مجتمع

جائزة المجتمع المدني .. بين اتهامات “القرصنة” وتوضيحات الوزارة

في أول مبادرة من نوعها بالمغرب، أشرفت الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، على تتويج أفضل الجمعيات والشخصيات المدنية بالمغرب لسنة 2017، في حفل أحياه الفنان نعمان لحلو بحضور عدد من المسؤولين، على رأسهم رئيس الحكومة، غير أن الجائزة أثارت بعض اللغط، بعد الاتهامات التي وجهها الائتلاف المغربي للملكية الفكرية إلى وزارة مصطفى الخلفي، بـ”قرصنة” تصور الجائزة.

الائتلاف المغربي للملكية الفكرية، استبق حفل تتويج الفائزين بجائزة المجتمع المدني، يوم الأربعاء المنصرم، وعقد ندوة صحفية بالرباط قبل يوم من الحفل، كشف خلالها روايته حول ما يعتبره “فضيحة قرصنة تصور الجائزة”، في حين كشف مصدر مطلع من وزارة الخلفي، أن الجائزة كانت مبادرة من طرف الجسم الجمعوي، والوزارة قامت فقط بتنزيلها على أرض الواقع، ولم تتلقى أي شكاية أو مراسلة في الموضوع.

اتهامات “القرصنة”

رئيس الائتلاف المغربي للملكية الفكرية عبد الحكيم قرمان، قال خلال الندوة الصحفية الثلاثاء المنصرم، إن التصور الفكري للجائزة الوطنية حول المجتمع المدني تعود للناشط الجمعوي عبد الواحد الزيات، مشيرا إلى أن الأخير تعرض لما أسماها “جريمة القرصنة”، باعتبارها من الجرائم الموصوفة في مجال التعدي على الملكية الفكرية لأصحابها بغرض الانتفاع من ثمارها، وفق تعبيره.

وأوضح أنه سيراسل المنظمة العالمية للملكية الفكرية حول هذه القضية، وفتح مسالك جديدة للترافع حول القضية بتنسيق مع العديد من المنظمات الدولية الصديقة للائتلاف، حول “ما ارتكبته الوزارة في مجال احترام حقوق الإبداع والمبدعين”.

وحول ما تؤكده الوزارة من أن هذه الجائزة كانت من مخرجات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، قال قرمان إن “ابتكار التصور والفكرة وتوثيقها وتثبتها، سابق للحوار المذكور ومخرجاته، بل سابق حتى على تولي حكومة العدالة والتنمية مهام تدبير الشأن العام في نسختيها، بالتالي فكل المحاولات الواهية لن تنفع أمام قوة المنطق وحجج ومستندات المتظلم صاحب الحق الأصلي”، على حد وصفه.

المتظلم

الناشط الجمعوي عبد الواحد الزيات، قدم في الندوة الصحفية، ما اعتبره “كرونولوجيا الأحداث التي تخص مشروعه الفكري المقرصن، منذ إعداده وتوثيقه سنة 2010 وبعثه عبر مراسلة بالبريد الإلكتروني للوزارة المكلفة أنذاك بالشباب والرياضة في شخص منصف بلخياط، والتفاعل الايجابي الذي لقيه المشروع من لدن مدير الشباب عبر جواب موثق بالبريد الالكتروني، ثم بعد ذلك مع الوزير اللاحق محمد أوزين الذي عمل على تجميد المشروع، بعدما تدخل الزيات بشكل رسمي ليثبت ملكيته الفكرية للمشروع، ووصولا إلى الوزير الحالي”.

وأشار المتحدث إلى أن وزير المجتمع المدني “اعترف ضمنيا عبر تصريحات متعددة، بعزمه تعويض وإنصاف المتظلم، ثم دخول الائتلاف المغربي كطرف مدني حقوقي وترافعي مؤازر، حيث تم تشكيل لجنة مشتركة لدراسة الملف وإعداده من الناحية القانونية، وكذا التدابير الواجب اعتمادها في حالة عدم التوصل إلى تسوية بين طرفي النزاع تكون منصفة وعادلة”.

اقرأ أيضا: هذه هي الجمعيات والشخصيات الفائزة بأول جائزة للمجتمع المدني بالمغرب (فيديو)

وأضاف بالقول: “لكن مع مرور الوقت تبين بالملموس إمعان الوزير الخلفي في التسويف والمراوغة وتمضية الوقت بالوعود الكاذبة في تسوية الموضوع بالتراضي، ولجوئه كالعادة إلى ذر الرماد في العيون تارة بالإخبار أنه  سيبحث عن سبيل منصف لتعويض صاحب الحق عن الضرر الذي لحقه، وتارة يعلن بأنه سيفتح تحقيق في الموضوع، وتارة يطلب من الزيات عقد لقاء خاص على انفراد للتسوية، وتارة يكلف مدير ديوانه بالتواصل والتهدئة وعدم إثارة الموضوع أمام الرأي العام”.

توضيحات الوزارة

بالمقابل، كشف مصدر مطلع من داخل الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، لجريدة “العمق”، أن هذه المعطيات والشكايات لم تتوصل بها الوزارة إطلاقا، وأن المتظلم لم يرفع أي مراسلة رسمية إلى الوزارة في الموضوع.

وأوضح المصدر المطلع، أن ما جاء على لسان الائتلاف المغربي للملكية الفكرية، يخص وزارة الشباب والرياضة، وهي التي راسلها الائتلاف والناشط الجمعوي المتظلم، أي أن الموضوع لا علاقة له بالوزارة المكلفة بالعلاقات مع المجتمع المدني، حسب قوله.

وأضاف المصدر ذاته، أن مبادرة الجائزة الوطنية حول المجتمع المدني، انبثقت من المجتمع المدني، سواء عبر الحوار الوطني حول المجتمع المدني الذي ظم 10 آلاف جميعة، أو في إطار حوار دينامية الرباط الذي شاركت فيه أزيد من 5000 جمعية، مشددا على أن الوزارة قامت فقط بتنزيل وتفعيل مبادرة الجائزة.

ورغم ذلك، يردف مصدر “العمق”، فإن وزارة الخلفي قامت بفتح تحقيق في الموضوع بناء على تصريحات المتظلم والائتلاف المغربي للملكية الفكرية، وراسلت وزارة الشباب والرياضة بهذا الشأن، إلا أنها لم تتلق أي رد إلى حدود الآن.

أول دورة 

وتُوجت 4 جمعيات وشخصية مدنية، الأربعاء الماضي بالرباط، بجوائز المجتمع المدني بالمغرب في أول دورة لها، حيث أعلنت لجنة تحكيم الجائزة التي تشرف عليها الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، عن فوز جمعية “تمسال للتنمية المستدامة” بدوار  تمسال بوارزازات، بالجائزة الأولى عن مبادرة “المدرسة النموذجية” في صنف الجمعيات والمنظمات المحلية، بينما عادت الجائزة الثانية لجمعية “واد زم للتنمية والتواصل”، عن مبادرة تثمين النفايات المنزلية القابلة للتدوير، وذلك بعدما بلغت الكميات المعالجة من طرف الجمعية 12 طنا شهريا.

وفي صنف الجمعيات والمنظمات الوطنية، تم تتويج جمعية تنمية عالم الريف بالرتبة الأولى عن مبادرتها “برنامج قناطر للتنمية والتضامن” لفك العزلة عن الساكنة القروية، فيما احتلت جمعية “حماية الأسرة المغربية” المرتبة الثانية في نفس الصنف، وذلك عن مبادرتها “الأسر المستقبلة” لترسيخ التربية الوالدية كرافعة لكل مشروع مجتمعي.

وبخصوص الشخصيات المدنية، توجت الفاعلة الجمعوية بهيجة كومي بالجائزة الأولى كناشطة في المجال الصحي عن مجهوداتها حول مرضى سرطان الدم، حيث تعتبر من أبرز الشخصيات النشيطة في هذا المجال، وساهمت في مؤسسات خيرية لدعم مرضى سرطان دم، وألفت كتابين وديوان شعري في هذا الموضوع، كما حازت على جوائز عديدة.

وحصلت الجمعيات والشخصيات المتوجة على مكافأة مالية لم يتم الإفصاح عن قيمتها، مع ذرع تذكاري وشهادة تقديرية، فيها أعلنت لجنة التحكيم عن حجب صنف جمعيات ومنظمات مغاربة الخارج خلال هذه الدورة دون كشف الأسباب، وذلك وحفل قدم فيه الفنان نعمان لحلو أبرز مقاطعه الغنائية، في انتظار الدورة الثانية للجائزة التي ستتزامن مع تخليد الذكرى الـ60 لصدور ظهائر الحريات العامة وضمنها ظهير الجمعيات.

رئيس لجنة التحكيم قال في كلمة له في الحفل، إن اللجنة تلقت ما مجموعه 232 ترشيحا، 159 منها تم توزيعها على أصناف الجائزة، و73 ترشيحا منها يهم شخصيات مدنية، مشيرا إلى أنه تم الاحتفاظ في الطور النهائي بأربع مبادرات عن كل صنف، وتتويج جمعتين عن كل صنف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *