهة نظر

السلطان ماكرون والرئيس أردوغان

بالأغلبية الساحقة اكتسح الجمهورية إلى الأمام الحزب الذي أسسه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الدورةَ الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية، وهو ما يعني بالنتيجة أن الرئيس الفرنسي الشابّ قد حصل على تفويض أطلق يده في القيام بتنفيذ الإصلاحات التي وعد الشعب الفرنسي بها.

ورغم أن نسبة المشاركة في الجولة الثانية لم تكن كبيرة بامتناع قطاع كبير من الفرنسيين عن التصويت، إلا النتائج لا تحسب إلا بالحضور والحضور فضّل برلمانا فرنسيا بغير معارضة وكأنه رهان جديد على الشابّ الذي قلب موازين السياسة في فرنسا بانتخابه رئيسا للجمهورية الشهر الماضي. وتشير النتائج الأولية إلى حصول حزب الرئيس…

الجمهورية إلى الأمام و الحليف الدّاعم له الحركة الديمقراطية على ثلاثمئة وواحد وأربعين مقعدا من أصل خمسمئة وستة وستين مقعدا في الجمعية الوطنية، و جاء ذلك وفقا لأرقام وزارة الداخلية الفرنسية، و يضاف إلى هذه المقاعد أحد عشر مقعدا خُصّصت للفرنسيين المقيمين في الخارج؛ حيث لم تصدر نتائج هذه المقاعد بعد، وإن كانت التكهنات تذهب إلى استحواذ الجمهورية إلى الأمام على نصيب الأسد منها.

وإن كان الرئيس الشاب قد حصل على التفويض الشعبي اللازم كما أراد، فإن الرّهان الآن على ماكرون نفسه في مدى مصداقيته وقدرته على تحقيق وعوده التي قطعها على نفسه، وهو نفس الرّهان الذي وُضع فيه الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان بعد التصويت على التعديلات الدستورية التي ستنقل له صلاحيات تمكنه من اتخاذ القرارات بشكل سلس يسرّع من وتيرة تمرير هذه القرارات، والتي وُصفت في وقتها على أنها تأسيس لدكتاتورية أردوغانية في بلد يكرّس الديمقراطية. رغم أن التعديلات الدستورية تفرض رقابة صارمة على أعمال الرئيس، إلا أن هذا الوصف اليوم لا يمكن أن يصدُق على ماكرون صاحب الأغلبية البرلمانية المطلقة التي تمكنه من تمرير كل القرارات والقوانين التي يريدها خلال فترة ولايته في ظل البرلمان المستمر للسنوات الخمس القادمة.

إذ إن فرنسا من الدول التي لها حق النقد دون أن تمس هي بالنقد، أما اردوغان صاحب التجربة الفريدة والتي تتشابه بالمناسبة مع تجربة ماكرون، إذ إن حزبيهما فازا في نفس العام الذي تأسس فيه، أما أردوغان فيحق للأوروبيين أن ينتقدوه ويصفوه بالدكتاتور والسلطان لأنه استطاع بجهده هو زملاؤه أن ينال ثقة الشعب الذي جرّبه وحزبه ولم يجد منهما إلا الخير.

التجربة الفرنسية على يد ماكرون تتشابه مع التجربة التركية، إلا أنّ العين التي تراها ليست واحدة، إلا أنّ الحقيقة المجردة في دنيا السياسة أن الحبّ والكره لا محل لهما إلا في قلوب الحاقدين لتسقط عنهم الأقنعة وتظهر وجههم القبيح.