سياسة

خبير لـ”العمق”: تحرير المغرب للكركرات تصرف حكيم جاء بعد استنفاذ كل السبل السلمية

أمام استفزات ميلشيات” البوليساريو” الانفصالية في المنطقة العازلة الكركارات بالصحراء المغربية منذ ثلاثة أسابيع، وما تخلل ذلك من عرقلة للتنقل، قرر المغرب التحرك ليلة الخميس-الجمعة، “في احترام تام للسلطات المخولة له، من أجل وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري”.

وفي تعليق له على الموضوع، قال أحمد نور الدين، الخبير في ملف الصحراء، إن خطوة المغرب جاءت بعد استنفاده لجميع السبل السلمية والديبلوماسية، وبعد إقامته الحجة على مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ودول الجوار، وبالخصوص الجزائر التي تحرك وتحرض الانفصاليين، وكذلك بعد الاتصالات الدبلوماسية ببعض الدول الأوربية الصديقة، وبعد المراسلات الرسمية لمجلس الأمن والأمين العام الأممي بالتدخل لحل المشكل.

وأشار نور الدين في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن الخطوة جاءت كذلك بعد توثيق استفزازات وانتهاكات ميلشيات “البوليساريو” بالصوت والصورة، وهي الجهود التي لم تؤدي إلى أي نتيجة لإعادة النظام وفرض القانون وفرض احترام شروط اتفاق 1991، حيث كان من الطبيعي أن تتحرك القوات المسلحة الملكية لفرض القانون في المنطقة العازلة التي هي جزء لا يتجزأ من التراب المغربي.

وفيما أوضح أن ميلشيات البوليساريو تمادت لثلاثة أسابيع في استفزازاتها للجيش المغربي، بعد قطع الطريق على الشاحنات والمدنيين المغاربة والأفارقة، شدد المتحدث على أن المغرب، دائما في سياسته الخارجية، يفضل الحكمة والمنطق التي تتماشى مع العمق التاريخي والحضاري للمملكة.

وتابع قولع: “لذلك لا ينجر وراء الاستفزازات وردود الأفعال المتسرعة، ويفضل كما يقول المثل العربي “آخر الدواء الكي”، وهو ما نهجه في خطوته هاته، بعد أن ضربت ميلشيات البوليساريو القرارات الدولية عرض الحائط”.

أحمد نور الدين أبرز أيضا، أن المغرب، في إطار ما عبر عنه الملك محمد السادس في خطابه يوم 7 نونبر 2020، كان واضحا حيث أكد في عموم خطابه على أن المغرب دائما يتعامل بالمنطق والحكمة، ولا يتخذ إجراءات فيها عضلات إلا بعد استنفاد جميع الحلول السلمية والديبلوماسية، وهو ما ظهر جليا في بلاغ وزارة الخارجية الأخير.

وزاد قائلا:” إن الخطاب الملكي الأخير وجه رسائل مشفرة للجهات المعنية، حيث قال نحن نثق في الأمم المتحدة، أو مجلس الأمن بأنهم سيقومون بواجبهم، وهي إشارات مبطنة بأن الملك كان يطالبهم بالقيام بواجبهم، وحين عجزوا عن ذلك، وأصبحت الأمم المتحدة والمينورسو كأنها جمعية من جمعيات المجتمع المدني، مهمتها تدوين تقارير حول خروقات البوليساريو، قرر التحرك لإيقاف استفزازات ميلشيات البوليساريو”.

وأضاف بالقول: “نحن نعرف أنه يكفي انتهاك واحد، لكي يتحلل المغرب من العقد أو الاتفاق المبرم سنة 1991، ومطالبة المينورسو بإخلاء المنطقة، ولكن المغرب مارس ضبط النفس طيلة هذه المدة ومنذ الازمة الاولى سنة 2016”.

وأفاد الخبير أنه لا يمكن لأي دولة، على المستوى العالمي، أن تسمح لأشخاص معادين لها، أن يصلوا إلى حدودها، والتّماس والاحتكاك بجنودها واستفزازهم، دون أن تتخذ ردودا سريعة لتوقيف هذه التصرفات ودون إطلاق النار.

وأشار إلى أن رد فعل المغرب “وسام شرف على صدر الجيش المغربي”، وأن تحركه هذا، يأتي في إطار القانون، لأنه يتحرك في أراضيه، بحيث إن المنطقة العازلة هي منطقة مغربية، تركها المغرب بمحض إرادته سنة 1987، قبل بداية مسلسل التسوية الأممية وقبل اتفاق 1991.

وفي حديثه عن دور موريتانيا في هذا الصراع، عبر نور الدين، عن أسفه لرد فعل موريتانيا السلبي، موضحا أن جرائم جبهة لبوليساريو في حق الموريتانيين كثيرة، ومنها مقتل أزيد من ألفي موريتاني في الغارات التي شنتها الجبهة الانفصالية ضد موريتانيا ما بين 1975 و 1979.

وتساءل في السياق ذاته: “كيف للنظام الموريتاني، أن يستقبل بالورود والسجاد الأحمر وفود الكيان الوهمي، هل انعدمت الوطنية إلى هذا الحد لدى القيادة الموريتانية؟ هل نسي حكام موريتانيا جرائم التعذيب والاختطاف التي قامت بها جبهة تندوف ضد الموريتانيين؟”.

وخلص المتحدث ذاته، إلى أنه يتمنى أن تشمل هذه الخطوة التي اتخذتها المملكة، كل المناطق العازلة، وأن تشمل تيفاريتي وبئر الحلو، وكل المناطق التي تخرق قوات البولساريو القانون فيها، لتطهيرها، ولتعود الحالة إلى نصابها مع تحميل الجزائر كل المسؤولية عما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل.

يشار إلى أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أعلنت صباح اليوم الجمعة، أنه أمام الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة لميليشيات “البوليساريو” في المنطقة العازلة للكركرات في الصحراء المغربية، “قرر المغرب التحرك، في احترام تام للسلطات المخولة له.

واضاف البلاغ “بعد أن التزم بأكبر قدر من ضبط النفس، لم يكن أمام المغرب خيار آخر سوى تحمل مسؤولياته من أجل وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري.

وأشار البلاغ إلى أن “البوليساريو وميليشياتها، التي تسللت إلى المنطقة منذ 21 أكتوبر 2020، قامت بأعمال عصابات هناك، وبعرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، وكذا التضييق باستمرار على عمل المراقبين العسكريين للمينورسو”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *