مجتمع

خبير: كتبت موسوعة للفيزياء بالعربية لتخليص العرب من عقدة النقص

أكد البروفسور محمد البغدادي أن الهدف الأساسي من تأليفه لأول موسوعة في الفيزياء الرياضية باللغة العربية بعنوان “أسس الفيزياء المعاصرة”، هو تخليص العالم العربي من الشعور بالنقص، ومن وَهمِ أن اللغة العربية لا تصلح الآن، قائلا “كان حُلمي أن أُصدر ما درّسته باللغة الفرنسية بالعربية أيضا، لأنها لغة جميلة، لغتي، معناها هويتي”.

مؤسس مختبر الفيزياء النظرية بجامعة محمد الخامس، خلال حوار مع جريدة “العمق”، أوضح أن خطت اشتغاله كانت تقتضي وضع النص بالعربية في كل كتاب، على أن يقابله بالنسبة لبلدان أفريقيا الشمالية النص بالفرنسية، وبالنسبة لبلدان الشرق الأوسط النص بالانجليزية والعربية، مشيرا إلى أن ذلك العمل لم يصدر إلا باللغة العربية وبشكل محدود في المغرب.

وشدد الخبير لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” أنه لا يمكن لأي بلد أن يقدم إذا لم يتكلم لغته الوطنية، قائلا “بالنسبة لي الكتابة باللغة العربية أسهل من الكتابة باللغة الفرنسية لأنها اللغة التي أمارسها أكثر من أية لغة أخرى”، مضيفا أن حاول كتابة كل الفيزياء بغية توحيد المصطلحات العلمية، مشيرا إلى أن ذلك ليس بالأمر الخطير.

ورأى أستاذ الفيزياء بجامعة محمد الخامس أن البرهان على اللغة ليس بالقيام بمحاضرات حول كتابة ابن الهيثم وعمر الخيام وغيرهما ما العلماء الكبار باللغة العربية، ولكن هو الكتابة بها وسبر مدى فهم القارئ للمؤلف من عدمه، مشددا على أنه لا يمكن فهم ونشر العلم إلا باللغة الوطنية المتقنة.

واسترجع الدكتور البغدادي شريط الذكريات مع الوزير الأول المغربي (1986 حتى 1992) عز الدين العراقي، موضحا أن العراقي استشاره في وضع المصطلحات ثم القيام بعملية التعريب، قائلا “قلت له المشكل ليس في المصطلحات”، مضيفا أنه وضح للعراقي أن المهم ليس المصطلح بقدر ما هو شرح معنى ومحتوى المصطلح.

وقال البغدادي “لا يمكن لعلم أن يتطور ويزدهر في مكان ما إلا بلغة البلد، هذه حقيقة تاريخية لم أخترعها، انظر إلى أوروبا لا تجد بها دولة واحدة تتكلم لغة غير لغتها، وأعطي مثالا بدولة أيسلندا وهي أصغر دولة بأوروبا، عدد سكانها لا يتجاوز 350 ألف نسمة، يدرسون العلوم بلغتهم من المدارس الابتدائية إلى المراحل الجامعية”.

وأرجع الخبير ضعف اللغة العربية إلى مرورها بعهد الانحطاط، قائلا “اللغة العربية مرت بعهد انحطاط كبير جدا”، مضيفا أن هناك لغات أخرى تمر اليوم بذلك العهد، ومنها اللغة الفرنسية، معتبرا إدراج رئيس الدولة الفرنسية لكلمات انجليزية في كلامه بمثابة “مظهر من مظاهر الانحطاط”.

وأفاد البغدادي أن اللغة لكي تعيش لابد أن تكون الحضارة مزدهرة، موضحا أن ذلك لا يتأتى إلا إذا كان لديها أسس فكرية تأتي بلغتها الوطنية، مبينا أن الشعوب العربية إذا لم تكن تكتب ولا تقرأ بالعربية ولا تعمل فذلك سيؤدي إلى انحطاط في كل مكان بما فيه انحطاط اللغة، منتقدا الانحطاط الأخلاقي وعدم احترام الذات واحترام مهنة التعليم.

يذكر أن الدكتور البغدادي سوري الأصل، درس بها تعليمه الثانوي، وتخرج بكلية الحقوق بدمشق، ثم أُرسل إلى فرنسا في إطار بعثة لدراسة الرياضيات، وحصل بها على الإجازة فالدراسات العليا ثم دكتوراه في الرياضيات، ومنها تحول إلى الفيزياء النظرية، بعد عودته درس في مدارس الهندسة بدمشق.

جاء البغدادي إلى المغرب في مهمة كخبير لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، وكان المفروض أن يبقى سنتين بالمغرب، لكنه بقي 32 عاما منذ 1968 إلى الآن. درس بجامعة محمد الخامس، وأسس مختبر الفيزياء النظرية بجامعة محمد الخامس.

درس البروفيسور محمد البغدادي في جامعات مختلفة لمدة 40 سنة، بعدة لغات منها 90 في المائة باللغة الفرنسة ثم الألمانية والانجليزية. عكف على إعداد خمسة مجلدات بعنوان “أسس الفيزياء المعاصرة” باللغة العربية بإمكانياته الذاتية، ضمن علم الفيزياء الرياضية أو ما تسمى أيضا بالفيزياء النظرية.

شاهد الحوار الكامل مع البروفيسور محمد البغدادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *