وجهة نظر

عنوان الفساد -كل و وكل-

عشرون سنة كافية لنقف جميعا أمام مسار كامل من الفعل و رد الفعل في التسير و التدبير للمؤسسات العمومية و الجماعات المحلية، لتقيم التجربة و تحديد نقاط الضعف و القوة، كلاهما أساسي الأول يعدل و الثاني يستغل، كل هذا من أجل تصحيح و تقوية التجربة في هذا الوطن الغالي وا في مدن فاس بالخصوص.

لن أقف مكان الأكاديمي المتقن للنظريات و المدارس، و الذي يستطيع أن يشرح المشهد من جانبه النظري و يضعه في مكانه المناسب، و لن أضع نفسي مكان ذالك السياسي المحنك صاحب الخطاب الرفيع و الفهم العميق و النضال المحدود، بل سأسلك مسار آخر بعيد عن الأضواء، متغلغلا في عمق المجتمع لأرى بمنظارهم، أحس بمشاعرهم و احلل بمنطقهم لتكون رسالتي مني إليهم بدون حواجز أو موانع تمنع عنهم فهم الواقع، و تعبير بطريقتهم عن رفض الأفعال، و تدفع السياسي عن تغير السلوك، و منه المساهمة في تخليق المشهد الذي أصبح بإجماع المتتبعين مريضا بمرض عضال لا ينفعه إلا دواء الاحتجاج و لكل و سيلته في ذالك.

سأطرح أمامي أحد السلوكيات الخطيرة التي يراه بعض المواطنين منهج في التدبير ناجح، و يساهم في الاستقرار الاجتماعي في نظرهم، لكن نرى انه يخدم فقط المصالح الشخصية و له تأثير بعيد المدى على الاستقرار الاجتماعي و السياسي.

المنهج يعتمد على مقولة “كايكل و يوكل” هكذا نسمعها من أفواه بعض الناس على أنها وصفة سحرية للخلاص أو منهج سياسي و اقتصادي سيساهم في تنمية المدينة و الوطن، حاولت أن أفهم معنى هاته العبرة، لم اجد لها سوى شرح واحد يفيد “تيشفر و يخلي لي يشفر”، هذا هو المعنى المقصود أو الرسالة التي يتأسس عليها هذا المنهج، و التي بفضلها تحول بعد الناس إلى ملوك على الأرض.

نعم ستصاب بالذهول حينما تجد أشخاص مؤمنين بهذا المنهج الغير مستقيم لا قانونيا و لا أخلاقيا، بل يعتبرونه سبيل الخلاص و الحل الوحيد لفعالية التدبير، كيف لنا أن نسمح لسياسي أو المسؤول الإداري أن يضع عوض الضمير المهني هاته المعدالة و تكون هي المنهج الذي يتعامل به مع قضايا الشأن العام، اي المشاكل و المشاريع المشتركة بين كافة المواطنين، كيف لنا أن نسمح لأنفسنا أن نضيع على المواطنين ثروة تعود على المدينة و الوطن بالنفع الكبير، كيف لنا أن نشارك في عملية تلاعب بالقانون و السوء في التدبير من أجل مصالح شخصية فردية و ننسى أن المواطن لديه الآلاف الاحتياجات اليومية من المدرسة إلى الطبيب و الشغل…

إن الفعالية و النجاعة في التسير و التدبير، معهما الحكامة الراشدة بتطبيق صارم للقانون و عدم التحايل عليه، كفيل برفع نسبة مردودية الإدارة و تخفيض نسبة الفساد الإداري و السياسي، بهذا المنهج السليم قانونيا نستطيع قطع الطريق على أصحاب الكروش، في نفس الوقت حماية المال العام و توزيعه بعدل، العدل نلمسه في توفير الأساسيات الصحة و التعليم و التشغيل، حاجيات تعتبر ضرورية لكل مواطن، لكن نظرية *كل و وكل* ساهمت في عدم الرفع و الرقي بهاتف الحاجيات و جعلت المواطن غارق في المديونية و هو غير مسؤول عليها و لا يعي ما مصدرها، لهذا رفض هذا السلوك أصبح ضروري و قضية يجب أن يتجند لها كل غيور على الوطن و المدينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *