وجهة نظر

رسالة من جمال شيشاوي وعبد المطلب أعميار إلى حامي الدين

يبدو أن الزيارة المشؤومة (زيارة عبد اللطيف وهبي لسعد الدين العثماني) أيقظت فيكم من جديد حقيقة الإيديولوجية الدعوية التي تغرفون منها نموذج قيمكم، وتمثلاتكم،وأحكامكم. وكانت مناسبة لكي تؤكدوا من جديد لمن لا زال يحلم بالتمسح بكم، بأن الحقد الذي تكنوه للمشروع السياسي الذي أزعجكم، ومازال يزعجكم يجعلكم تنفثون من فمكم سموما تكشف ، في الجوهر، حجم الحقد الذي تخصون به حزب الأصالة والمعاصرة.

وفي الواقع، لم نكن نرغب في الرد عليكم، ولا النيابة عن أي جهة مفترضة، لأننا لم نتفاجىء في حقيقة الأمر بطبيعة الرد الذي تكلفتم به في سياق الزيارة المذكورة لأننا ندرك بأن المستهدف، في العمق،- كان ولا يزال- هو المسار الديمقراطي الذي فتح لكم السبيل للمشاركة في العملية الديمقراطية التي ناضلت من أجلها أجيال من الشعب المغربي، في الوقت الذي كان معلمكم “الخادم المطيع” يقدم الولاء للمخزن العتيق، في مرحلة الجمر الذي لولاه لما فتحتم أفواهكم اليوم.

ومن مفارقات الزمن السياسي، تذكيركم اليوم بأنه بعد الأحداث الإرهابية الدموية التي ضربت بلادنا، وكان لكم فيها نصيب “معنوي” ثابت لما أنتجتموه في خطاباتكم في الزوايا المظلمة عبر أجنحتكم وقنواتكم ومدارسكم من تكفيرية، واستئصالية،واستهداف للمؤسسات، وحينها كان التفكير منصبا في التشطيب عليكم من المشهد الحزبي الوطني، غير أن أصواتا من داخل البام ومن خارجه دافعت عن ” حقكم” في التواجد في المشهد السياسي. وقبلتم حينها بمكر وتقية لعبة الديمقراطية بالتقسيط، إلى أن استفردتم بالمؤسسات بفعل ” الربيع المخدوم ، وما زلتم تحلمون بالنصرة والتمكين. وإننا نعرف هذا جيدا، ولا يخامرنا في ذلك أدنى شك. ولعلكم تتذكرون ما قلتموه مؤخرا في إحدى لقاءاتكم الداخلية بأن الملكية ” لم تعد صالحة لأنها تعيق التنمية والتقدم.”، وطالبتم ب” التفاوض” من أجل إصلاح النظام الملكي ،حسب تعبيركم.

وحيث إنكم، في اتهاماتكم الجنائية الخطيرة لحزب الأصالة والمعاصرة سرقتم من معجم العدالة الانتقالية كثيرا من المفاهيم والمصطلحات من قبيل ” الكشف عن الحقيقة”،طي صفحة الماضي”،عدم التكرار”،” جبر ضرر الضحايا”، الاعتذار”…وهي مفاهيم نعتز بالانتماء لسياقها، وتبني طروحاتها، والانخراط في مساراتها، وتأسيس حزبنا على أساس توصياتها، غير أن هذه المفاهيم نفسها تسائلكم اليوم قبل أي أحد آخر، وأنتم متابعون في ملف جنائي يتعلق باغتيال ناشط طلابي ينتمي للفصيل القاعدي الشهيد ايت الجيد.ولن ندخل في تفاصيل وحيثيات حصولكم على “المقرر التحكيمي” للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان احتراما للمؤسسات، ولسلطة القضاء واستقلاليته.

واليوم، بقدر ما ندرك حاجة بلادنا المتجددة لحماية الاختيار الديمقراطي من كل المنزلقات والمخاطر، بقدر ما نزداد اقتناعا بأن الثقافة الاستئصالية التي تحرككم، كما حركتكم في الماضي، تعتبر سببا كافيا لوضع كل الخطوط الحمراء الممكنة ضد المشروع السياسي الذي تحملونه، وتشتغلون عليه، وتتحركون من أجله. أما فضائحكم المتجددة، في كل المناحي، فنترفع للتذكير بها في سياق هذا الرد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *