وجهة نظر

مشاهد البيضاء والتنشئة الاجتماعية

ما وقع في رحبة الدار البيضاء قبل حلول عيد الأضحى المبارك من سطو ونهب وعنف، يطرح أكثر من سؤال، حول من يتحمل مسؤولية الواقعة التي سوف تكون امتداداتها وتأثيراتها على صورة المغرب والمغاربة على السواء سلبية،

فهل الدولة عبر مؤسساتها التي تركت السوق بدون مراقبة، ما دفع بالشناقة إلى الرفع من أسعار الأضاحي بشكل أثار مشاعر المواطنين ودفعهم إلى اتخاذ هذا السلوك؟

أم هل مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي لم تقم بدورها في تربية الأجيال، ما جعلنا نشاهد مثل هذا الحادث وغيره من عنف وسطو وترهيب وسرقة و… في مجتمعنا المغربي؟

لمقاربة هذه الواقعة المخزية، وبالرجوع لبعض المشاهد التي تتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر جليا أن المتورطين في الفعل المشين تختلف باختلاف النوع: ذكورا وإناثا، وحسب السن: ما بين صغير وكبير وشاب ومسن، وبين متعاون على ارتكاب الفعل وتيسيره، وبين من تعبؤوا جماعة لاختلاس أكبر عدد ممكن من الأضاحي، هذا الأمر يجعلنا نتساءل بحيرة وريبة شديدتين عن رب أسرة يسرق أضحية ويدخلها لمنزله، ليتقرب بها إلى الله عز وجل؟

وعن أب يسمح لابنه سرقة أضحية دون أن يسأله عن مصدر واجبها، وعن تواطئ أب وابن، أو أم وابنها أو ابنتها على سرقة أضحية دون وازع أخلاقي أو ديني؟

أسئلة تجعلنا نستنتج أن النواة الأولى للتنشئة الاجتماعية في مجتمعنا المغربي تبقى محط علامة استفهام على ما تقدمه من أدوار فعالةدوالاأأ لفائدة بناء المجتمع من خلال تربية أبنائها على القيم السليمة،

ففي الوقت الذي يفترض أن تلعب فيه الأسرة دورا حاسما في بناء الأجيال، لما تقوم به من أدوار في تشكيل شخصية الفرد في مختلف المراحل العمرية، عن طريق تمكينه من الخبرات لتعزز ثقته بنفسه وتحقق استقلاليته، فإن مجموعة كبيرة من الأسر المغربية تخلت عن دورها في التربية تاركة إياه لمؤسسات أخرى كالشارع، أو المدرسة التي تبقى وحدها غير كافية للقيام بهذا الدور على الوجه الأمثل، ما جعلنا نشاهد مثل هذه المشاهد في مجتمعنا المغربي.

من جهة ثانية تبقى الدولة عبر مؤسساتها مسؤولة بشكل مباشر عن انهيار منظومة القيم وتراجعها لكونها اختارت، في تدبير مجموعة من القضايا المجتمعية للمقاربة الأمنية، بدلا عن المقاربة التربوية، ما يجعل أفقها في التأسيس لدولة الأمن والأمان والقيم النبيلة محدودا وقصير المدى.

من جهة ثالثة ومن خلال نفس الفيديوهات المتداولة، يتبين غياب مؤسسات الدولة سواء تلك المعنية بمراقبة الأسعار أو تلك المعنية بالحفاظ على النظام والأمن، ما جعل الفوضى هي سيدة الموقف في السوق، الأمر الذي يجعل طرح سؤال ربط المسؤولية بالمحاسبة مشروعا.

هذا كله يجعل من إعادة ترتيب أوراق الدولة وأولوياتها من الأمور الملحة، التي تجعل من دولة القيم والديموقراطية واحترام الغير بديلا عن الدولة الضابطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *