أدب وفنون، مجتمع

يكتب بالإسبانية ويملك خيالا واسعا.. أصغر كاتب روايات بالمغرب يروي لـ”العمق” سر تألقه (فيديو)

بدأ الكتابة في سن الثامنة واستطاع إصدار أول رواية له وعمره لا يتجاوز الثانية عشرة ربيعا، رغم أن تخصصه علمي وطموحه هو أن يصبح طبيبا مثل والده، إنه ريان بوليلة (14 عاما)، أصغر كاتب روايات في المغرب باللغة الإسبانية.

بخيال واسع وذكاء ملفت، فرض ابن مدينة تطوان اسمه كعاشق للكتابة باللغة الإسبانية، اللغة التي يعشقها ويدرس بها منذ أن كان في الروض، فكانت كتاباته وأشعاره تثير إعجاب المهتمين بالمجال، وهو ما شكل حافزا أساسيا في مساره.

ريان الذي يتابع دراسته حاليا بثانوية “سيدتنا العذراء-بيلار” التابعة للبعثة الإسبانية بمدينة تطوان، ينتمي لأسرة تطوانية عريقة تعود أصولها إلى الأندلس، ويتقن كل أفرادها اللغة الإسبانية، وهو ما شكل له حاضنة أسرية كانت سببا مهما في صقل موهبة الكتابة لديه.

بعد عدة كتابات كان ينشرها على مدونة إلكترونية دولية، استطاع الكاتب الصغير إصدار أول إنتاج أدبي في مساره، وهي رواية “La esmeralda de la verdad” أو “جوهرة الحقيقة”، روايةٌ امتحن فيها قدرته على التخيل الواسع وترك فيها العنان لعفوية روحه الطفولية.

“جوهرة الحقيقة”

“روايتي الأولى عبارة عن قصة خيالية تحكي مغامرة طفلين، يعيشان في الجبل، يبحثان عن شخص ميت، حيث يعثران على جوهرة مُشكلة من قوى خارقة، وهي الجوهرة التي مكنتهما من تحقيق هدفهما في العثور على الشخص الميت وفك لغز القصة”، هكذا لخص ريان روايته.

الكاتب الصغير الذي زارته “العمق” بمنزله وسط مدينة تطوان، أوضح للجريدة أن فكرة روايته استلهمها من مجموعة من الروايات والقصص التي كان يُدمن على قراءتها ويُعجَبُ بمضمونها، حيث ألهَم خياله بما ترسب في ذهنه من مشاهد قصصية، أضاف إليها حسه الإبداعي في الكتابة الخيالية.

يقول ريان: “بدأت أكتب الشعر في البداية منذ أن كان عمري 8 سنوات، حيث كان أصدقائي يشجعونني على نشر كتاباتي في مدونة إلكترونية، حينها بدأت أكتب وأنشر فقرات من روايتي بالتدرج على المدونة، وتفاجأت من حجم التشجيعات التي تلقيتها من كتاب بمختلف دول العالم”.

تشجيعات الأهل والأصدقاء، دفعت ريان إلى توسيع حجم طموحه من الكتابة إلى طباعة ما يكتبه، إذ طالب من والديه مساعدته في طباعة أول كتاب في مساره الروائي، ليتحقق له حلمه في طباعة روايته “جوهرة الحقيقة” بدعم كبير من أسرته وأصدقائه.

سر تألق ريان في الكتابة باللغة الإسبانية لم يأتي بمحض الصدفة، بل كان بفضل عزيمته وجهوده في القراءة والكتابة، يقول في هذا الصدد: “لغتي الإسبانية كانت ضعيفة في المرحلة الابتدائية، الأمر الذي دفعني إلى التسجيل في مكتبة بتطوان، حيث داومت على قراءة الكتب حتى أصبحت أحب القراءة وتحسن مستواي في الإسبانية بشكل لافت”.

يقول جد ريان لجريدة “العمق”: “أشجعه في شتى الميادين وأشتري له الكتب الكلاسيكية الإسبانية لكي يستمر في الكتابة، واختياره الإسبانية راجع إلى أصولنا الأندلسية، وهذا لا يعني أننا تخلينا عن اللغة العربية، فهي لغتها وهويتنا، وأسرته مستعدة لمساعدته إلى نهاية المطاف”.

رواية ثانية و”صدمة الوفاة”

رؤية روايته تباع في مكتبات مدينة تطوان، كان يسر ريان كثيرا، بل كان حافزا رئيسيا له للتفكير في كتابة روايات أخرى، وهو ما تأتى له بشروعه في كتابة روايته الثانية التي ألف منها إلى حدود الآن 160 صفحة، حيث يفضل ريان عدم ذكر اسمها أو قصتها إلى حين الانتهاء من كتابتها.

غير أن وفاة والد ريان إثر نوبة قلبية شهر غشت الماضي، أثرت بشكل بالغ على نفسية الكاتب الصغير، خاصة وأن والده الطبيب عبد السلام بوليلة كان من أكبر الداعمين لمسار ابنه معنويا وماديا.

“صدمة وفاة والده جعلته يتوقف عن الكتابة”، تقول والدته مونية في حديثها لـ”العمق”، مضيفة: “غير أنه يحاول مؤخرا تجاوز آثار صدمة الوفاة التي عصفت بالأسرة، ويؤكد لنا أنه سيعود لاحقا لإتمام روايته الثانية، فالكتابة أصبحت جزءا هاما في حياته”.

ريان أوضح للجريدة أنه بالرغم منه كونه يطمح لأن يصبح طبيبا مثل والده الراحل، إلا أنه لن يتخلى أبدا عن الكتابة وسيستمر فيها، موجها رسالة إلى التلاميذ الذين هم في مثل سنه قائلا: “من له هواية يجب أن يستمر فيها وأن لا يستسلم”.

وليست الكتابة وحدها من يعشقها ريان بوليلة، فهذا التلميذ المتألق يمارس هوايات أخرى مرتبطة بألعاب الذكاء، خاصة لعبتي الشطرنج و”مكعب روبيك”، كما شارك في أولبياد الرياضيات بالدار البيضاء ممثلا لثانويته، إلى جانب مسابقات لعبة الشطرنج.

وفي هذا الصدد، يشدد جد ريان الذي كان بجانب حفيده طيلة فترة تصوير فيديو “العمق”، على أن “هناك أطفال مبدعين في مجتمعنا، لكن للأسف لا يتم احتضانهم وصقل مواهبهم والصبر معهم وتشجيعهم وعدم تركهم لوحدهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *