وجهة نظر

المسؤولية الحكومية وغياب الحكامة الديبلوماسية للأفكار الحزبية‎

المسؤولية الحكومية وغياب الحكامة الديبلوماسية للأفكار الحزبية

لا يمكن لأي عاقل أن يستوعب فداحة الأخطاء الديبلوماسية السياسة، التي يسقط فيها من يتقلد بعض المسؤوليات الحكومية أو الادارية في اللقاءات الاعلامية المختلفة، خصوصا القنوات الاخبارية الدولية، والتي لها صيت على مستوى المشهد السمعي البصري العالمي.

فمن طبيعة المسؤولية السياسية التنظيمية للعمل الحكومي واجب التحفظ في بعض المواقف والأحداث، من خلال الانتباه وعدم التسرع في التصريحات الصحفية للصحافتين الوطنية والدولية.

لأن التواجد في مراكز القرار السياسي يخالف التموقع والبعد عن المسؤوليات التدبيرية للدولة والمؤسسات المنتخبة وغيرها.

تصريح مسؤول حكومي في عارض ما أو حدث ما، قد يؤدي أو يضع البلد في حرج كبير، ومن المحتمل أن يرافق هذا التصريح أو الخروج الإعلامي عواقب وخيمة سياسيا واقتصاديا، في ظل تشابك المصالح الخفية، والمعلنة التي تتحكم فيها قوى تهيمن على مجمل خبايا دهاليز السياسة العالمية، وتشتغل وفق أجندات وأبعاد استراتيجية متوسطة أو بعيدة المدى، ولا تقتصر على أهداف آنية أوظرفية بديهية.

ولعل ما أثار انتباهي، هو الهفوات غير المحسوبة العواقب، والتي تؤثر على البلد بشكل كبير، لا اقتصاديا ولا ديبلوماسيا ولا ترابيا.

فكيف نفسر دعوة رئيس الحكومة الذي له مكانة رمزية في الدولة، بتأييده ودعوته للتضاهر ضد صفقة سماها أهلها بصفقة القرن! تلك الصفقة التي لن يكتب لها النجاح لأنها مجانبة لصواب عدالة القضية الفسطينية أولا، ومؤكدة في نفس الوقت على الفراغ النضالي للقضية التي أصبحت تضيع رويدا رويدا بسبب الانقسام الفلسطيني الدائم، والذي تحول لقاعدة مع الأسف.

فالدعوة للتضاهر من موقع المسؤولية السياسية والتنظيمية للجهاز التنفيدي للدولة مجانب للحكمة الديبلوماسية، فتناسي أن تلك التضاهرات قد تنحرف عن مسارها بدخول قوى لها أجندات مختلفة، وهذا ما وقع للأسف عندما تم رفع صور لرؤساء، تجمعم بالمغرب علاقات أخوية عميقة وعريقة في القدم وفي التاريخ، ومتشعبة المصالح والمرامي في جملة من القطاعات.

ألا يعد هذا من أنواع الشرود والابتعاد عن الحكمة السياسية، عوض اللجوء لتصريف الآراء في صمت وفي ديبلواسية تتقن فن الحوار والتخاطب، وذلك بغية الخروج بأقل الخسائر الممكنة، في وضع حساس يحتاج إلى أعلى درجة من اليقضة والتبصر بعيدا عن التجريح، والمس بالأشخاص والمسؤولين. ألا يسيء هذا لمصالح البلاد مع بلدان تقف بجانب المغرب في أوقات عصيبة وليست مرحلية وعابرة!

المسؤول الذي يتعامل بالعواطف في علاقته بالأحداث المستجدة لا يقدر نهائيا الخطر المحدق التي تتسبب فيه الاندفاعات، فخلط ما هو حزبي بما هو وطني أمر لا يستقيم نهائيا!

نفس الأمر وقع مع السيد رئيس الحكومة في مقابلة تلفزية مع قناة روسيا اليوم من قبل، حينها تكلم عن المغاربة وأتبعها بعبارة المغاربة عربا وأمازيغا، وهو مايعطي انطباعا للبلدان الأخرى بأن هناك حدود بين الأعراق في هذا البلد، فعوض ذلك من باب حكمة المسؤولية أن يقتصر التعريف بمكون وطني واحد أمام أنظار العالم، بمصطلح يقتصر فقط على تسمية واحدة وهي الشعب المغربي وكفى، لأن كل كلمة تخرج للعلن على السؤول الحكومي أن يعلم بأن هناك من ينتظرها لكي يتلقفها، وتمرر بعد ذلك إلى مختلف الأجهزة التي تشتغل ليل نهار في تحليل الامور والمعطيات، والتصريحات التي يدلي بها أي مسؤول حكومي، وذلك بهدف بلورة المعطيات واستخدامها سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا مستقبلا لغاية توظيفها كورقة ضاغطة على الدول؛ قصد تحقيق المصالح القومية لدول منافسة أو معادية أو معاكسة.

نفس الخطأ وقع فيه السيد رئيس الحكومة السابق في تعليقه عن الأزمة السورية، فكاد أن يزعزع ما بنته الديبلوماسية المغربية الحكيمة مع روسيا وغيرها.

كما أن تصريحات الوزراء في المؤتمرات واللقاءات الثنائية للمسؤولين باللغات غير الدستورية يعد من الغرائب بمكان، فجميع وزراء العالم عند استقبالهم لوفود أجنبية، يتبثون الشخصية المعنوية للبلاد، من خلال احترام ارادة الشعب والالتزام بالحديث بأحد اللغات الدستورية خصوصا القائمة الذات، كاللغة العربية التي تحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث الاستعمال والانتشار، لا التحدث بلغات دساتير بلدان أخرى، تبحث عن مصالحها الخاصة في كل مكان، وتدير ظهرها لمن لا مصلحة فيه في كل زمان!

المسؤولية الحزبية السياسية شيء، والدبلوماسية الخارجية شيء آخر.

دراسة التاريخ السياسي والدبلوماسي للبلاد والعالم قد يزيد من حكمة المسؤول الحزبي. أما الكارزمية الفارغة التي تعتمد على(الجبهة)، فلا تنفع في ظل الإرغامات العديدة التي تواجه المغرب.

فالدبلوماسية تحتاج للتأني قبل اتخاد أي قرار، فالحيتان الكبيرة تحيط بنا من كل جهة وتنتظر فقط الهفوات.

فالوصول إلى رئاسة الحكومة لا يعني أن تتسرع في الكلام وتحرق ما يبنى سرا وبدون ضوضاء.
الصراع الحزبي والبوليميك السياسي القائم على الولاءات والعائلات، أوالولائم والطاعة الريعية لا يتلاءم مع متطلبات الحكمة فالوطن دائما وأبدا قبل الحزب .

التعامل مع الاكراهات التي قد تفرض على الدول والتي قد تكون ورقة ضغط كبير، لا يعلم بها أحد إلا من هم على تواصل دائم بمختلف الأجهزة التي تصنع القرارت و وتعمل على التخخطيط والبرمجة والفبركة، و تقييم المخططات السرية والعلنية البعيدة الغايات.

لدى وكما قلنا سابقا في مقالنا عن الديكتاتورية العددية للديمقراطية، فإن الديمقراطبة لا تفرز الكثير من الحكماء، ولا تتلاءم في بعض الأحيان مع مفهوم الأغلبية التصويتية، والتي تميل وتعشق الفضائح أكثر من اهتمامها وادراكها لقيمة التأني في اصدار الأحكام الموضوعية، كما أن الغالبية من الأفراد داخل هذا المجتمع غير ميالة للبحث والقراءة بسبب ظروف قد تكون موضوعية في بعض الأحيان كالفقر والبطالة، ولاتقدر عواقب اتخاذ القرارت في المسائل الحساسة التي تطبع العلاقات الدولية.

الوعي هو أن نبحث عن مصلحة البلاد أولا وأخيرا ونتجنب الدخول في صراعات لا نقدر عليها، مع محاولة البقاء على وفي الحياد، بهدف جلب الاستثمارات المتنوعة لفتح الطريق أما ملايين البشر لايجاد فرص العيش الكريم بسلام وأمان.

الديبلوماسية هي فن حكيم للحوار والتخاطب من خلاله تتحقق المصالح المربحة. أما وتغليب المصلحة الحزبية على حساب المصلحة الوطنية فهذا يندرج في فن، يقتصر على البوليميك والسجال السياسي العقيم، غير النافع لا للبلاد ولا للعباد.

آسف إن أخطأت في التحليل!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *