سياسة، ملف

استقالة كولر تعيد مأزق إيجاد خلف مقبول لدى أطراف النزاع والقوى العظمى

أسئلة كثيرة خلفتها الاستقالة المفاجئة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كولر، فبالرغم من إشارة بلاغ الأمم المتحدة لكون استقالته جاءت لظروفه الصحية، إلا أن المتتبعين لملف النزاع حول الصحراء المغربية اعتبروا القرار وراءه ضغوطات من عدة جهات لم يرقها المسار الإيجابي الذي اتخذه هذا الملف منذ تولي كولر هذه المهمة في 2017.

وعلى نفس المنوال تناسلت أسئلة كثيرة حول من سيعوض الألماني هورست كولر في هذه المهمة الصعبة لإيجاد حل لنزاع دام لأزيد من 40 سنة، حيث ستكون الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها الأمم المتحدة مطالبة بإيجاد شخصية تتوفر فيها نفس الشروط التي كانت في كولر، وأن تحظى بإجماع من لدن أطراف النزاع، وهي مهمة ستكون صعبة وستزيد من تعطيل تسوية هذا الملف.

ويرى عبد الفتاح الفاتيحي الخبير في شؤون منطقة الساحل والصحراء، أن خليفة هورست كولر يجب أن يحظى بإجماع ورضى أطراف النزاع، مشيرا إلى أنه من الصعوبة بمكان إيجاد بديل له بالشروط التي وضعتها الولايات المتحدة وهو التسريع بإيجاد تسوية سياسية للملف وإلا سيظل الصراع داخل مجلس الأمن حول مدة التمديد لبعثة المينورسو هل سيكون لستة أشهر أم لسنة.

واعتبر الفاتيحي، في حديث مع جريدة “العمق”، أن حجم هذه الشخصية التي ستخلف كولر، مرتبط بمدى توفره على مجموعة من المهارات والكفاءات التي تشترطها أطراف النزاع حول الصحراء، وهي جد معقدة لكونها تدخل فيها حسابات سياسية جد معقدة بخلفيات سياسية مسبقة.

وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فتضع من شروطها في المرشح الذي سيخلف هورست كولر، بحسب الفاتيحي، أن يمتلك آلية الواقعية السياسية والبراغماتية لأن الإدارة الأمريكية ترى بأن بعثات حفظ السلام تكبدها خسائر مادية كبيرة، وبالتالي تعتبر بأن مشكل الصحراء يجب إنهاءه لتخفف من الكلفة المالية التي تقع على عاتقها.

ويدخل في اختيار بديل للمبعوث المستقيل، أيضا، حسابات عدد من الدول منها روسيا وجنوب إفريقيا، والاتحاد الأوروبي، وهو ما يجعل برأي الخبير في شؤون منطقة الساحل والصحراء، من اختيار المرشح مهمة صعبة بالنظر إلى حجم ما هو مطلوب أن يتوفر في سيرته الذاتية.

أما بالنسبة للجزائر، يضيف الفاتيحي، فمن المفترض أن ترفع السقف لأنها تعيش على صفيح ساخن وتعيش أزمة حقيقية وخانقة وهو ما سيجعلها لن تجيب بسرعة عن سؤال شروطها أو مدى قبولها بأي مرشح جديد في الظرف الراهن لأنها معنية أولا بمشاكلها الداخلية أكثر من سياستها الإقليمية.

واعتبر المتحدث، أن المدة الزمنية لاختيار مبعوث جديد إلى الصحراء مرتبطة بمدى الإجماع على شخصية معينة لتعويض هورست كولر، مضيفا أن المعلوم هو أن استقالة كولر ستعطل وتؤجل إمكانية حصول تسوية سياسية على الأمد المنظور، مشددا على أن المشكل حاليا هو إيجاد مبعوث فيه مواصفات تجعله يحظى بقبول أطراف النزاع وباقي الشركاء من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي ومجموعة أصدقاء الصحراء.

ومن جهته، قال خالد يايموت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن تعويض كولر سيتطلب وقتا كبيرا، لأن الأمر يتطلب أن تتوافق عليه جميع الأطراف، وأن يكون موقف المغرب إيجابي حياله، أو على الأقل غير متحفظ، ونفس الشيء بالنسبة للبوليساريو والجزئر.

يايموت وفي حديث مع جريدة “العمق”، أشار إلى وجود متدخلين أساسيين في اختيار المبعوث الجديد وهم إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يجب أن يحظى بموافقتهم، مضيفا أنه لحد الآن لم تظهر أسماء يمكن أن القول بأنها محسوم فيها بأنها ستكون الممثل الجديد للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء.

وأوضح المتحدث، أن نزاع الصحراء معلق لأن الإدارة الأمريكية ليس لديها رغبة في حل المشكل، بالإضافة إلى أن موقفها هي وروسيا متذبذب ويرتبط بالضغط مرة على الجزائر، ومرة على المغرب، حسب التقلبات الدولية ومجريات الأحداث على المستوى الإقليمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *