وجهة نظر

برلمانيون في ضيافة الزفزافي

انتظارات كبرى صارت معلقة على لجنة الاستطلاع النيابية حول السجون بالمغرب برئاسة الاستقلالي عمر عباسي وذلك بعد أن أجرت لقاءات مع معتقلي حراك الريف ومع زعيمهم ناصر الزفزافي في سجن عكاشة. ماذا استطلعت؟ وماذا استخلصت من هذه اللقاءات التي قد تجعل منها أهم لجنة استطلاع في منتصف الولاية البرلمانية الحالية؟ فخلاصاتها قد تثير نقاشات كثيرة، ومن يدري فإنها قد تنتج أيضا قرارات سياسية في ملف كبير يشغل الساحة السياسية خلال السنتين الأخيرتين ومايزال.

هل ستصبح أشهر من لجنة استطلاع المحروقات التي ترأسها نائب العدالة عبد الله بوانو التي خلقت تفاعلات سياسية متواصلة إلى اليوم عندما كشفت عن أرباح “غير أخلاقية” بملايين الدراهم حققتها شركات المحروقات بعد تحرير هذا القطاع؟ ما تسرب حتى الآن من أخبار حول المقابلات التي أجرتها لجنة العباسي لا يمكن الوثوق به تماما، وبدت تعكس رأي طرف واحد فقط. وهي تسريبات صحافية لم يكشف عن أسماء مصادرها، وذهبت كلها إلى التأكيد على أن ظروف معتقلي الريف، المحكوم على بعضهم ب 20 سنة، في سجن عكاشة جيدة، وأنهم بخير يتمتعون بكل الحقوق. هذا في الوقت الذي تقول الجمعيات الحقوقية وعائلات المعتقلين بعكس ذلك، وتطالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالتدخل. وهو المجلس الذي التقى أيضا بهذه اللجنة النيابية، ونفى حتى الآن أن تكون الحالة الصحية للزفزافي مقلقة.

سجن عكاشة كان هو نهاية المسار بالنسبة لهذه اللجنة التي زارت العديد من السجون مثل مكناس وآسفي. وكانت قد أثارت ضجة بانسحابها من مقر عمالة آسفي احتجاجا على ما اعتبرته “إهانة للبرلمان”، بعد غياب العامل عن اللقاء بها بعد أن وعدها بذلك. كما عرفت زيارتها لسجن مكناس أيضا صعوبات في جمع المعطيات من بعض الوزارات مثل الفلاحة والصحة والتربية الوطنية. وعلى كل، سيتم تتبع ما وصلت إليه من نتائج وتوصيات عن قرب وبدقة.
نهاية هذه الدورة كشفت في البرلمان عن بروز حماس خاص لتشكيل لجن للاستطلاع والتقصي، ولإعلان نتائج أشغال لجن أخرى. وقد جرت العادة خلال دورات هذه الولاية، وبعد انتهاء النقاش حول قانون المالية، أن تتحرك عدة مبادرات في هذا الاتجاه. لكن سرعان ما يتراجع الحماس وتبقى ملفات هذه اللجن الرقابية حبرا على ورق أو معطلة يعاني العديد منها من صعوبات وعراقيل غامضة، ولم يذهب أي واحد منها إلى متابعة مسئولين أمام القضاء كما حصل سابقا مع اختلاسات البنك العقاري والسياحي.

هل كان من الممكن في أحداث الريف أن يتدخل البرلمان منذ بداية اندلاع هذه الأزمة؟ أو أن يلتقي بالمعتقلين قبل اليوم؟ ونفس السؤال يطرح أيضا بالنسبة لأحداث جرادة التي تشكلت حولها لجنة تقصي ما زالت معطلة. هل منع تقديم عرض هذه القضايا على القضاء من تدخل البرلمان؟ أم أن هناك اعتبارات سياسية غير القضاء تمنع البرلمان من التحرك بسرعة وفعالية في مثل هذه الأحداث وغيرها، وذلك حتى يقوم بتفعيل عمله الرقابي الدستوري، وحتى يعزز جانبا أساسيا لأي مشروع للدمقرطة، ألا وهو استقلالية السلطة التشريعية عن التنفيذية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *