منتدى العمق

البؤس العربي

عندما حل النظام الديمقراطي لبلد عربي اصيل في ديمقراطيته .انطلق صفارات الانذار في كل مكان من بلداننا العربية .بين من استنكر الفعل الديمقراطي ومن تحفظ ومن ايد باحتشام .ولكن الاخطر من ندد بتوقف هذه الموجة الديمقراطية بتونس العظيمة .

لقد تاسفت قيادات عربية لهذه النهضة العقوبة لشعب تونس .لذلك وجهت مدافعها لضرب هذا المسار والبحث عن كل الصيغ الشرعية واللاشرعية لافشال المخطط الديمقراطي وبذلك حاولوا اقناع الجيش اولا ففشلوا .ثم توجهوا صوب المجتمع المدني ولا سيما اصحاب الشعارات الرنانة الجوفاء من اليسار واليمين الذين هم على اتم استعداد لتلبية كل طلب للاسهام في إقصاء أي توجه شعبي متحرر ومستقل .

لم تفلح آلة الاقناع باساليبها المادية والاعلامية وادواتها المخيفة والملتوية من اقناع الشعب التونسي او ثنيه عن ممارسة حقه الديمقراطي .

فاز سعيد قيس .فاز الشعب والإرادة والاستقلالية .فانتصر الجيش بحفاظه على ما وجد من أجله .كما حافظ البعض على سلوكهم خوفا من نقمة الشعب .

فاز قيس سعيد وخسرت قوى خارجيه .ترتب دائما منذ وجودها لاقصاء والقضاء على اي شعب يريد إثبات وجوده .فلا الامارات العربية المتحدة باموالها ونفطها .ولا العربية السعودية باموالها ونفطها تمكنتا من اخضاع الشعب التونسي .بل وفشل الجار المصري وتهاوى .

نحن اذن امام بؤس عربي يواجه فرح عربي .هذا البؤس الذي لا يهدأ له بال دون الاسهام في اخضاع كل النظم العربية والإسلامية لارادته .يرفضون المسمى الديمقراطي .لانها في نظرهم تؤدي الى الفتن .وما الفتنة الحقيقية الا وهي جعل شعوب بكاملها في خليج العرب تعيش خارج التاريخ .بنايات شاهقة واقتصاد قوي ريعي واستهلاكي ،يقابله شعوب معاوية مقهورة .

لقد حان الوقت لهذا البؤس العربي أن ينجلي لتتقد شموع النور .ليشع في ارجاء بلاد العرب من المحيط الى الخليج .

وهذا امر ممكن لو نجحت ثورة الياسمين واثبتت قدرتها على تبني حكما مؤسسا على الرشد والبناء وتلبية مطالب الشعب بانهاء كل أشكال الفساد السياسي والاقتصادي .مع تبني نظام سياسي يقوم على العدالة الاجتماعية والاقتصادية .

اذا توفرت الظروف السياسية داخليا .فلا شك أن الرئيس المنتخب ديمقراطيا سيوجه رسالة للعالم الحر مفادها أن شعوب العرب يمكن تحريرهم من براثين خطب الاقصاء والتهميش .

ان فرح العرب سيغلب بؤسهم لو تمكنوا من ابراز المسار الديمقراطي .لكن الواقع وبموضوعية لن يميل الى السماح بوجود نظام ديمقراطي مالم تغير بلدان عربية غنية من عرفها وتقليدها القائم على التدخل وتغيير كل حاكم لا يؤمن بتصورهم للحكم .فالحالكم في ظل البؤس يعتبر التغيير كابوسا مخيفا ولو كان بعيدا عنه الاف الاميال .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *