سياسة

هكذا تفاعل نواب ومحللون مع عضوية البرلمان في مجلس حقوق الإنسان

خلف التعديل الذي تقدمت به فرق ومجموعة الأغلبية، على مشروع قانون رقم 76.15، الذي يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والقاضي بتوسيع العضوية بالمجلس لتشمل البرلمان، جدلا واسعا، بين مؤيد ومعارض للتعديل، حيث ذهب البعض إلى اعتباره مخالفا لدستور 2011، فيما اعتبر البعض الآخر أنه لا حرج فيه وليس هناك أي مانع قانوني يمنع البرلمانيين من أن تكون لهم تمثيلية داخل المجلس، بالمقارنة مع التجارب الدولية في الموضوع.

وهبي: التمثيلية تطوعية وليس هناك أي مشكل في ذلك

اعتبر النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، أنه “ليس هناك أي مانع قانوني أو سياسي يمنع البرلمانيين من أن يكونوا داخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خاصة أن التمثيلية تطوعية داخله وليس فيها أي تعويضات”.

وأضاف وهبي في تصريح لجريدة “العمق”، أن النقاش الذي عرفته لجنة العدل والتشريع، أمس الأربعاء حول التعديل القاضي بتوسيع العضوية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان لتشمل البرلمانيين، عبر تعيين أربعة منهم مناصفة بين مجلسي البرلمان، كان نقاشا “طبيعيا وصحيا”، مشيرا إلى أن الحكومة رفضت التعديل، لكن المعطيات التي تم تقديمها حول الوضعية وكذا تجارب المؤسسات المماثلة في العالم، أثبتت أنه ليس هناك إحراج أو مانع ليكون للبرلمان تمثيلية في المجلس.

ولفت البرلماني عن حزب “البام”، إلى أن “وزير الدولة مصطفى الرميد، أثناء مناقشة التعديل، حوَّل النقاش إلى قضية شخصية وليس سياسية، عندما وجه حديثه لأحد برلمانيي الأغلبية، وانتقل إلى التهديد بإعمال الفصل 103 من الدستور، الأخير الذي يعد استعماله حصريا لرئيس الحكومة، مع العلم أنه لا يملك الحق في ذلك”، مؤكدا أن “أحزاب الأغلبية الحكومية والمعارضة كان لها نفس الموقف اتجاه التعديل وساندته بالإجماع”.

رحاب: توسيع العضوية مجانب للصواب

ومن جهة أخرى، ذهبت النائبة البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي حنان رحاب، إلى أن التعديل القاضي بتوسيع العضوية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان لتشمل البرلمانيين، “تعديل مجانب لكثير من أبواب الصواب داخليا وخارجيا، وستكون سلبياته أكثر من توهم الإيجابيات”.

وقالت رحاب، في تصريح لجريدة “العمق”، إن “الوظيفة الرقابية للبرلمان على المجالس الوطنية، تتطلب مبدأ الحياد وبوجود برلمانيين، -لا أعلم بأي صيغة سيمثلون داخل هذا المجلس-، سيمس مبدأ الحياد وهل سيجد البرلمان نفسه مُراقِبا ومُراقَبا، وهي وضعية لن تفيد لا البرلمان، ولا المجلس، ولا البلد في النهاية”، وفق تعبيرها.

وأبرزت المتحدثة ذاتها، أن “الإحراج الكبير في هذه العملية، يأتي والمغاربة يستنكرون هذا الاسهال في “زرع” المنتخبين داخل مؤسسات لا داعي لوجودهم بها، سواء خلقتها المؤسسات المنتخبة، أو أرادت التسلل لها، وهو ما يزيد من استعداء الرأي العام على العمل السياسي عموما”، حسب قولها.

الشرقاوي: تمثيلية البرلمان المجلس غير تطوعية وستكون لها تعويضات

وبالمقابل، اعتبر المحلل السياسي عمر الشرقاوي أن “تمثيلية البرلمان بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ليست تمثيلية تطوعية، بل ستكون هناك تعويضات عن ذلك”، مشيرا إلى أن “الفكرة المطروحة الآن هي تراكم مهام البرلماني”.

وأشار الشرقاوي، في تصريح لـ”العمق”، إلى أن “هناك تجارب في هذا المجال؛ ففي فرنسا مثلا المجلس الوطني ممثل ببرلمانيين اثنين، وهناك تجارب أخرى ممثلة بأعضاء الحكومة وبوزراء، وهي تجارب لا تلزمنا، فنحن لنا قانون له بيئته، ولكن لماذا لا نأخذ بالأنظمة التي يتمثل بها الوزراء في المجلس الوطني”، وفق تعبيره.

وتابع الشرقاوي، أنه يجب تعيين الممثلين بالمجلس من الناس المتخصصين في مجال حقوق الإنسان، مضيفا: “لو قالو أنه يتعين تعيين 4 برلمانيين بالمجلس شريطة إنهائهم لمهامهم في البرلمان لن يكون هناك مشكل، مثلما حصل مع التمثيلية بالمحكمة الدستورية”.

ولفت الشرقاوي، إلى أن هناك “جموح غريب للمؤسسة التشريعية من خلال تمثيليتها بمؤسسات دستورية، بالرغم من أن لها وظيفة كبيرة لمحاسبة هذه المؤسسات، فضلا عن إشكالية تداخل المهام، والعلاقات بين المؤسسة الدستورية والبرلمان والتي هي منصوص عليها في القانون، عبر العلاقات الاستشارية”.

قروري: توسيع العضوية لا علاقة له بالتعويض

وفي سياق ذي صلة، نفت النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية بثينة قروري، أن يكون للتعديل علاقة بالتعويضات، مشيرة إلى أنه لا يجب إثارة هذا النقاش، وطرح المزايدات، “فهو أمر غير وارد وتحريف للنقاش الحقيقي”، وفق تعبيرها.

وأبرزت قروري، في تصريح مماثل لجريدة “العمق”، أن النقاش الذي عرفته لجنة العدل بين البرلمانين، حول التعديل، كان “نقاشا أرقى وأعمق من ذلك، حيث اعتمدنا فيه على تجارب مؤسسات دولية، واطلعنا على المعايير الدولية في الموضوع”، لافتة إلى أن “ما يمكن أن يؤثر على صورة المغرب في الخارج بالنسبة لهذه المؤسسة الوطنية هو التقاعس في إخراج التقارير من المجلس”.

وأوضحت المتحدثة ذاتها، أن ملاحظات اللجنة الفرعية المتعلقة باعتماد المؤسسات الوطنية، تنصب على “هل هؤلاء الأعضاء لهم الحماية من العزل التعسفي، وهل لهم استقلالية اتجاه الحكومة والمؤسسات التنفيذية، وبالتالي يمكنهم القيام بالرصد والتحري واستقبال الشكايات في هذا الجانب، وهل يمكنهم اصدار التقارير بنزاهة وشفافية؟”.

وشددت قروري، على أن “تعديلات فرق الأغلبية انصبت في تجويد النص، حيث اعتمدنا على المعايير الدولية والمعايير الفضلى وأدخلنا تعديلات جوهرية، وأعطينا الحصانة التي لم تكن في النص السابق الذي أتت به الحكومة، لأعضاء الآلية الوطنية لمناهضة التعذيب، كما أعطيناهم الحق بأن لا يتم عزلهم أو متابعتهم أثناء القيام بمهامهم، في حين أن الأمر في السابق كان واردا، وقدمنا امتيازات تسهل مهامهم”.

زين الدين: توسيع التمثيلية بالمجلس مخالف لروح الدستور

من جهة أخرى، اعتبر محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن “توسيع العضوية بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان لتشمل البرلمانيين، هو مخالف لروح وجوهر الدستور، على اعتبار أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو مؤسسة حكامة، هذه الأخيرة بمفهومها الضيق مستقلة عن كافة السلط، سواء التشريعية أو التنفيذية”.

وأضاف زين الدين، في تصريح للجريدة، أن ذلك فيه “محاولة لإفراغ المجلس من وظائفه، خاصة أنه كان يمثل صوت معارض بالنسبة للعديد من المشاريع ومقترحات القوانين، التي تمس استقلالية المؤسسات الدستورية، وترمي إلى التضييق على استقلاليتها”.

وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن “طبيعة عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان تختلف عن طبيعة عمل البرلمانيين، وبالتالي فإن إدماج البرلمانيين في المجلس عمل مجانب للصواب، فبالأحرى التحدث عن حالة التنافي في المهام، التي هي مختلفة كل الاختلاف، والمجلس له مهمة تقديم الاستشارة في حقوق الإنسان وكتابة التقارير في حين عمل البرلمان هو التشريع والرقابة على عمل الحكومة والتقييم” وفق قوله، وهي وظائف اعتبرها زين الدين، “مختلفة عن عمل المجلس، وبالتالي إدخال البرلمانيين ليصبحوا أعضاء بالمجلس مناقض لروح الدستور وجوهره”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *