وجهة نظر

مشروع قانون أم مشروع بداية عهد جديد من العبودية

اذا كان الاصل في سن القوانين هو الاستجابة لما تقتضيه مصلحة مواطني دولة ما فان مشروع القانون 22 20 بالمغرب هو يؤرخ لبداية نهاية مفهوم المواطنة وما تمثله من حقوق وواجبات وبداية مفهوم جديد للمواطنة محوره المواطن المستهلك الخاضع لرغبات الشركات والتي سستجعل من الدولة اداة لا خضاع المواطن لاارادتها مهمته استهلاك ما تنتج وتقديم الطاعة للاسياد الجدد فهل يتحقق المشروع؟.

ان ما اقدمت عليه الحكومة المغربية من مناقشة مشروع قانون 22 20 الذي يمكن تسميته بقانون (كل اوسكت) لتقديمه للبرلمان للمصادقة عليه يؤكد ان المغرب لايشكل الاستتناء فيما بات يعرف هيمنة الشركات العابرة للقارات على القرار السياسي لدول العالم.

فبعدما فرضت الشركات موقفها بالطريقة التي تريد في استثمار مشاريعها الاقتصادية دخلت مرحلة جديدة في تعاملها مع سيادة الدول واصبح لها امكانية استغلال الدولة نفسها وتسخيرها لمصلحتها على حساب مصالح وحقوق المواطنين الذين سيجبرون ليس فقط على استهلاك ما تبيعه لهم الشركات من بضائع ولكن سيعاقبون بالحبس والغرامة ان اشتكى احدا منهم مما يستهلكه او هو دعا الى مقاطعة سلعة تعود لدولة يعتبرها هو عدوة له كاسرائيل مثلا.

وقد يكون مضمون مشروع هذا القانون لايخص المغرب وحده خاصة من حيث مقاطعة بضاعة ما ولكن ستحدو اغلب الدول العربية والاسلامية حدوه ذلك لانها ستباشر التطبيع رسميا وقريبا مع الكيان الاسرائلي الذي تؤازر ه كل الشركات العالمية التي لا تريد ان تقاطع بضائع اسرائيل او الدعوة الى ذلك من قبل مواطني دول التطبيع مع اسرائيل مثلما يحصل في اوربا. ولما لا وقد استطاعت اسرائيل اكثر من ذلك عند ما فرضت قانونا في الولايات المتحدة الامريكية يمنع على المواطن الامريكي الذي بدا تطبيقه فعلا في كثير من الولايات الامريكية مقاطعة السلع الاسرائلية او الدعوة الى ذلك .

ان هذا المشروع وبالرغم من ما تضمن من مواد قانونية اخرى فان سبب نزوله هو منع المواطن من الدعوة الى مقاطعة منتوج الشركات العالمية او تشكيه من مضاره الصحية عليه حتى لايؤثر ذلك على حركة انتاجها وعلى مدخولها المادي لما لذلك من تاثير ليس على الشركة المعنية بالمقاطعة ولكن على النظام الاقتصادي الراسمالي الذي يتوقف استمراره من عدمه على الاستهلاك وجني الارباح من ورائه.

ان هذا مشروع القانون لا يعدو في مضمونه سوى استمرار للسيطرة الصامتة للشركات العابرة للقارات على القرار السياسي لدول العالم وما يعنيه ذلك من تاثير على ديمقرطيتها وحقوق مواطنيها.

ان ما تضمن هذا لمشروع خاصة من حيث معاقبة المواطن على حقه في مقاطعة بضاعة معينة او منعه من الحديث عن مضارها يتجاوز مسالة حرية التعبير .

ان القانون يسن لحماية مصلحة اقتصادية وطنية واما اذا ما سخر لحماية مصلحة الشركات العالمية فانه لا يحمل من الوطنية الا الاسم .

والسؤال الذي يطرح هل هذا المشروع قانون ثم طرحه قبل جائحة كورونا ام بعد تفشيها لان معرفة ذلك سيحدد مصيره في المصادقة عليه من عدمه على حالته لان العالم قبل كورونا ليس هو العالم بعدها وكثير من قواعد اللعبة ستتغير بحسب ما اذا استمر العالم بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ام ستدخل الصين على خط. اقتسام العالم معها.

و على كل حال فان مبادرة الحكومة المغربية بسن هذالقانون الذي تسخر فيه الدولة وسيلة الاكراه ضد مواطنيها وحرمانهم من الدفاع عن ا نفسهم ومصالحهم في مواجهة مصلحة فئة قليلة يكون ذلك مؤشر على الدخول الى عهد نوع جديد من العبودية السيد فيه هم مالكوا رؤوس الاموال والعبيد هم عامة الشعب الذين سيستغلون دون رحمة لحماية مصلحة السيد الجديد واستمرار مركزه المادي .

والى ان تتم مصادقة البرلمان المغربي على مشروع القانون وبالصيغة التي يرتضيها نواب الامة ان هم كذلك فما على المواطن الا ترقب مصيره الجديد والذي سيدخله في متاهة جديدة يعلم الله مالها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *