مجتمع

صحيفة ألمانية تكشف كواليس “الاتجار” بخادمات مغربيات في السعودية

هن ضحايا وسطاء استغلوا حاجتهن للقمة العيش، مغربيات سافرن إلى السعودية للعمل في البيوت، وبينهن من تعرضن للاستغلال وحُرمن من أبسط الحقوق. موقع “دويتشه فيله” التقى خادمات عُدنَ إلى المغرب وكشفن عن بعض كواليس إرسالهن إلى السعودية.

عاملات منازل “للبيع” في السعودية .. بينهن مغربيات!

بنظرات متحسرة تتأمل صورها قبل سفرها للعمل في الخليج، وكيف قادتها رغبتها في العمل إلى وسطاء يتاجرون بخادمات مغربيات، تضع يدها على رأسها وتردد بنبرة يمتزج فيها الحزن بالأسى: “استعبدوني وحرموني من أبسط حقوقي …”.

عادت “رقية” البالغة من العمر 34 عاما، من السعودية قبل 6 أشهر، تعيش حاليا في مدينة سطات رفقة عائلتها، بعد أن عانت خلال عملها في السعودية من معاملة مشغّلها السيئة، وبنبرة حزينة تقول في حوارها مع DW عربية: “كنت محتجزة في بيت مشغّلي، لم يكن يُسمح لي بالخروج أو حتى الاتصال بعائلتي.. وكنت أتعرض الى العنف من طرف زوجته”، هنا تصمت “رقية” قبل أن تستأنف حديثها بالقول: “عملت أكثر من أربعة أشهر بدون أن أحصل على راتبي”.

احتيال الوسطاء

تنحي “رقية” باللائمة على الوسيط وتقول في ذات الصدد: “أوهمني بأني سأعمل في ظروف جيدة وطلب مني مقابل عقد العمل بالسعودية أن أدفع له 5000 ألف درهم مغربي (اليورو يعادل 11 درهم مغربي)”.

وحسب رقية فإن “الوسطاء في المغرب يعملون بطريقة سرية، ويبيعون عقود العمل في الخليج بسعر يتراوح بين 5000 درهم و8000 درهم مغربي، لكن الكفيل من يدفع تكاليف الاقامة وتأشيرة الطائرة والفحوصات الطبية، معتبرة “أن الوسطاء يستغلون أمية الخادمات ويتاجرون فيهن بدول الخليج”. حرمان رقية من حقوقها دفعها إلى مطالبة مشغّلها بإرجاعها الى المغرب بيد أنه طلب منها أن تدفع له 20.000 درهم مغربي مقابل ذلك.

لم تشتكي خوفا من المجتمع

طلبت “رقية” المساعدة من الشرطة السعودية، مضيفة قولها: “تعاملت معي الشرطة بشكل جيد بيد أن كفيلي اشترط مقابل توقيعه على إنهاء كفالتي وإعادتي إلى المغرب، أن أتنازل عن جميع مستحقاتي”.

لم تشتكي “رقية” ضد الوسيط الذي احتال عليها، وتعزو ذلك الى خوفها من نظرة المجتمع إذ تقول: “مجتمعنا المغربي لا يرحم، وإن تقدمت بشكاية ضده سيعلم الجيران أني سافرت الى الخليج وطبعا سيتحدثون عن سمعتي بسوء”.

هذا ويعمل الوسطاء في “اطار غير قانوني ويستفيدون من هذه السوق لأنهم يحصلون على عقد عمل من الكفيل بدون مقابل ويبيعونه للخادمة بمقابل مادي وبدون ضمانات لتصبح بذلك رهينة الكفيل”، تقول رقية.

“تنازل عني لكفيل آخر مقابل مبلغ”

ومن مدينة سطات انتقلنا إلى مدينة الدار البيضاء للقاء “كريمة” (اسم مستعار)، تبلغ كريمة من العمر 39 عاما، اكتشفت بعد سفرها الى السعودية بأن كفيلها سينقل كفالتها إلى كفيل آخر، تقول في تصريحها لـ DW عربية: “قال لي بأنه ليس بمقدوره دفع راتبي لذلك سيتنازل عني مقابل مادي لكفيل آخر”.

وافقت كريمة على نقل كفالتها، وتكشف في هذا الصدد بنبرة مستاءة: “نضطر إلى الموافقة على نقل كفالتنا لكفيل آخر خوفا من أن يتهمونا بالسرقة أو تصوير الزوجة”. الجدير ذكره أن تنازل أحد الكفلاء عن خادمته في السعودية لصالح شخص آخر أضحى مألوفا أيضا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

التحرش الجنسي

تقول كريمة: “كان كفيلي الجديد يعيش لوحده، ويزوره أصدقاءه كل ليلة، وكنت أنا المرأة الوحيدة في البيت”. شعرت كريمة بالخوف بعدما أصبح كفيلها يتحرش بها جنسيا ويطلب منها أن تقيم معه علاقة جنسية، تصمت وتسرح بنظراتها بعيدا لتستأنف حديثها قائلة: “لم أستطع الاستمرار على ذلك الوضع هربت من البيت وتوجهت إلى مركز الشرطة”.

على خلاف تجربة رقية وكريمة، تقول سهام، 38 عاما، وهي تعيش في مدينة القنيطرة الواقعة غرب المغرب في حديثها إلى DW عربية : “عملت لدى عائلة في السعودية لمدة سنتين، كنت أحظى بجميع حقوقي، ولازلت على تواصل معهم حتى بعد رجوعي إلى المغرب”.

مطالب بتوقيف الوسطاء

يقول سعيد القفاف رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمدينة القنيطرة في حواره مع DW عربية: “إن قضية المغربيات العاملات في البيوت بدول الخليج معقدة بسبب تداخل جوانب عدة من بينها أن العديد من الفتيات وبدافع الفقر يسافرن الى هناك للعمل، وهناك من تسافر لأجل العمل، لكنها تجد نفسها عرضة للاستغلال الجنسي”.

ووصف المتحدث ذاته “نظام الكفالة بأنه نوع من الرق الجديد وسوق النخاسة، منتقدا نقل الكفيل كفالة الخادمة الى كفيل آخر مقابل مادي لتعويضه عما كلفته من مصاريف”.

وطالب القفاف بضرورة اتخاذ تدابير تصون كرامة العاملة، وتوقيف الوسطاء الذين يشتغلون في السر خارج أي إطار قانوني ويستغلون حاجة العاملة الى العمل، داعيا الى تنفيذ خطة إدماج المرأة لرفع كل أشكال التمييز ضدها. وأضاف أنه من الضروري أن تتجاوب سفارات المملكة المغربية مع قضايا العاملات المنزليات المتواجدات في الخليج خلال لجوئهن اليها طلبا للحماية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *