وجهة نظر

بين قضاء التحكيم و قضاء الدولة تعاون و أوجه تشابه

إن الحديث عن أوجه التشابه بين الهيئة التحكيمية و القاضي الرسمي يجد تبريره في وجود عدة قواسم مشتركة بينهما، حيث أن أوجه التشابه بين المحكم و القاضي هو نفس التشابه المبدئي بين قضاء التحكيم و قضاء الدولة

[1] و من تم فإن الهيئة التحكيمية تتولى مهمة قضائية حقيقية، بحيث يلج إليها الأطراف المتنازعة بمحض إرادتهم و يطرحون نزاعاتهم عليها التي ينظر فيها محكمين متخصصين في طبيعة النزاع ليفصلوا بناء على ما راكموه من تجربة و كفاءة و خبرة في نوع النزاع المذكور.

و باتفاق التحكيم يحل هذا القضاء الخاص محل قضاء الدولة في حماية الحقوق و تحقيق العدالة و هذا أول قاسم مشترك بينهما و يكون القرار أو الحكم التحكيمي إلزاميا شأنه شأن القرار القضائي هذا من جهة  و من جهة أخرى فإنهما يتشابهان من حيث الآثار التي يرتبها الحكم القضائي و كذا التحكيمي في أن كلاهما يكتسبان حجية الشيء المقضي به و القوة التنفيذية [2]

إضافة إلى ما سبق فهم يتشابهان من حيث ضرورة احترام المبادئ الأساسية للتقاضي لكونها من النظام العام و يمكن اعتبار ضرورة الالتزام بها من قبل الهيئة التحكيمية ضمانة منضمانات المحاكمة العادلة في الفصل في النزاعات المعروضة على هذا القضاء الخاص، و يمكن عرض قوة الوظيفة القضائية للهيئة التحكيمية المشابهة للقضاء الرسمي على النحو التالي:

* احترام مبدأ المساواة بين الخصوم

ويتم ذلك بتهيئة فرص متكافئة لكل طرف لعرض دعواه و تحقيق دفاعه و لا يمنح أحد الخصوم حقا دون منحه للآخر و ينبغي على القاضي وكذا المحكم ألا يتأثر بالنفود القانوني أو الاقتصادي أو السياسي لأحد الأطراف.

* احترام مبدأ حقوق الدفاع

و يقصد بهذا المبدأ ضرورة سماع وجهة نظر الخصوم في الطلبات و الدفاع و منحهم بشكل متساوي المهل و الآجال القانونية لتقديم هذه المسائل و منحهم الوقت الكافي للدراسة و الاطلاع و سماع ردهم و تحقيق دفاعهم.

* احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم

مبدأ التواجهية هو من المبادئ الأساسية للتقاضي سواء أمام الهيئة التحكيمية أو القضاء و يرجع ذلك إلى أنه يضمن احترام حقوق الدفاع، و تطبيق هذا المبدأ في التحكيم يتلاءم مع الطبيعة القضائية لمهمة المحكم.

و تجدر الإشارة إلى أن الإخلال بهذا المبدأ يعرض الحكم التحكيمي لعدم التنفيذ أو الحكم ببطلانه[3]

و انطلاقا من  القواسم المشتركة بين المحكم و القاضي الرسمي المبينة أعلاه، يمكن القول مبدئيا بتكافؤ الوظيفية القضائية لكليهما مما يبرر اكتساب الحكم التحكيمي لحجية الشئ المقضي به و إمكانية تذييله بالصيغة التنفيدية.

___________

[1]  سوالم سفيان، الطرق البديلة لحل المنازعات في القانون الجزائري، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق و العلوم السياسية،  قسم حقوق الجزائر، السنة الجامعية، 2011، ص 23

[2]  عيسى بادي سالم الطراونة، دور المحكم في خصومة التحكيم، رسالة الماجستير مقدمة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص، جامعة الشرق الاوسط، السنة الجامعية، 2011، ص 23.

[3]  محمد المختار الراشدي، اجراءات مسطرة التحكيم، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد117 نونبر-دجنبر2008، ص 28-24.