وجهة نظر

الأحزاب السياسية دون مستوى تطلعات الشباب

ان الناظر في الوضع السياسي المغربي في الآونة الأخيرة يلاحظ ما أضحت عليه الأمور من وضع مترد ومزري، ولعل ما يقع في فضاءات التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي من صخب ونظرة سوداوية قاتمة لدليل على ان السياسة في المغرب متدنية وتحتاج إلى مراجعات جوهرية. وبما ان المغرب يحظى بنسبة مهمة من فئة الشباب، ثروة مهمة وجب استثمارها لصالح الوطن فلا بد للأحزاب السياسية ان ترقى إلى تطلعات الشباب المغربي وتضع ذلك في جوهر أهدافها وبرامجها.

وبالنظر إلى وضعية الأحزاب السياسية المغربية التي ما والت تعاني عدم الاستقرار في بيتها الداخلي من خلال ما نشاهده من ركود في الأنشطة السياسة وضعف البرامج السياسة ان وجدت، إضافة إلى غياب إرادة قوية في للنهوض بالحق السياسي وجعله فضاء للنقاش الجاد والمكان المناسب لمناقشة كل المستجدات السياسية التي يعرفها البلاد. أمام هذه الإعجاب التي تعيشها الأحزاب الم يحن الوقت بعد لمراجعة النخب السياسية المسؤولة على هذا الوضع المتردي والتي اعتبرها الحل الأول للدفع بعجلة السياسة وتائر الشباب؟

لابد في البداية من القيام بتشخيص للحالةالتي نعيشها الان والوقوف على مكامن الضعف والخلل، رغبة في خلق نقاش سياسي جاد والتفكير في حلول عملية الاستشراق المستقبل.

1.ضعف بنيات الاستقبال

ان العزوف السياسي الذي نعيشه اليوم في المغرب وخصوصا في صفوف الشباب من يأتي من فراغ بقدر ما هو ناتج عن وضع الأحزاب السياسية التي تكلف نفسها عناء تطوير وسائل الاشتغال والاستجابة لمطالبها المواطنين، فلم تستطيع ان تستجيب لانتظارات الشباب ولا مطالبهم، واذا امتنا النظر فيها وجدناها تعيش ترهلا تنظيميا يتضح من خلال عدم احترام قوينهنا الأساسية والداخلية وبالتالي الغياب التام للديمقراطية بمعناها الحقيقي، فبالاحرى إعطاء الدروس والعبر للمتتبعين. هذا بالإضافة إلى الى سيطرة فئة محددة على هياكل بعض الأحزاب والتحكم في دواليب مما ينعكس على السير العادي لها والمردودية السياسة طبعا.

كما ان الأحزاب السياسية لم تعد بنيات الاستقبال، مبرراتها المحلية والإقليمية تكاد تكون منغلقة طيلة السنة باستثناء اثناء الحملات الانتخابية الشيء الذي يترك انطباعا سلبيا لدى عموم الشباب. فيلما تجد هياكل حزبية تشتغل بشكل منتظم، تشتغل وفق برنامج مسطر وتتفاعل مع كل الأحداث والوقائع السياسية.

2. غياب برامج في المستوى المطلوب

زيادة على ضعف بنيات الاستقبال والتنظيم الداخلي، يبقى الضعف الكبير والحاد في وع برامج واستراتيجيات الاشتغال بشكل يتلاءم مع متطلبات الواقع وبعيدا عن تلك العناوين الفضفاضة والعامة التي تعبر عن غموض الفكرة وعدم وضوح الرؤية. ففي ظل هذا الفراغ الكبير الي يزيد الهوة بين الشباب والعمل السياسي، وخصوصا غياب قضايا الشباب في البرامج المسطرة ان وجدت.

3. غياب الهياكل الموازية للأحزاب السياسية

من المعروف ان الأحزاب السياسية تشكل هياكل وتنظيمات موازية وتجد على راسها الشبيبات الحزبية والتي يجب ان تكون المكان الأول والطبيعي لاستقطاب واستقبال الشباب، تهتم بضائعهم وتشغل عليها على شكل قضايا ومواضيع للنقاش مستحضرة تقترب الرؤى ووجهات نظر حول ما يؤرق الشباب من سياسات التشغيل والتعليم … ناهيك عن الهيآت المهتمة بالطفولة والمرأة وكل فئات المجتمع.

4. عدم الانفتاح على الأطر والطاقات الشابة

بالنظر إلى النسبة الهزيلة من السباب التي انخرطت في العمل السياسي من داخل الأحزاب السياسية، الذي يرجع إلى الأسباب السالف ذكرها وأسباب أخرى سيتم التطرق اليها في المقالات القادمة، الأمر الذي فشلت فيه الأحزاب السياسية فشلت ذريعا ولم تستطع جلب الأطر الشابة التي تمتاز بكفاءات عالية ستمكنها من تطوير العمل الحزبي وألاسهم في النقاش السياسي الحر، فضلا عن الشيخوخة التي تعرفها معظم بنيات الحزب الحالية، ويتضح هذا جليا في الفئة المسيرة الان التي الفناها لعقود من الزمن. من أهم الحلول الناجعة للسير بهذا المجال هو تجيد النخب السياسية وتشبيب الهياكل والهيآت لإعطاء نفس جديد وامال جديدة للشعب المغربي.

5. استقلالية القرار الحزبي

الكل مجمع الان ان لا سياسة في غياب القرار الحزبي، لا يمكن الدفع بعجلة العمل السياسي في ظل التحولات التي تعرفها المؤسسات الحزبية في المغرب، في غياب واضح لادن شروط الديمقراطية في اختيار النخب السياسية المؤهلة لتدبير الشأن الحزبي، فمعظم الأحزاب لا تملك جرأة البث في مجموعة من القضايا الحرجة في استقلالية تامة عن تدخلات أو مناوشات تؤثر على السير العادي لها، ممن يصعب من وضعية العملية الديموقراطية.

وفي الأخير اعتقد ان السياسة في المغرب تحتاج إلى مراجعات جوهرية وعامة، بدءا بالترسانة القانونية المنظمة للعمل الحزبي، مرورا بالأنظمة الانتخابية التي مازالت تكرس منطق التحكم في سقف النتائج وبالتالي تكون النتائج إرادة المواطنين مثلما وقع في مجلس جهة الدار البيضاء سطات. هذا الوضع المتردي سينعكس لا محالة عن التنمية المنشودة في البلد.

ولا يمكننا تحقيق التنمية الشاملة الا يتوفر الشروط والظروف الموضوعية لذلك، والتي تشترط منذ البداية الوضوح في الرؤية وفي النموذج الاقتصادي الذي تتبناه الدولة. ان الشباب المغربي لا يمكن ان يثق في سياسة هجينة فاقدة لكل المبادئ والظروف الموضوعية التي تسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة، ذلك ان ما نعيشه من أوضاع مزرية في مختلف المجالات يعبر عن فقدان بوصلة السياسة وغموض الرؤية والنموذج التنموي المنشود.

ان الشاب يحتاج إلى من يعبر عن حاجاته الحقيقة الأساسية أولا ثم التكميلية، فالمغرب ما زال يعيش اعطابا في مجالات أساسية على رأسها الشغل، وما وال يعاني الويلات في الصحة وتعليم فبالحرى البحث عن الكماليات، ومن بين مؤشرات سخط الشباب وعدم تقبلهم للوضع الحالي هو الهجرة، هجرة الأدمغة الشيء الذي يضع البلد على المحك ويفقد طاقات شابة تتميز بالطموح والكفاءة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *