وجهة نظر

قسم في الميدان

لحظة فوز مرسي كأول رئيس مدني منتخب، اتجه الرئيس للميدان كي يؤدي اليمين الدستوري للجماهير المحتشدة، موفيا بوعده الذي وعد، فرحة عمت أرجاء مصر كما صورتها شاشات القنوات التلفزية، فرحة لم تستمر، لينطلق مشوار الثورة المضادة، اختناق اقتصادي، زوبعات إعلامية و ضجيج مستمر، تسريبات لاجتماعات أمنية، كما حدث لتسريب كلمات ضرب المنشأة الاثيوبية، رسالة للرئيس الاسرائيلي، الوحل السوري و الاصطفاف الطائفي…جداول مياه متعفنة تراقصت تركض لتجتمع في نهر العسكر الزاحف بدعم خفي…..سقط مرسي بعد سنة، بيد الجيش و أصدقاء أمس…

سطوة الجيش و فلسفة الاستحواذ و حنين النظام و المنتفعين، سذاجة القوى المدنية، عجلت بضرب الجماعة دون حتى التفكير في التقاسم و المشاركة و الخروج بمصر من دوامة الأزمة، كان الإقصاء و كانت السجون و كانت رابعة….

القوى السلفية حديثة العهد بالممارسة تلاشت مع أول مبايعة و مباركة للسيسي، و ذهب النور و ذهب برهامي، و تكالبت عليهم قوى كانت تحتفي بجرأتهم على معارضة مرسي…

القوى اليسارية اندثرت واحدة تلو الأخرى، شخصية فشخصية، حتى شباب تمرد، الواقع السياسي تمرد على أحلامهم و تعطشهم الأعمى لثورية ماضوية…
ما الذي ربحته مصر خلال كل هذه السنوات؟

كلما يرتفع صوت الوزير الاثيوبي منتشيا باقتراب خدمة السد العظيم، و كلما تتهافت أبواق النظام متغنية بقدرة الجيش على هدم السد و دك بنيانه، نتذكر كيف كانت تهاجم سذاجة مرسي و عدم فطنته السياسية و هو يضيع مصلحة مصر بتهديده ضرب بنيان الحبشة بالطيران إن فكرت ببنائه…

اليوم سد اثيوبيا اكتمل، و مصر السيسي و إعلامه يفكر باحتمالات أخرى لحماية مصالح مصر…قصة السد، واحدة من مآلات مصر، كيف كانت عام مرسي، و كيف هي اليوم بعد سنين السيسي، و بعد أن احتفى الثوار بالعسكر المهدويين، و هي حالة تكررت في دول عربية عدة، كانت بمبررات في عقود مضت، لكن اليوم كيف تفسر هذه القوى الديمقراطية و المدنية هذا التعاقد الضارب في ما تنادي به من مبادئ؟ كيف تفسر الجبهة في السودان مثلا و هي تحاكي القصة المصرية بمسارات تختلف نسبيا، لكن الجوهر ثابت و قد تبدي الأيام القادمة أن سيسي السودان ماض في دربه و إن طالت المراحل؟

النظام العربي بشقيه معتل، و طبيعة المجتمع العربي تمنعه من التطور نحو الحالة المدنية، و الحالة الجيوسياسية، النفط و الثروة أسباب منعت الحراك الشعبي من وجهته الحقة و كرست قوى أخرى ساهمت في ضعضعة المسار الانتقالي، لماذا تونس مثلا استثناء في بحر التوافقات من جهة أو في لجي الفشل كما حصل في الثلاث دول؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *