منتدى العمق

استهداف المغرب ديانة النظام الجزائري !

يجمع عدد غير قليل من الخبراء و المعنيين بالشأن السياسي الدولي و العربي تحديدا ، أن الجزائر مصرة و إلى أبعد مدى ، على استهداف المغرب و الدفاع الأسطوري على العقيدة العسكرية الجزائرية المتمثلة في أن المغرب عدو بالغ الخطورة على الوجود الكلي للدولة الجزائرية ، و بالتالي فإن محاصرته و شيطنته على أكثر من صعيد هو الحل ” الأمثل ” لإعطاب آلته و شل حركتها نحو الانطلاق التنموي المنتظر ! خاصة و أن أصحاب القرار الجزائريين يدركون أكثر من أي وقت مضى أن بلاد المليون شهيد قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الاقتصادي الأكيد ، في ظل استمرار تراجع سعر النفط ، مما يحدو ببعض المسؤولين السياسيين إلى التهجم المنهجي على المغرب بمناسبة و بدونها ، و لعل ما صرح به مؤخرا وزير الخارجية السيد عبد القادر مساهل من حقد متأصل إزاء المغرب من شأنه أن يوجز الوضع النفسي و السياسي و الاجتماعي العصيب لدوائر الحكم ، و يعكس بجلاء جنونهم لأي نجاح مغربي مهما كبرت أو صغر ت أهميته . إنها الجزائر التي عوض أن تبحث عن مخارج موضوعية و علمية لأزماتها المحرقية ، و تجترح حلولا كفيلة بوضع حد للفساد و الاستبداد ، و تزرع الأمل في قلوب المواطنين الجزائريين الأشقاء ، عوض ذلك ، تتخذ من كراهية المغرب هدفها التنموي و مرادها الاستراتيجي و تطلعها الأبدي !

– بيد أن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن المملكة المغربية تعيش في بحبوحة من العيش ، أو ترفل في نعيم من الديمقراطية و التنمية الشاملة ، كلا ، فأمام المغرب مسلك طويل و شاق من أجل اللحاق بالدول الصاعدة ، و الحصول على مكانة محترمة تحت شمس التقدم و الحداثة ، من خلال احترام مضامين الدستور و القوانين المنظمة للحياة العامة ، و تقدير الإرادة الشعبية ، و الفصل الفعلي بين السلطات و محاسبة الفاسدين .. إلا أن خطوات بالغة الأهمية اجتازتها المملكة المغربية سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا ، ظلت غائبة عن الجمهورية الجزائرية ، و أن أي مقارنة محايدة و جادة بين المنجز التنموي المغربي و الجزائري ستكون في صالح المغرب ، و هذا باعتراف المنظمات الدولية و المؤسسات المالية و السياسية العالمية ، و السياسيين الجزائريين الأحرار و الشرفاء الذين لا يقتصرون على تحصيل معلوماتهم عبر الإعلام الرسمي المنحاز، بل من خلال زياراتهم الدورية لمختلف المدن المغربية المحورية ، رغم أن الجزائر تسبح في محيط من النفط و الغاز المدرين لأموال خيالية ، و تحظى بموقع استراتيجي بالغ القيمة ! فما الذي يصيب النموذج السياسي الجزائري في مقتل ؟ ما الذي يجعله يبدد مئات الملايير من الدولارات في ظرف زمني استثنائي ، و يحرم مواطنيه من رؤية الضوء في آخر النفق ؟ ما الذي يجعل المواطن الجزائري يشعر بمرارة التهميش و الضياع و الغربة داخل بلده ؟

– ليس التشفي من سمات صاحب هذه السطور ، و لا الابتهاج بمعاناة الآخرين و مصائبهم ، بل إنه ينطلق من إيمان راسخ و عقيدة صادقة و يقين حازم ، بأن تطبيع العلاقة بين البلدين الشقيقين ، و فتح الحدود بينهما و تحييد المشاكل و النزاعات الوهمية المؤججة للصراعات ، والمهددة بأوخم العواقب يمكن أن يؤدي لا محالة إلى قطب مغاربي غير مسبوق ، و قوة فعالة نحو البناء و التشييد ، و إقامة مستقبل واعد ، مستقبل الدولة الوطنية الديمقراطية بحصر المعنى . إن كلا من المغرب و الجزائر في حاجة إلى مد جسور المودة و التآزر و العمل المشترك من أجل غد مشرق ، أما المناكفات الصبيانية و الاتهامات المجانية و المسيئة فلا يمكن أن تزيد واقعنا العربي إلا فسادا فوق فساد.

فهل تفعلها الجزائر و لو مرة واحدة في تاريخ استقلالها الحديث ، و تكفر عن خطاياها ، و تضع حدا لمسلكياتها السياسية ، و تقف في وجه التصريحات غير المسؤولة ، ذات الصلة بشؤون المغرب الداخلية ، و المعادية لمصالحه العليا ، و تساهم في طي صفحات حالكة السواد ، و كتابة أخرى بوازع العقل و العروبة و الدين ، و القيم و المواثيق المعترف بها دوليا ؟ أم أننا سنظل ” نحلم في زمن الوهم ” ؟ في كل الأحوال الكرة هنا و الآن في مرمى الجزائر ، أما المغرب فقد قرر رغم كثير من الأخطاء و المعيقات أن يمضي قدما في سفر طويل الأمد ، في اتجاه أفق يراه أجدى و أفيد !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *