سياسة

مد المغرب يده لجنوب إفريقيا.. هل بدأت الرباط قص أجنحة البوليساريو ؟

بادر المغرب من جديد إلى “كسر الجمود” في العلاقات مع جنوب إفريقيا، إحدى أشد داعمي جبهة البوليساريو، فبعد لقاء الملك بالرئيس السابق “جاكوب زوما”، وتعيين سفير للرباط ببريتوريا، دعا وزير الخارجية ناصر بوريطة، أمس الأحد، جنوب إفريقيا إلى العمل مع المغرب على انبثاق نموذج جديد للتعاون الإفريقي والتزام الحياد الضروري في نزاع الصحراء المغربية.

واعتبر متتبعون دعوة المغرب لجنوب إفريقيا وتوجيهاته لها بخصوص طريقة تعاملها مع نزاع الصحراء المغربية، التي تقول عنها الرباط إنها “غير محايدة”، بمثابة بداية “قص أجنحة” جبهة البوليساريو إفريقيا، والتي تعتبر “بريتوريا” إلى جانب الموزمبيق أحد أهمها، إضافة إلى الجزائر التي تعيش مؤخرا وضعا سياسيا داخليا متأزما.

وفي هذا الإطار، قال الخبير في شؤون الصحراء والساحل عبد الفتاح الفاتيحي، إن هذه الدعوة “تأتي في إطار الجولة التي تقوم بها الدبلوماسية المغربية للعديد من العواصم من أجل دعم مقترح الحكم الذاتي، والذي يبدو أن قناعة الدول ولاسيما الأعضاء في مجلس الأمن باتت تشدد على أن مقترح الحكم هو الخيار الأفضل”، مضيفا أنه “ينتظر أن يكون تقرير الأمين العام والقرار المستقبلي في أبريل الجاري أن يشكل طفرة نوعية في تحديد الخيارات الواجب على أساسها حسم نزاع الصحراء”.

واعتبر الفاتيحي في حديث مع جريدة “العمق”، أن “مواقف جنوب إفريقيا متأخرة بالمقارنة مع الدول الغربية بصفة عامة خاصة في قضية الصحراء لاسيما أن الدول الغربية كلها لها نظرة ايجابية تجاه مقترح الحكم الذاتي”، لافتا أن موقف ‘بيروتوريا” من نزاع الصحراء يناقض كونها دولة من الدول الرائدة في مجال الديمقراطية.

وقال الخبير المذكور، إن موقف جنوب إفريقيا “متخلف كثيرا لأنه لازال يستند على أطروحة عفا عنها الزمن وهي أطروحة الانفصال والتي أدت إلى ظهور الكثير من الارتباكات التنظيمية والسياسية في القارة لافريقية ولذلك جنوب افريقية اليوم مدعوة للانخراط في مسلسل يضمن استقرار وسيادة الدول ووحدتها الوطنية”.

وزاد المتحدث، أن المغرب ظل يمد يده إلى جنوب إفريقيا وسبق أن التقى الملك محمد السادس بالرئيس السابق “جاكوب زوما” في أبيدجان من أجل إعادة وتطوير العمل الدبلوماسي بين البلدين، مشيرا إلى أن “جنوب إفريقيا لازالت لحد الآن لم تبد ذلك التجاوب الذي كان يفترض أن يتم بعد لقاء القمة بين الملك وزوما”.

وكان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، قد قال في حوار مع صحيفة “ذا صانداي تايمز” الجنوب إفريقية، “نحن لا نتقاسم نفس الحدود، وليست لدينا مشاكل إقليمية”، موضحا أن المشاكل التي تعرقل العلاقات بين البلدين يمكن تفسيرها بقرار بريتوريا “اتخاذ موقف حول قضية تهم منطقة تقع على بعد مئات الكيلومترات، وهو موقف يتعارض مع موقفي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي”.

وتأسف بوريطة لقرار جنوب إفريقيا باستضافة مؤتمر لدعم انفصاليي “البوليساريو”، وذلك يومي 25 و26 مارس الماضي في مقر وزارة العلاقات الدولية، مضيفا أن هذا المؤتمر، الذي جرى تنظيمه بمبادرة من مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية، يسير ضد مسار المسلسل الأممي الرامي إلى إيجاد حل للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، مشددا على أن جنوب إفريقيا، كعضو في المنتظم الدولي، يتعين أن تساعد في هذا السياق من خلال الحياد الضروري.

وقال بوريطة “في العادة، إذا كنتم دولة تعمل في إطار المجتمع الدولي، فإنه يتعين عليكم المساعدة دون تحيز ودون الاصطفاف إلى جانب أحد الأطراف”، معربا عن أسفه لكون “جنوب إفريقيا اختارت طريقا آخر”، مشيرا إلى أن معالم تسوية للنزاع الذي أثير حول الوحدة الترابية للمغرب، تم تحديدها بوضوح في إطار الأمم المتحدة، التي تدعو إلى حل واقعي وبراغماتي ومستدام وقائم على التفاهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *