مجتمع

نشطاء: منع مخيم وادلاو جريمة ضد الطفولة والعثماني عاجز أمام الباشا (تدوينات)

أثار قرار السلطات المحلية لمنطقة وادلاو بمنع إقامة مخيم تربوي لأطفال جمعية “الرسالة” للتربية والتخييم، وتراجع وزارة الشباب والرياضة عن ترخيصها لهذا المخيم، غضبا وسخطا عارمين من طرف نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن “حرمان الأطفال من حقهم في التخييم بشكل قانوني، خرق سافر للدستور”، مشيرين إلى أن “رئيس الحكومة يقف عاجزا أمام تصرفات رجال السلطة”.

وأثار تبرير وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي للمنع سخرية واسعة على “فيسبوك”، بعدما اعتبر أن عدد طوابق مؤسسة “المناهل” للتعليم الخاص المحتضِنة للمخيم هو السبب الرئيسي لقرار الوزارة بالتراجع عن ترخيصها لإقامة المخيم، حيث نشر نشطاء صورا لمرافق المؤسسة المذكورة وقارنوها بمخيمات الوزارة، معتبرين أنها أفضل بكثير من فضاءات التخييم التابعة للوزارة، حسب رأيهم.

وتفجرت “أزمة مخيم وادلاو” عقب منع السلطات المحلية انطلاق فعاليات التخييم بمؤسسة “المناهل للتعليم الخصوصي” بعد وصول 250 مستفيدا من الأطفال والأطر، أول أمس الأحد، رغم توفر جمعية الرسالة على ترخيص وزارة الشباب والرياضة، حيث تم قطع الكهرباء والمياه عن المؤسسة ومنع إدخال الطعام ومحاولة إخلاء المدرسة من الأطر والأطفال، قبل أن يتم إلغاء المخيم من طرف السلطات.

وأمس الإثنين، احتشد عشرات الأطفال رفقة أوليائهم ومؤطريهم، في وقفة رمزية صامتة بمدينة طنجة، احتجاجا على منع إقامة مخيم جمعية الرسالة بمنطقة وادلاو التابعة لإقليم تطوان، رافعين لافتات كُتب عليها “أطفالنا خط أحمر”، فيما أعلنت الجمعية المذكورة عقد لقاء مستعجل، اليوم الثلاثاء، من أجل مناقشة الخطوات المقبلة للرد على قرار المنع.

“غضب فيسبوكي”

الناشطة أميمة الصمدي، إحدى المؤطرات اللواتي كن متواجدات بمخيم وادلاو، أوردت جزءًا مما وقع بالقول: “مساءً بينما نحن مجتمعون وأطفالَنا ببهو الفضاء نزاول أنشطتنا التخييمية، تهجّمت السلطات علينا وأخذت الأطر الرجال عنوةً وبطريقة مهينة كأنهم قتلة وتركتنا مطوّقين نساءً فقط مع أطفالنا في جوّ من الهلع والقهر. وتعرضتُ للدفع ومحاولة الضرب في محاولةٍ منّي لتوثيق المشهد المخزي”، مضيفة: “لم تتركوا لنا وطناً نحبّه”.

وأضافت: “يعود الباشا مزهوّا بالقوات العمومية لتوقيف المخيم وإخلائه تحت الإرهاب في مهلة إلى حدودِ الساعة الخامسة مساءً، والتي اجتهدت الرسالة خلالَها ما أمكن لتدبير فضاءٍ آخر وإبطالِ حجّة السلطات الواهية لكن الأمر كان صعباً جدّاً في هذه الظروف. اللحظة الأصعب ربما كانت عند إعلان خبر إلغاء المخيم ومشاهدة دموع القهر ونظرات الحسرة بعيون أطفالِنا الذين حُرِموا من برنامج “المخيمات عطلة للجميع” فكانوا الاستثناء الذي يكسر القاعدة ويُسقِطُ قناع “الجميع”.

وقال الكاتب المحلي لفرع جمعية الرسالة بطنجة، عبد الحي الصالح، في تدوينة له: “قطع الماء والكهرباء والطعام عن 200 طفل لأكثر من 15 ساعة ثم طردهم من المخيم، لم يحدث هذا في مخيم للاجئين بسوريا أو ليبيا، بل في وادلو تحت إشراف الباشا”، مضيفا: “الباشا في المغرب يمكن أن يكون أقوى من رئيس الحكومة الكرطوني”.

وتابع قوله: “جمعية الرسالة ليست أول جمعية تُمنع من التخييم في تاريخ وزارة الداخلية، فقد تم منع جمعية الشهاب بتطوان مثلا قبل 4 سنوات بعد أن استوفت جميع الشروط بنفس مبرر أن الفضاء غير صالح للتخييم، رغم أن الفضاء أصلا مخيم للقطاع الخاص، كما تم قبل 3 سنوات منع عدد من الأطفال من ولوج المخيم وإرجاعهم لأن آباءاهم ينتمون لجماعة العدل والإحسان بمدينة الناظور”.

وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي كان قد برر منع المخيم بكون المدرسة الخاصة التي كان سيتم تنظيم المخيم بداخلها، “لا تتوفر على شروط الصحة والسلامة”، مطالبا الجمعية بتغيير المكان من أجل الحصول على ترخيص جديد، مشيرا إلى أن المؤسسة المذكورة مكونة من 4 طوابق، وهو “ما يخالف شروط السلامة بالنسبة للأطفال”، وفق تعبيره.

واعتبر البرلماني عن دائرة طنجة محمد خيي الخمليشي، أن التبرير الذي قدمه الوزير الطالبي العلمي، أمس الإثنين خلال جلسة مجلس النواب، حول أسباب منع إقامة المخيم التربوي لأطفال جمعية الرسالة للتربية والتخييم بوادلاو، بأنه “تبرير مخجل ويسيء للبرلمان والحكومة، وضحك على الذقون وتهرب بليد من تحمل المسؤولية”، حسب قوله.

“حكومة عاجزة”

وكتبت البرلمانية السابقة عن حزب العدالة والتنمية خديجة أبلاضي: “إذا كنت حزبا يرأس الحكومة ولم تستطع تأمين نشاط تخييمي لإحدى الهيئات المدنية التي تعنى بأنشطة الطفل ومنعت من طرف أصغر رجل سلطة، فرجاء لا داعي للبكاء مثل الأطفال، لأن من رضي بالإنحناء ولو مرة واحدة فليتحمل الركل والصفع”.

ودوَّنت الصحفية سناء قويطي على فيسبوك: “وزارة الشباب والرياضة المخول لها تدبير المخيمات الصيفية لاتعطي أهمية لهذا القطاع وتدبره بطريقة ارتجالية.. بصفتي مدربة مخيمات صيفية، وأطرت أطفالا ومراهقين في عدة مخيمات، أعتقد أنه آن الأوان لإحداث وكالة وطنية مستقلة للتخييم، للرفع من جودة الخدمات ومن أجل تأطير حقيقي للاطفال والشباب”.

ومنعت سلطات وادلاو بشكل رسمي، أمس الإثنين، إقامة المخيم التربوي لأطفال جمعية الرسالة، بعد يوم واحد فقط من انطلاقه، وذلك عقب تراجع وزارة الشباب والرياضة عن ترخيصها لإقامة المخيم بمؤسسة للتعليم الخصوصي، حيث ودَّع الأطفال المخيم مساء أمس عائدين إلى مدنهم، فيما وصلت القضية إلى قبة البرلمان، قدم على إثرها الوزير الطالبي العلمي توضيحاته حول أسباب المنع.

بدورها، علقت الصحفية هاجر الريسوني على الواقعة قائلة: “قطع الكهرباء ومصادرة الأفرشة التي كان يفترض أن ينام عليها 250 طفلا من طرف وزارة الداخلية لمخيم مرخص له من طرف وزارة الشبيبة والرياضة.. لا يمكن تبريره وهو شطط في استعمال السلطة، أما بالنسبة للذين فضلوا الصمت إزاء ما تعرضوا له فهو شطط في استعمال الصمت”.

الناشط محمد السباعي كتب في تدوينة له: “باشا وادلاو يتدخل زاعما أن المدرسة التي تحتضن المخيم غير صالحة للتخييم ومن واجبه جفظ سلامة الأطفال، وطبعا بدأ بقطع الكهرباء والماء عن المخيم واستصدار الأفرشة والأغطية، نعم حقا إنه يريد سلامة الأطفال ظاهر ذلك وبوضوح تماما، جمعية الرسالة ليست حائطا صغيرا وبنينا سمعتها الغراء الساطعة في عنان السماء بوضوحنا ونضالنا وعرق جباهنا وأوقاتنا، بنيناها لتخدم الطفولة، الطفولة فقط، وسنستمر كذلك ما حيينا”.

“عودة التحكم”

واعتبر القيادي بحزب العدالة والتنمية امحمد الهلالي، أن “المنع التعسفي للمخيمات المرخصة ظلم يؤذن بعودة التحكم إلى سالف ممارساته، يحتاج إلى مقاومة تليق بمستوى صلفه وعنجهيته”، مضيفا: “عذرا طفلي العزيز، لأن الحكومة التي نقودها لا تستطيع أن تحمي رخصة سلمت لك لكي تستمتع بعطلة قيل إنها للجميع إلا أنت”، وفق تعبيره.

الصحفية سارة الطالبي عقلت على النازلة بالقول: “قطع الماء والكهرباء على مخيم مرخص بوادلاو يضم أكثر من مائتي طفل فضيحة حقيقية، هناك من يعتقد أن صمته تجاه الظلم قد يكسب به شيء آخر، ما فوق خط الخنوع وما تحت خط الكرامة”، وكتب الناشط بلال العاقل: “وكم من مرة ردد الصغار وراء المؤطرين: حب الأوطان من الإيمان.. أحبك يا وطني.. مغرب أرض بلادي.. ولكن في أول اختبار وبأعمال بشاوية طفيلية حرموا أطفال في عمر الزهور من التخييم بدون أي سبب”.

وعلق الصحافي عبد الله التيجاني: “رئاسة الحكومة تمنحك صلاحية التوسط في عدم ترحيل أطفال المخيم في نصاصات الليل فقط! شكرا السيد الرئيس المحترم. وتبا للذين صدقوا وهم الصمت بداعي ترك المجال للتوسط لحل المشكلة.. عيطو للدولة”.

وكتب شكيب بوكام: “منع مخيم جمعية الرسالة ليس جديدا، فقد صرح الطالبي العلمي السنة الماضية بأنه متضرر من إقامة الصلوات داخل المخيمات، وبأن ذلك ماشي معقول حسب تعبيره، إذن لا تستغربوا من هذا الظلم الكبير في حق مخيم يساهم في تربية الأجيال على قيم الصلاح وقيم المواطنة التي هي المقصودة بحربهم وحقدهم بالأساس”، وفق تعبيره.

من جهته، قال الناشط عمر الصنهاجي: “قد يكون مفهوما منع رئيس الحكومة بنكيران في 2012 من الحضور لساحة عمومية بطنجة لمهرجان خطابي أياما قليلة بعد التصويت على دستور 2011، السياسة هادي هي فالمغرب. لكن منع أطفال من التخييم لجمعية لا علاقة لها بأي حزب، وأعرف عددا من منتسبيها يكرهون حزب البيجيدي، أو في أقل الأحوال لا يبالون له، هو أمر غريب”.

وكان المدير التربوي لمؤسسة المناهل للتعليم الخصوصي بوادلاو، عبد الباري بوتغراصا، قد أوضح أنه لا دخل لمؤسسته في هذا المنع لا من قريب ولا من بعيد، مشيرا إلى أن السلطات المحلية ممثلة في لجنة مكونة من الباشا والدرك الملكي والوقاية المدنية والمدير الإقليمي لوزارة الشباب والرياضة، هي من قررت إلغاء الترخيص بإقامة المخيم بعد إجراء معاينة جديدة للمدرسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *