منتدى العمق

تعليق على قرار قضائي

القرار عدد 486 المؤرخ في 24/5/2006 الملف الاجتماعي عدد 120/5/06

حادثة طريق – مسافة الذهاب للعمل – مراب العمارة – تطبيق ظهير حوادث الشغل (نعم)

لاعتبار المراب جزء من المسكن يشترط أن يكون خاصا، أي لا يدخل ضمن الأجزاء التي تنظمه الملكية المشتركة، ولما كان الاستعمال المشترك لمراب العمارة مخول لساكنيها فإنه لا يمكن والحالة هذه القول بأنه جزء من سكن الأجيرة، وتعتبر الحادثة التي تعرضت لها هذه الأخيرة حين غادرت مسكنها بهدف التوجه إلى مقر عملها خلال المسافة الفاصلة بين عتبة الشقة التي تقيم فيها ومراب العمارة حادثة طريق مشمولة بحماية ظهير حوادث الشغل.

باسم جلالة الملك
إن المجلس الأعلى وبعد المداولة وطبقا للقانون، حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 9/2/2004 في الملف 1088/03/16 تحت رقم 115 أن الطالبة تعرضت بتاريخ 5/2/2001 لحادثة شغل وهي في خدمة مشغلها بنك المغرب وقد أحيل الملف على المحكمة الابتدائية بالرباط وبعد الإجراءات أصدرت المحكمة حكمها القاضي على بنك المغرب بأدائه لفائدة الطالبة تعويضا إجماليا قدره 667669.53 درهم مع إحلال شركة التأمين محل المشغل في الأداء فأستأنف بنك المغرب هذا الحكم وبعد الإجراءات أصدرت محكمة الاستئناف قراراها القاضي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى وبعد التصدي الحكم من جديد برفض الطلب وهو القرار المطعون فيه بالنقض.

في حيث تعيب الطاعنة على القرار المطعون فيه نقصان التعليل الموازي لانعدامه وكذا خرق مقتضيات المادة 6 من ظهير 6/2/1963 باعتبار أن هذه المادة تنص على أن حادثة الشغل هي المحادثة الطارئة على أحد العملة في مسافة الذهاب والإياب مما يعني أن المشرع أولى لهذا الجانب اهتماما خاصا وأن من شأن تأويلها تأويلا خاطئا الإضرار بحقوق العمال، ذلك أن القرار المطعون فيه وقع له لبس حول التحديد الدقيق لمكان الانطلاق مع أن المقصود به حسب المادة المذكورة هو الشروع الفعلي في المغادرة بمعنى ترك المسكن الخاص والتوجه به حسب التشغيل بالشكل الاعتيادي والفعلي، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل حول ما إذا كانت تندرج ضمن المسكن مرافق أخرى تدخل في إطار الملكية المشتركة كالمراب .

حيث تبين صحة ما عابته الطالبة على القرار المطعون فيه ذلك أنه لاعتبار المراب جزء من المسكن فإنه يشترط أن يكون خاصا، ولا يسمح بدخوله لأي فرد غير صاحبه.

وبالرجوع إلى ظهير 16/11/1946 المنظم للملكية المشتركة للعقارات المجزأة في فصله الخامس، نجده يدخل المراب العمارة كما في هذه النازلة مخول لساكنيها.

فإنه لا يمكن والحالة هذه القول بأن المراب جزء من سكن الأجيرة ومادامت هذه الأخيرة (أي الأجيرة) قد غادرت مسكنها بهدف التوجه إلى مقر عملها لكون الحادثة التي تعرضت لها خلال المسافة الفاصلة بين عتبة الشقة التي تقيم فيها، ومراب العمارة، حادثة طريق المشمولة بحماية ظهير حوادث الشغل.

ذلك أن الفصل 6 من ظهير 6/2/1963 يعتبر في حكم حادثة الشغل الحادثة الطارئة للأجير بين مكان السكنى وبين مكان العمل وأن القرار المطعون فيه لما قضى بخلاف ذلك، يكون غير مرتكز على أساس لخرقه المستدل به مما يعرضه للنقض.

وبصرف النظر عن بحث باقي الأوجه والوسيلة الأخرى، وسير العدالة يقتضي إحالة القضية على نفس المحكمة لإعادة للقانون.

لهذه الأسباب قضى المجلس الأعلى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه وإحالته على نفس المحكمة البت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون مع في النقض الصائر.

كما قرر إثبات حكمه هذا بسجلات المحكمة المصدر المطعون فيه أو بطرته.

وبه صدر القرار بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط، وكانت الهيئة من السيد رئيس الغرفة الحبيب بلقصير والمستشارين السادة: محمد سعد جرندي مقررا ويوسف الإدريسي ومليكة بنزاهير والزهرة الطاهري العام السيد بنعلي وكاتب الضبط السيد سعيد احماموش.

تتعلق وقائع النازلة التي صدر بشأنها القرار المنشور أعلاه بنزاع حول حادثة طريق التي تعرضت لها الأجيرة خلال المسافة الفاصلة بين عتبة الشقة التي تقيم فيها، ومراب العمارة ما إذا كانت هذه الحادثة مشمولة بحماية ظهير 6 فبراير 1963 أم لا؟.

تتجلى وقائع الدعوى إن أجيرة تسكن في شقتها وغادرتها بهدف التوجه إلى مقر عملها، وهي ذاهبة إلى مراب العمارة فتعرضت أثناء سيرها لحادثة بتاريخ 5/2/2002 خلال المسافة الفاصلة بين عتبة الشقة التي تقيم فيها، ومراب العمرة فأقامت دعوى التعويض ضد بنك المغرب على أساس أن الحادثة التي أصابتها على أنها حادثة طريق، فأحالت القضية على المحكمة الابتدائية بالرباط وبعد الإجراءات حكمت هذه الأخيرة على بنك المغرب بأدائه لفائدة الأجيرة تعويضا إجماليا قدره 66769.53 درهم مع إحلال شركة التأمين محل المشغل في الأداء فأستأنف بنك المغرب هذا الحكم، واستئنافه هذا إنصب على نقطة قانونية يراها (بنك المغرب) جديرة بأن لا تعتبر الأجيرة مصابة في حادثة طريق لأنها لم تبدأ بعد السير بالسيارة وأن المراب هو تابع للشقة وكأنها أصيبت في شقتها (بيتها).

نقضت محكمة الاستئناف بالرباط الحكم الابتدائي في قرارها المؤرخ 5/2/2004 تحت عدد 1088/3/16 القاضي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى، وبعد التصدي الحكم من جديد برفض الطلب هو القرار المطعون فيه بالنقض .

وقدمت الطالبة (الأجيرة) طلب النقض وأسسته على نقصان التعليل الموازي تأويلا خاطئا وأن ما خلصت إليه محكمة الاستئناف في القرار المطعون فيه وقع له لبس حول التحديد الدقيق لمكان الإنطلاق مع أن المقصود به حسب المادة السادسة من ظهير 6 فبراير 1963 هو الشروع الفعلي في المغادرة بمعنى ترك المسكن الخاص والتوجه به حسب التشغيل الاعتيادي والفعلي، الأمر الذي استجاب له المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) من خلال القرار عدد 486 المؤرخ في 24/5/2006 تحت عدد 120/5/1/06 الذي بين أيدينا حيث نقض قرار محكمة الاستئناف معتبرا في ذلك لكي يكون المراب جزء من السكن يشترط أن يكون خاصا، أي لا يدخل ضمن الأجزاء التي تنظمه الملكية المشتركة، ولما كان الاستعمال لمراب العمارة مخول لساكنيها، فإنه لا يمكن والحالة هذه القول بأنه جزء من سكن الأجيرة،واعتبر الحادثة التي تعرضت لها الأجيرة حين غادرت مسكنها بهدف التوجه إلى مقر عملها خلال المسافة الفاصلة بين عتبة الشقة التي تقيم فيها ومراب العمارة ،حادثة طريق مشمولة بحماية ظهير حوادث الشغل.

مما سبق يتضح أن الإشكالية الأساسية في هذا القرار وهي صعوبة التحديد الجغرافي للإقامة الأصلية للأجيرة، بمعنى هل سكنى الأجيرة شاملة للشقة فقط أم تشمل حتى مرفقاتها؟ هل الحادثة الواقعة في مرفقات البيت حادثة طريق؟ هل هذا القرار تأسيسي لكل صور مرفقات السكنى الأصلية للأجير(ة) بصفة عامة؟ هل ضيق من مفهوم الإقامة الأصلية للأجير(ة)؟

ويمكن عرض خطة التعليق على هذا القرار والإجابة عن الإشكالية المطروحة فيه وفق التصميم الأتي:

أولا: مفهوم الإقامة الأصلية للأجير(ة)
ثانيا: نطاق الملحقات المحيطة بالبيت

أولا : مفهوم الإقامة الأصلية

لم يعرف الفصل السادس من ظهير 6 فبراير 1963 المراد ” بمحل البيت” وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 520 من قانون المسطرة المدنية نجدها تنص على أن محل الإقامة هو المحل الذي يوجد به الشخص فعلا في وقت معين واستنادا إلى هذا التعريف التشريعي يكون محل لإقامة الأجير(ة) الأصلية كل مكان يتواجد فيه بشكل مستمر واعتيادي، هذا هو المفهوم العام الذي كرسه المجلس الأعلى في هذا القرار بحيث يستفاد بمفهوم المخالفة هي السكنى المعروفة جغرافيا أي في شقة أو دار في المدينة أو دار مغربية تقليدية.

إذن الصعوبة تكمن في مرفقات هذه الإقامة لأن هذه الأخيرة لها شكل هندسي وبالتالي متى تعتبر الأجيرة في هذا الوضع مغادرة لإقامتها الأصلية وبدأت السير في الطريق؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الشق الثاني من هذا القرار الذي يتعلق بنطاق ملحقات البيت.

ثانيا: نطاق الملحقات المحيطة بالبيت

إن التحديد المكاني للإنطلاق في السير يتميز بصعوبة التحديد، نظرا للطبيعة الجغرافية لسكنى الأجير(ة) بمعنى أخر هل تكون السكنى شاملة للبيت فقط كالدار المغربية التقليدية والفلا والكوخ الخشبي والشقة …أم تشمل حتى مرفقات البيت وما يحيط به كذلك كالممرات بالنسبة للعمارة؟ وقبل الإجابة عن هذا التساؤل والغوص في التحليل والتعليق عليه من خلال منطوق هذا القرار يجب بداية معرفة موقف الفقه في هذا الخصوص، يقول الأستاذ أمل جلال وهو بصدد الإجابة عن هذا الإشكال ” إن العدالة تقتضي أنه حينما قد يكون الأجير أثناء شقته في الممرات سواء المفضية إلى الدرج أو إلى المصعد يكون قد بدأ السير ولم يخرج بعد إلى الطريق العام فمن العدالة اعتبار الإصابة بحادثة طريق إذا بدأ يمشي لأن هنالك فرق بين أن يصاب وهو داخل بيته لازال يقول بأعمال تحضيرية، ولكن الأجير الذي بدأ يمشي فالعدالة تقتضي كلما أغلق الأجير باب شقته أو داره… يعتبر مصاب بحادثة طريق.

وعلى هذا الأساس نجد القضاء الفرنسي يرى أن مثل هذه المرفقات داخلة ضمن محل إقامة الأجير، ولهذا يعتبر أن الطريق المشمولة بحماية القانون الخاص بالتعويض عن حوادث الشغل لا تحدد في الطريق العام، وإنما يعد الطريق مبتدئا في الوقت الذي يتخطى فيه الأجير باب بيته ليبدأ تنقله، وفي هذا الصدد قررت محكمة النقض الفرنسية أن سقوط الأجير في درج العمارة يعتبر حادثة طريق إذا كان هذا الأخير ذاهبا إلى عمله أو راجع منه ،كما ترى نفس المحكمة أن الحادثة التي يتعرض لها الأجير في حديقة بيته وهو ذاهب إلى عمله أو راجع منه هي حادثة طريق.

إذن يلاحظ من خلال موقف الفقه والقضاء الفرنسي أن مسألة الملحقات .

تعتبر كالطريق هل هذا هو التوجه الذي ذهب إليه المجلس الأعلى في هذا القرار؟

فالبرجوع إلى منطوق القرار محل التعليق نجده ذهب خلاف ذلك وهو منبها من خلاله قضاة الموضوع (محكمة الاستئناف بالرباط) أن” ما دام المراب هو جزء من الأشياء المعدة للإستعمال المشترك وليس إذا ما أصاب الأجيرة في شقتها يعتبر كالدرج ” وعليه نلاحظ أن المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا) يؤسس من خلال هذا القرار على أن المراب لا يعتبر ملحقة خاصة بالشقة، وبالتالي يعتبره من الفضاءات المعدة للاستعمال ومعللا قراره هذا أن الأجيرة قد أصيبت خارج الشقة بالمفهوم الجغرافي ولو لم تبدأ سيرها في الطريق وبالتالي فهي ضحية حادثة طريق.

رغم أن هذا الموقف يبدو سليما من حيث التكييف لكن لو كان الأمر يتعلق بالدار التي توجد في البداية ومراب الجرار من ملحقات هذه الأخيرة ولتقريب الصورة أكثر أعطي مثال على ذلك لنفترض أجير فلاحي غادر بيته متوجها إلى الضيعة (مقر عمله )التي يشتغل فيها وتعرض لحادثة خلال المسافة الفاصلة بين عتبة بيته الذي يقيم فيه ومكان الجرار بحيث يوجد هذا الأخير بعيدا عن البيت ب 1000متر تقريبا وفي ملكية الأجير، بينما الجرار فهو في ملكية المشغل الفلاحي الذي اعتاد بالسماح للأجير باصطحاب الجرار إلى منزله وكان متوجها هذا الأخير بهدف استئناف عمله أصيب بحادثة في تلك المسافة هل كان المجلس الأعلى سيمتع هذا الأجير بالحماية كما متع هذه الأجيرة في هذا القرار؟ ونعطي مثال آخر أقرب من الشقة من حيث الشكل الهندسي لو تعلق الأمر بفلا و المراب من ملحقاتها أيضا هل كان المجلس الأعلى سيمتع الأجيرة بهذه الحماية. هذا هو السؤال الوجيه الذي سيبقى مفتوحا لأننا لم ندر هل سيتمتع الأجراء بهذه الحماية أم لا؟ وفي هذا الإطار نلاحظ أن القضاء الفرنسي كان أكثر حماية من موقف المجلس الأعلى في هذا القرار، لأن هذا الأخير عاب على قضاة الموضوع لأنهم اعتبر الأجيرة لديها حقها في المراب وكأن هذا الأخير جزء أو مكان مخصص للسيارة تابع لقلب الشقة والحال أنه في الرسم العقاري تابع للشقة ولكن جغرافيا بعيدا عن الشقة لهذا اعتبر المجلس الأعلى أن قضاة محكمة الاستئناف لم تطبق ظهير 6 فبراير 1963 تطبيقا سليما.

لائحة المراجع

أمال جلال، مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والأمر اض المهنية في التشريع المغربي 1977،
أمال جلال، محاضرات في حوادث الشغل والأمراض المهنية، ماستر قانون الأعمال سنة 2018
أمال جلال، مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والأمر اض المهنية في التشريع المغربي 1977،

* طالب باحث في قانون الاعمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *