من العمق

“يا خيل الله” يعالج 16 ماي إيديولوجيا

فيلم “يا خيل الله” من ساعة و55 دقيقة لمخرجه ابن 43 سنة نبيل عيوش والمزداد بفرنسا وبتناول إيديولوجي مفضوح ومرتبط بحرب أمريكا على الإرهاب حمل مسؤولية تفجيرات 16 ماي للتيار السلفي المتطرف والمتعطش للدماء مقدما صك براءة لأطراف أخرى مفترضة، وعمد إلى عدم استحضار أي موقف لعموم المتدينين المغاربة من سلفيين غيرهم الرافضة للعنف وقدم المتدين في صورة ذلك الوحش الذي يهدد البشرية جمعاء ولم يقدم أي نموذج آخر للمتدين وهي ملاحظات سجلتها أكثر من جهة وأكثر ناقد ومتتبع، في وصفة غربية واضحة المنبع والمصب.

محمد الفيزازي، أحد رموز السلفية بالمغرب والمعتقلين المفرج عنهم على خلفية نفس القضية، بالتأكيد أنه سيتنفس الصعداء بعدما يسمع أو يشاهد هذا الفيلم وهو الذي كاد أن يورطه عيوش في هذا الفيلم بلعب دور خطير كان سيكون بمثابة البصمة المطلوبة لإتمام الصورة المشوهة والمستهدفة للنموذج الذي استحضره للمتدين، غير أن اللقائين اللذان عقدا بين الفيزازي والمخرج خلص إلى رفض الفيزازي للفيلم والتمثيل فيه بعد الاطلاع على نصه.

بعض النقاد اعتبروا الفيلم خارج السياق العام المحكوم اليوم بالربيع الديمقراطي والمؤسس لعلاقة جديدة بين شعوب المنطقة ومن يحمونها وبينهما معا والغرب، حيث جسد الفيلم عمق الرؤية الأمريكية والغربية في الحرب على الإرهاب والتي دمرت بسببها البلدان والعمران والسياسات والشعوب، في الوقت الذي راجعت أمريكا نفسها والغرب سياستهم اليوم اتجاه هذه الأقطار وتراجعت دول عدة على قوانين الطوارئ والإرهاب والاعتقالات العشوائية التي كانت تتخفى وراء أكذوبة الحرب على الإرهاب.

الفيلم وفي ربط لم يستطع أن يستوعبه كثيرون ربط بين تفجيرات 11 شتنبر بأمريكا وخطابا أسامة بلادن وفعل إحدى التيارات السلفية بالمغرب، كما لم يقنع الفيلم آخرون في كيفية تحول حميد وهو أخ ياشين اللذان يقطنان معا ببراكة بالحي الصفيحي سيدي مومن إلى جانب أمهم وأخوهم المصاب بالتتوحد والأب المكتئب، (كيف تحول) من رافض للسلوك السلفي إلى معتنق له ومدافع عنه أكثر من كل الذين سبقوه بما فيهم أخوه الذي استقطبه ل “الإخوة”.

يذكر أن الفيلم مستوحى من أحداث 16 ماي الإجرامية سنة 2003 والتي لم تعرف حقيقتا النهاشية إلى اليوم ومن راواية “نجوم سيدي مومن”، للكاتب ماحي بين بين، كما أنه ووفق السياسة الحاكمة اليوم للشأن السينمائي بالمغرب ليس هناك قوة يمكن أن تمنع هذا الفيلم من التتويج كاسابقيه والمعتمدين لثلاثية استهداف المتدين واللغة الساقطة والجرأة في مستوى العري واللقطات الجنسية لا غير.

كما يشار إلى أن الفيلم المعروض الأحد الماضي بالمهرجان الدولي الفرنسي للفيلم بمراكش، عرى واقع البؤس بدور الصفيح بالمغرب التي تحضر في الفيلم من خلال كاريان سيدي مومن بالدار البيضاء، الفيلم استطاع تفكيك أبعاد البؤس المركبة لفئات من ساكنة الكاريان، وذلك بتناول فني سينمائي قوي كما شهد بذلك كثيرون خاصة في النصف الأول من الفيلم، من خلال استحضار تيمات القتل والخيانة والشذوذ الجنسي وتجارة المخدرات التي يتورط فيها رجال الأمن وكذا الفقر بكل ألوانه والصراع اليومي مع لقمة العيش إلى جانب اللغة الخاصة وانتشار الخمور، نقطة التميز هذه رأى فيها البعض إطالة وإغراق للفيلم بقضايا كانت تستحق كل واحدة منها فيلم خاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *