اقتصاد، سياسة

إجراء بقانون مالية 2018 يهدد بتشريد 3 آلاف عامل وفقدان ملايير الدراهم

في الوقت الذي اعتقد الجميع أن ميزانية 2018 ستكون استثنائية بكل المقاييس، نظرا للظرفية التي مرت منها البلاد خلال سنة 2017، من احتجاجات مطلبية اجتماعية دفعت أعلى سلطة في البلاد إلى التدخل للدعوة للاهتمام بمشاكل المواطن من صحة وتعليم وتشغيل وغيرها، يبدو أن الحكومة تسير في خط متناقض مع الظرفية الاستثنائية وتوجهات الدولة للحفاظ على الاستقرار والسلم الاجتماعي من خلال قانون مالية 2018 الذي لم يأت بأي قيمة مضافة في هذا الجانب.

وفي هذا الصدد، لاحظ عدد من النواب البرلمانيين وعدد من المختصين في المالية العامة المغربية، أن القانون المالي المعروض حاليا المصادقة أمام نواب الأمة، جاء بزيادة مهولة في الرسوم الجمركية، المفروضة على السيارات المستوردة، خارج اتفاقيات التبادل الحر، حيث عمل المشروع على نقل الضريبة على الرسوم الجمركية من 17.5 في المئة، إلى 30 في المئة، الأمر الذي يعد تهديدا مباشرا للإستثمارات النشيطة في هذا القطاع، والبالغة حوالي 15 مليار درهم، مع العلم أن السيارات المستوردة عن طريق التبادل الحر لا تؤدي أي ضريبة للدولة (0 في المئة) وأن الماركات الأخرى تؤدي 17.5 في المئة وهي ضريبة جد مرتفعة ولا تشجع على المنافسة، مقارنة مع أنظمة جبائية أخرى معمول بها في دول مجاورة تنافس المملكة في استقطاب هكذا استثمارات.

ونتيجة لهذه الرسوم الجمركية المرتفعة وعدم تشجيع التنافسية، فإنه من المتوقع أن يفقد حوالي 3 آلاف عامل بقطاع استيراد وبيع السيارات وظائفهم، وهو ما يهدد آلاف العائلات بالتشرد، إذ من المنتظر في حالة تطبيق الرسوم الجديدة القضاء على استثمارات شركات كبيرة في المغرب من بينها؛ شيفروليه وشيري وجاك وجيلي وصوبارو وبايد ولاند ويند وهافي ودايهاتسو وغيرها، حيث تجد السركات صعوبة كبيرة في تسويق منتوجاتها بالنظر إلى أن ثمنها يكون مرتفعا للغاية، وأنها ستتكبد خسائر مادية فادحة إن هي باعت بالثمن الحالي.

وحسب الخبراء في هذا المجال فإن المتضررين الكبار من الزيادة في الرسوم الجمركية يأتي على رأسهم؛ تويوتا، هيونداي، كيا، ميتسوبيشي، مايندرا، مازدا وسونغ يونغ. وحسب إفادات نواب برلمانيين فإن القضية تبنتها فرق برلمانية كبرى وطرحتها للنقاش لمحاولة معرفة خلفياتها العميقة، كفريقي العدالة والتنمية الأصالة والمعاصرة، حيث أثير الموضوع خلال اجتماع لجنة المالية منذ الأسبوع الماضي داخل لجنة المالية.

وفي هذا السياق، انتقد البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة فوزي الشعبي، الإجراءات الحكومية التي تفضل السوق الأوروبية وتمنح لها الامتيازات الكبيرة، وخاصة على مستوى إعفائها من الضرائب وتسهيل الأمور الجمركية لفائدتها، في مقابل الرفع من الضرائب على منتجات السوق الأسيوية وتشديد الإجراءات عليها بالجمارك، متسائلا عن خلفية تفضيل تلك السوق على حساب السوق الأسيوية رغم جودتها وانخفاض أثمانها.

وأوضح الشعبي الذي كان يتحدث مؤخرا على هامش مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أن الجمارك تفرض ضرائب غير مفهومة على السيارات القادمة من السوق اليابانية والكورية، في حين يتم إعفاء السيارات القادمة من فرنسا وألمانيا مثلا، مبرزا أن تلك الإجراءات غير مفهومة وأنها تحمي المصالح الأوربية فقط على حساب مصالح المواطنين المغاربة، معتبرا أن استمرار هذا الموضوع دليل على عدم وجود أي إرادة سياسية للوقوف ضد الاحتكار الذي تفرضه السوق الأوروبية.

وفي الإطار ذاته، أثار عدد من النواب خلال اجتماعٍ للجنة المالية، أن رفع الضريبة الجمركية يهدد مصير 3000 عامل في القطاع، ويطرح أكثر من علامات استفهام، منها: لماذا بعض المنتجات محمية في المغرب أكثر من بلدها الأم، خاصة وأن اقتصاد المغرب أصبح منفتحا متطورا وليبراليا؟ ولماذا يريد وزير المالية صاحب مشروع القانون الرجوع إلى الوراء وإغلاق الطريق أمام انفتاح  الاقتصاد الوطني عبر الرفع من الضرائب الجمركية في هذا المجال؟ ثم من له المصلحة في منع المستهلك المغربي من اختيار السيارة التي يريد حسب مقدور كل فرد؟ مبرزين أن رفع الرسوم الجمركية من شأنه أن يزيد الأسعار ويثقل كاهل المستهلك المغربي.

وأوضح عدد من المختصين في مادة التجارة الدولية أن الرسوم الجمركية التي تطبق على هذه السيارات دون غيرها هي في الأصل جد مرتفعة، وتبلغ 17.5 في المئة، فما بالها بـ 30 في المئة، مقابل 0 رسوم جمركية على السيارات المستوردة في إطار التبادل الحر، ليخلصوا إلى نتيجة مهمة وهي أنه في حال إلغاء هذه الرسوم أو تخفيضها بشكل كبير فإن ثمن السيارات سينخفض بـ 15 في المئة بشكل تلقائي، بفعل المنافسة التي تصب في آخر المطاف في مصلحة المستهلك وتعطي انطباعا حقيقيا عن كون الاقتصاد المغربي هو اقتصاد حر مؤمن باقتصاد السوق ومستنير برؤية اقتصادية تنافسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *