رمضانيات

“صحافة الأمس” (1): “ميسة”.. جزائري يصدر أول مجلة “مستقلة” بالمغرب عام 1932

“صحافة الأمس”.. إطلالة قصيرة خلال أيام رمضان على مغرب الأمس بعيون صحافيين كانوا يرزحون تحت رقابة الاستعمار الفرنسي أو تحت رقابة المخزن، ويشتغلون بوسائل بسيطة. ونفض للغبار في كل مرة على خبر من مجلة أو جريدة صدرت قبل عقود من الزمن.

مجلة “المغرب”

يوليوز عام 1932 تمكن الموظف الجزائري بإحدى الإدارات بالرباط إصدار العدد الأول من مجلة “المغرب”، واستهل محمد صالح ميسة العدد الأول بافتتاحية أثنى فيها على المخزن وسلطات الحماية، قائلا”من الواجب المحتم علينا شكر أولي الأمر من المخزن الشريف وإدارات الحماية عن قبول طلبنا في إبراز هاته المجلة”، قبل أن يسهب في وصف هوية المجلة.

“مستقلة”

وبخصوص الخط التحريري شددت “المجلة” في افتتاحيتها على أنها “مستقلة” وتعبر عن حال الشعب المغربي، “أردناها أن تكون حرة وأردنا أن تكون مرآة يتراءى فيها الشعب النبيل مفكرا حيا ناطقا بلسانه كاتبا بقلمه لا حبر على ورق”.

وعرّفت “المغرب” نفسها بأنها مجلة “اقتصادية، وصحية، أخلاقية أولا”، واسترسلت “إذ الاهتمام بما تنبني عليه حياة البلاد من طرق المعاش فيها وأسباب الثروة بها كالفلاحة والصناعة والتجارة وغيرها من المسائل الاقتصادية وما تحتاج إليه البلاد من حيث وسائل بقائها من بين الخلائق قائمة”.

وأسهبت الافتتاحية في رسم معالم المجلة، قائلة إنها مساحة لتبادل الأفكار كما أنها تضطلع بوظيفة الإخبار، “ثم إن المجلة بعد ذلك ميدان للأفكار وهي أيضا إخبارية نجتهد إن شاء الله في جعلها أداء تلم القراء بما يروج في مواطن الدنيا وبين ديارهم وتمكنهم من تتبع ما يبحث فيها الباحثون في المواضيع العلمية والأدبية على سائر أنواعها وتغذية عقولهم بذلك والمشاركة فيه”.

وتابع كاتب افتتاحية “المغرب”، “كما نجتهد في جعلها وسيلة للمغرب تحمل إلى الغير أخباره وتعرفه بما عنده من زينة في مناظر تربته ورقة في صناعته ومقدرة فعالية في المعاملات ودراية واسعة وأدب غزير”.

اغتيال دومير

رغم أن صدور أول عدد من مجلة “المغرب” جاء بعد أسابيع من اغتيال الرئيس الفرنسي الأسبق بول دومير (Paul Doumer)، إلا أن ذلك لم يمنع المجلة من التطرق للخبر ولردود الفعل التي أثارها.

وكان دومير قد تعرض للاغتيال على يد مهاجر روسي عام 1932، بعد أقل من عام على توليه الحكم، حيث كان يفتتح معرضا في باريس خصص للمؤلفين والأدباء الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى .

واستهلت المجلة خبرها بـ”قتل المسيو دومير فأثار مقتله سخط العالم على مرتكب هاته الجريمة الشنعاء ونكصت الأعلام في سائر أقطار الأرض حزنا على رجل لم تفقده فرنسا فقط بل فقدته الإنسانية جمعاء”.

كما تطرقت المجلة في الخبر ذاته إلى تولي ألبير فرانسوا لوبران رئاسة فرنسا خلفا لدومير، قائلة “وفخامة رئيس الجمهورية الجديد مسيو لوبران خير خلف للفقد المأسوف عليه. وهو كسلفه ثمرة اجتهاده وذكائه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *